06-أكتوبر-2022
فتاة هندية مسلمة في العاصمة

سياسات الحزب الحاكم الشعبوية تعمق أزمة المسلمين في الهند (Getty)

"لن يوظفوننا، إنهم يكرهوننا لأننا مسلمون. البعض يقول لنا في وجوهنا أننا أشرار، لذا غيرت اسم ابنتي كي يتماشى مع المجتمع الهندوسي والمسلم على حد سواء".

هذا ما قالته مووني بيغوم البالغة من العمر 50 عامًا. وأشارت إلى أنه كانت تبلغ من العمر 10 سنوات حينما أجبرتها والدتها على التخلي عن اسمها الأصلي واستبداله باسم آخر دون أن تفهم السبب وراء ذلك. 

"لا يعطوننا الماء لنشرب، لا يسمحون لنا باستخدام المراحيض، ويراقبوننا باستمرار، ويرفضون مصافحتنا أو لمسنا" وتابعت بالقول "لكن علينا أن نعمل وإلا متنا من الجوع"

كانت مووني ترافق والدتها أثناء قيامها بالعمل في تنظيف المنازل والطهو وتقديم خدمات الرعاية في العاصمة الهندية نيودلهي، وبعد مرور أعوام علمت مووني أنه يتعين على جميع النساء العاملات في عائلتها اختيار أسماء قريبة من الثقافة الهندوسية في أماكن العمل من أجل تجنب المضايقات وتأمين سبل العيش، بحسب تقرير لموقع الجزيرة الإنجليزية الالكتروني.

وفي ذات السياق، تتذكر بيغوم والدتها، العاملة المنزلية، والتي كانت ترتدي ثياب الساري والبندي المرتبطين بالثقافة والتقاليد الهندوسية. وأما أختها، العاملة المنزلية أيضًا، فقد كانت "تعمل خلال إجازة عيد الفطر الإسلامي بهدف إبعاد الشبهات والشكوك عنها". وتابعت بالإشارة إلى أنها واجهت الكثير من التمييز والإهانات أثناء عملها في منازل الهندوسيين وأتباع الديانة اليانية.

تحكي بيغوم حادثة حصلت معها أثناء طفولتها عندما قامت بإلقاء التحية الإسلامية (السلام عليكم) عن طريق الخطأ أمام أصحاب العمل الهندوسيين فقامت والدتها بتوبيخها قائلة لها "اخرسي. استخدمي تحية النامستي الهندوسية"، وتشير بيغوم "أظن أنني سببت مشكلة لوالدتي حينها".

يبلغ عدد سكان الهند حوالي مليار ونصف المليار نسمة، 15% منهم مسلمون، أي ما يقرب 150 مليون شخص. وتقدر منظمة العمل الدولية عدد العمال المنزليين ما بين 20 مليون إلى 80 مليون شخص، في مقابل تقدير الجهات المحلية الهندية عدد العمال المنزليين بنحو 5 مليون شخص فقط. ووفقًا لدراسة أجراها معهد الدراسات الاجتماعية، فإن تسع نساء من أصل 10 نساء من العاملات المنزليات في الهند ينتمين للديانة الإسلامية، وأشارت الدراسة إلى أن انخراط نسبة كبيرة من النساء المسلمات في الأعمال غير الرسمية البعيدة عن الرقابة والضمان الاجتماعي. 

وأشار تقرير أعدته منظمة العمل الدولية العام الفائت، إلى أن التحديات التي تواجه العاملات المنزليات في الهند "متنوعة وعديدة"، وأضاف التقرير إلى أنهن "يعانين من غياب شبكات الأمان الصحية والاقتصادية والاجتماعية والتعنيف وعدم المساواة على أساس الجنس والدين والطبقة". أحد القادة المجتمعيين ممن ساهموا بإعداد التقرير المذكور أعلاه، صرحت بالقول "يبدو أن كل الجهود للتغلب على النبذ لم تفلح، ونحني نشعر بتجاهل وإحباط بسبب هذه الممارسات". وأضافت "لا يعطوننا الماء لنشرب، لا يسمحون لنا باستخدام المراحيض، ويراقبوننا باستمرار، ويرفضون مصافحتنا أو لمسنا" وتابعت بالقول "لكن علينا أن نعمل وإلا متنا من الجوع".

ومن مظاهر التمييز التي يمارسها أصحاب العمل بحق العاملات المنزليات بسبب هويتهن الدينية منعهن من استخدام المراحيض وتخصيص مكان منفصل لهن لتناول الطعام، ومنعهن من استعمال المراحيض أو دخول المطابخ أو أماكن العبادة. ولا يقتصر استبدال الأسماء على النساءـ بل يطال أطفالهن وأزواجهن في حال كانوا يعملون في المكان نفسه، وبذلك تصبح العائلة بأكملها في مواجهة هذا الصراع الهوياتي.

وأما شابانا رائيل، 28 عامًا، فتقول بأنها اضطرت لترك عملها بسبب التمييز الذي لحق بها. تدلي برأيها في المسألة "في كل مكان أذهب إليه يسألونني عن هويتي الدينية"، وتضيف "لدي خبرة في الطهو لكن من الصعب الحصول على وظيفة لأنني مسلمة"، وتابعت حديثها "قيل لي بشكل واضح أنني لن أحصل على وظيفة لأنني مسلمة، ولأن المسلمين منبوذون بالنسبة للبراهمة، وهم لا يسمحون لنا حتى بدخول منازلهم". وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على حجم التحيز في عملية التوظيف بحق النساء العاملات المسلمات، بحسب ما تفيد جمعية ليد الهندية.

شاشي تشودري، مدير وكالة توظيف في نيودلهي، علق على القضية مشيرًأ إلى أنه "من بين جميع عملائي، هناك واحد فقط وظف عاملة منزلية مسلمة"، مضيفًا: "الكثير من الفتيات والفتيان المسلمين يتصلون بي للعمل. لكن ماذا أفعل؟ لا أحد يريد توظيفهم".

لكن على المقلب الآخر، هناك تجارب لنساء حالفهن الحظ بالعمل لدى عائلات هندوسية طيبة كما تشير العاملة المنزلية بارفين. وتشير بالقول "أنا شخصيًا لم أواجه أبدًا المشاكل التي واجهها أفراد عائلتي، ولقد عملت لدى العديد من العائلات الطيبة، الهندوسية والمسلمة على حد سواء".

النبذ والتمييز يطال العمال الهندوس الفقراء من قبل أرباب العمل المنتمين إلى طبقات متوسطة وعليا

وما يجب معرفته أيضًا إلى أن النبذ والتمييز يطال أيضًا العمال الهندوس الفقراء من قبل أرباب العمل المنتمين إلى طبقات متوسطة وعليا. لذلك، فالتمييز ذو أبعاد عدة ومتشعبة تخضع لعناصر الانتماء الطائفي والطبقي والإثني. ومع ذلك، هنالك من يشير إلى أن جيلًا جديدًا صاعدًا من الشابات في الهند يحاولن مواجهة الوصمة الاجتماعية والتغلب عليها عبر عدم إخفاء هوياتهن الدينية.