21-سبتمبر-2016

من أمام الحرم الجامعي

فارغة تمامًا ساحات جامعة بيرزيت على غير ما يجب أن تكون في هذه الأيام، فبقرار من الطلبة لن تحل السلاسل عن أبواب الجامعة إلا بتراجع الإدارة عن رفع الأقساط بقيمة دينارين للساعة الواحدة على الطلبة القدامى، وأربعة دنانير على الطلبة الجدد.

حسام منصور طالب سنة خامسة في تخصص الهندسة الميكانيكية يواصل اعتصامه وعدد من الطلبة الذين يمثلون الأطر الطلابية في ساحات الجامعة منذ يوم 25 آب/أغسطس، إذ يبيت في الجامعة ولا يغادرها منذ ذلك الحين، يقول: "نحاول أن نعبد الطريق أمام الطلبة الذين يطمحون للالتحاق بجامعة بيرزيت، دون أن تقف الأقساط كعائق أمام أحلامهم". 

يتحدث طلاب جامعة بيرزيت عن شهرين من المفاوضات أفشلهما تعنت الإدارة ويصرون على رفض رفع الأقساط

مجلس الطلبة الذي يمثل 11 ألف طالب ومنذ اتخاذ إدارة الجامعة قرارها في الأول من تموز/يوليو الماضي، باشر بخطوات احتجاجية تصاعدت وتيرتها وصولا لإغلاق أبواب الجامعة والإضراب المفتوح مع عدم التواجد للطلبة في الجامعة، ثم الإضراب عن الطعام من قبل الطلبة المعتصمين.

"على مدار الشهرين الماضيين ونحن ننظم الفعاليات الاحتجاجية، ونعقد الاجتماعات مع إدارة الجامعة التي لم تتعامل بجدية مع مطالبنا، وبالتالي لم نتوصل لنتيجة" يقول أحمد العايش، رئيس مجلس الطلبة، لـ "الترا صوت".

اقرأ/ي أيضا: جامعة بيرزيت مغلقة بقرار طلابي وسط اتهامات متبادلة

ويبين العايش أن الأزمة المالية للجامعة المستمرة منذ سنوات لا يجوز حلها على حساب الطلبة، مضيفًا، "نسعى لتصحيح مسار حل الأزمة المالية التي تتحملها السلطة الفلسطينية بشكل أساسي، ثم نقابة العاملين وما تم اتخاذه من قرارات ساعية لرفع غلاء المعيشة".

جامعة بيرزيت

(70-50) طالبًا من كافة الأطر الطلابية يعتصمون على مدار الساعة داخل ساحات الجامعة بعدما نصبوا الخيام للمبيت بها. يقول العايش: "قدمنا طروحات منطقية ونحاول الوصول لنقطة وفاق مع الجامعة، إلا أنها ترفض الاستجابة لمطالبنا، بل بادرت لكسر الإرادة الطلابية وفتح أبواب الجامعة دون الاستجابة لمطالبنا"، مشيرًا إلى "تسويف ومماطلة هدفهما الالتفاف على حقوق الطلبة"، وفق تعبيره.

ومن بين الطروحات التي قدمت لفك الإضراب، تجميد قرار رفع الأقساط واستئناف الدوام، على أن ينظر بقرار رفع الأقساط مع مجلس الطلبة حتى نهاية الفصل الأول، إلا أن الجامعة رفضت ذلك.

فيما قدمت الجامعة طروحات "تسعى لترسيخ العبء المالي على الطالب، تمثلت برفع الأقساط على عدة سنوات بنسبة معينة، وهو ما يرفضه الطلبة"، كما يقول العايش.

جامعة بيرزيت

10 سنوات من الاحتجاجات

المواجهة التي يخوضها الطلبة ضد قرار رفع الأقساط ليست الأولى، بل جاءت امتدادًا لإضرابات طويلة مشابهة خاضتها الكتل الطلابية في سنوات سابقة، لكنها لم تنه المشكلة من جذورها، كما يقولون.

ففي عام 2006 سجل مجلس الطلبة تحركًا لافتًا ضد سياسة إدارة الجامعة المتعلقة بآليات تقسيط الأقساط للطلبة المحتاجين، ليحقق انتصاره بعد أقل من 10 أيام فاتحًا أبواب التسجيل لـ 40% من الطلبة الذين تأخروا عن الالتحاق بالفصل الدراسي حينها.

الصحفي محمد القيق رئيس مجلس الطلبة للعام الدراسي 2006/2007، بين لـ "الترا صوت"، أن ما يميز الأزمة الحالية في الجامعة أنها تطال كافة الطلبة وليس فئة معينة كما في السابق، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات الطلابية كانت بالعادة تمتد من ثلاثة أيام إلى أسبوع فقط وتتكلل بانتزاع الحقوق المطلوبة.

وأوضح القيق، أن الجامعة رفعت الأقساط خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة 70%، "وهو ما يخطر بالتحول إلى جامعة تجارية هدفها جمع المكاسب المالية".

في عام 2012، وبعد عدة فعاليات احتجاجية نجح مجلس الطلبة في منع إدارة الجامعة من رفع الأقساط، إلا أنها عادت لقرارها بعد أقل من عام، ليرد مجلس الطلبة بإغلاق أبواب الجامعة وإعلان الإضراب الشامل، ثم ينتهي الأمر برفع جزئي للأقساط.

أما خلال عامي 2014-2015، فقد قررت الجامعة اتباع طريق جديد لحل أزمتها من خلال تخفيض معدلات القبول ورفعت عدد الطلاب المقبولين، وهو ما أتاح لها دخلًا أكبر، إلا أنها عادت لتطبيق قرار رفع الأقساط معلنة عدم نجاح خطة العام الماضي لتخطي الأزمة.

تصعيد طلابي بالأمعاء الخاوية

أربعة من الطلبة المعتصمين داخل الجامعة أعلنوا خوض الإضراب المفتوح عن الطعام، كخطوة جديدة للضغط على إدارة الجامعة الرافضة العدول عن قرارها.

"اضطررنا لخوض الإضراب عن الطعام لحرق مراحل الإضراب واختصارها في ظل تعنت الجامعة"، يقول إبراهيم أبو صفية منسق الرابطة الإسلامية.

إبراهيم أحد المضربين عن الطعام، بيَّن لـ "الترا صوت" أن هذه الخطوة جريئة وصعبة إلا أن الطلبة اختاروها في محاولة لتحقيق مطالب زملائهم بعدم رفع الأقساط. يقول: "هو خيار الضرورة كان لا بد من سلوكه للضغط على إدارة الجامعة لتتراجع عن قرارها".

اقرأ/ي أيضا: ماجستير الدراسات الإسرائيلية ببيرزيت: أول من نوعه

فيما علق يوسف البرغوثي منسق حركة الشبيبة الطلابية، "خطوة الإضراب عن الطعام جاءت نتيجة مماطلة إدارة الجامعة في الاستجابة لمطالب الطلبة وعدم تقديمها حلولا جذرية ومنطقية، وبسبب بياناتها الأخيرة التي حملت تهديدًا للطلبة الذين يقودون الاحتجاج بملاحقتهم قانونيًا".

وأضاف البرغوثي لـ "الترا صوت"، "نأمل بإضرابنا الوصول إلى حل جذري متمثل بإلغاء القرار .. وإذا استمرت الجامعة في تعنتها فستدخل دفعات جديدة من الطلبة بالإضراب"، مؤكدًا أن على إدارة الجامعة تحمل تبعات هذه الأزمة.

في حين أصدر مجلس الجامعة بيانًا بخصوص استمرار الإضراب ظهيرة 21 أيلول/سبتمبر جاء فيه قرار بإلغاء الدورة الصيفية 2016/2017، بعد أن ركز على اعتبار موظفي الجامعة من الأكاديميين والفنيين والإداريين في إجازتهم السنوية، وفق حق المجلس بإعطاء الإجازة السنوية في غير موعدها المحدد حسبما ينص عليه نظام الهيئة الأكاديمية، بالتالي اعتبر صباح السبت 24 أيلول/سبتمبر موعدًا لبدء الإجازة السنوية للموظفين، وهذا في ظل عدم توصل مجلس الجامعة إلى أي منافذ مرتقبة لخروج الجامعة والطلبة من الأزمة الحالية.

هل تُرك الطلبة وحدهم؟

ورغم أن الأطر الطلابية في جامعة بيرزيت هي أذرعة طلابية لفصائل وأحزاب سياسية، إلا أن الفصائل لم تتدخل بشكل مباشر لحل الأزمة، كما هو الأمر بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني. فيما يتحدث الطلبة عن زيارات يومية لهم من قبل الأهالي وأسرى محررين وأكاديميين في الجامعة.

ويرى البرغوثي أن المجتمع المحلي مطالب "بتفاعل جدي وكبير وحقيقي مع أزمة جامعة بيرزيت التي تطال آلاف الطلبة الذين يرتادون الجامعة، وسيلتحقون بها في السنوات المقبلة".

الأطر الطلابية في جامعة بيرزيت أذرع لفصائل وأحزاب لكن الأزمة لم تجد أي مبادرات للحل من قبل هذه الجهات

ويحذر محمد القيق من تغيب المجتمع المدني عن هذه الأزمة، "إذ سيقود إدارة الجامعة للتمادي في سياساتها"، وفق قوله.

وأضاف، "هذه البقعة المضيئة في المجتمع لم يأبه بها أحد، وفي ذروة أزمتها لم تطرق الفصائل والحكومة بابها... هم فقط يهتمون بها عندما تقرع سياسيًا".

من جانبه، بين القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد العوري، أن مسألة أزمة جامعة بيرزيت مطروحة ويتم نقاشها في جميع الفصائل، مضيفًا: "الفصائل تتبنى موقف الطلبة وتوجهنا به لإدارة الجامعة التي ألقت المسؤولية على الحكومة الفلسطينية التي لم تفِ لها بالتزاماتها المالية".

وقال العوري لـ "الترا صوت"، إن دور الفصائل اقتصر على "تقريب وجهات النظر بين الطلبة وإدارة الجامعة"، مشددًا على ضرورة التوصل لحل قريب للأزمة بعدما بات الفصل الدراسي مهددًا بالفشل.

جامعة بيرزيت

كما اعترف الأمين العام للمبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي بأن المبادرة لم تقدم أي مبادرات، بل حاولت تقريب وجهات النظر وتوحيدها وصولا لحل للأزمة.

وأضاف البرغوثي لـ "الترا صوت"، أنه اجتمع ومجلس الطلبة في اليوم السابع والعشرين على إغلاق أبواب الجامعة، واستمع لمطالبهم.

ولم يتسن لنا الحصول على توضيح حول التقصير الفصائلي من حركتي فتح وحماس.

وعلم "الترا صوت" أن مبادرة وضعتها نقابة العاملين بالجامعة مؤخرًا على طاولة الإدارة، ويجري بحثها وسط تفاؤل بإمكانية إنهاء الأزمة قريبًا، إلا أن مجلس الطلبة نفى التوصل لحل للأزمة وإنهاء الإضراب حتى مساء أمس، مكتفيًا بالقول إن أي تطورات ستحدث سيتم الإعلان عنها فورًا.

اقرأ/ي أيضًا:

40 معتقلا.. الهجمة الإسرائيلية على "التجمع" تتواصل

استهداف "التجمّع": ما قبله وما بعده