23-فبراير-2023
getty

عادةً ما يقلل من تأثير السياسة الخارجية على الانتخابات الأمريكية (Getty)

كانت زيارة بايدن لكييف محملة بالعديد من الرمزيات والرسائل، لعلّ أبرزها أنه أعلن من خلالها بشكل جلي استعداده لولاية رئاسية ثانية، فقد كانت الزيارة المحفوفة بالمخاطر، حسب عدة وسائل إعلام غربية،  ردًا على كل من يهمس خلف الكواليس وأمام الشاشات في واشنطن أن سن بايدن أصبح أكبر من استمراره في البيت الأبيض ورئاسة الولايات المتحدة.

كانت زيارة بايدن لكييف محملة بالعديد من الرمزيات والرسائل، لعلّ أبرزها أنه أعلن من خلالها بشكل جلي استعداده لولاية رئاسية ثانية

وفي سياق الزيارة، تطرح صحيفة الغارديان البريطانية، سؤالًا، حول "زيارة بايدن التاريخية لكييف"، ومدى إمكانية تأثيرها على الانتخابات الرئاسية القادمة في نهاية عام 2024، وهل ستضمن وصول بايدن للبيت الأبيض من جديد في ولاية ثانية.  وحتى الآن، لم يعلن بايدن عن نيته رسميًا الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة.

وبحسب صحيفة الغارديان، فإن زيارة بايدن هي من اللحظات التاريخية، وتقول: "كانت رحلة بايدن عبر القطار بمثابة بيان تاريخي صريح، ولو غير منطوق، يضاهي البيانات التاريخية التي ارتبطت بلحظات فارقة على غرار خطاب كينيدي في برلين 1963 الذي تضمن جملته الشهيرة "أنا برليني"، كتعبير عن مناهضة الشيوعية والاستماتة في الوقوف مع ألمانيا الغربية في ذروة الحرب الباردة".

getty

وتضيف الصحيفة البريطانية، مشيرةً إلى خطاب ريغان بعد ذلك في عام 1987 قبل سقوط جدار برلين بعامين عندما خاطب غورباتشوف أمام بوابة براندنبورغ، بالقرب من جدار برلين، قائلًا: "يا سيد غورباتشوف، افتح هذه البوابة. يا سيد غورباتشوف، اهدم هذا الجدار"، حيث اتخذ ذلك النداء فيما بعد "طابع ضغط دولي مورس على موسكو على نحو متزايد لكي تفي بوعودها بالانفتاح والإصلاح، وبالفعل فقد سقط الجدار، بعد عامين من ذلك التاريخ، أي في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989.

وتتابع الصحيفة، قولها إن بايدن لم يستخدم أيّ عبارة مشابهة لعبارتيْ كينيدي وريغان لكن وقوفه في قلب كييف كان بحد ذاته عبارة واضحة وضوح موقفيْ وعبارتيْ كينيدي وريغان بالالتزام بدعم أوكرانيا حتى النصر كما صرّح بذلك في وارسو بعد عودته من أوكرانيا.

أثناء ذهابه إلى كييف كان بايدن، حسب الغارديان، يدخل منطقة حرب ويضع سلامته في أيدي القوات المسلحة الأوكرانية، وكذلك القوات المسلحة الروسية. تلقت موسكو تنبيهًا قبل ساعات قليلة من عبوره الحدود. كان الحساب هو أن فلاديمير بوتين لن يخاطر بسابقة الاغتيال الرئاسي أو الحرب الشاملة في هذا الشأن. حساب معقول ولكنه ينطوي على خطورة كبيرة مع ذلك، حسب تقرير الغارديان. 

getty

كانت شجاعة القيام بالرحلة، حسب الغارديان، مشفوعةً بالكفاءة، حيث أحيطت بسرية تامة ولم تتسرب إلى الإعلام، كما عززت الزيارة "مطالبة بايدن بقيادة العالم الحر ".

لكن السؤال الأصعب الذي يجب الإجابة عليه - وقد يستغرق أسبوعًا أو أسبوعين قبل أن تتضح النتيجة - هو ما إذا كان هذا الموقف وهذه الزيارة التاريخية ستنعكس على حظوظ بايدن الانتخابية داخل الولايات المتحدة؟ علمًا بأن شعبيته لم انخفضت نتيجة الضربة التي عانى منها بسبب الانسحاب "غير المنظم" من أفغانستان ، والتضخم وصدمة أسعار الطاقة.

ففي متوسط استطلاعات الرأي الأخيرة، يفوق عدد الأمريكيين غير الراضين على أدائه عدد أولئك الراضين بنسبة 52% إلى 42%.

ومرد جزء كبير من عدم الرضى العام هو أن بايدن في الثمانين من عمره، إلا أن المظهر الجريء الذي ظهر به في كييف وهو يتجول في المدينة مرتديًا نظارات شمسية إلى جانب فولوديمير زيلينسكي، في عطلة يوم رؤساء الولايات المتحدة، قد يكون كفيلًا بمعالجة ذلك التصور والانطباع  المشكك في كفاءته الجسدية والذهنية.

بحسب صحيفة الغارديان، فإن زيارة بايدن هي من اللحظات التاريخية، وتقول: كانت رحلة بايدن عبر القطار بمثابة بيان تاريخي صريح، ولو غير منطوق، يضاهي البيانات التاريخية التي ارتبطت بلحظات فارقة

المقابل، يستغل أعضاء الحزب الجمهوري زيارة بايدن لأوكرانيا، في دعاية مفادها أن نشاط بايدن الخارجي يعني أن تخلى عن أمريكا داخليًا. وفي كل حال، تُذكر الصحيفة بالحكمة التقليدية في أمريكا، والتي عززتها عقود من الاقتراع، وهي "أن السياسة الخارجية لا تتسبب بالتأثير في الانتخابات الرئاسية". واختتم التقرير، بالقول: "سوف يسجل التاريخ رحلة القطار إلى كييف، لكن صناعة التاريخ لا تفوز بالضرورة في الانتخابات".