01-ديسمبر-2023
نازحون في قطاع غزة

غزّاويون ينزحون بعد قصف الاحتلال جنوب قطاع غزة (الترا صوت)

هارون هاشم رشيد (1927 – 2020) شاعر فلسطيني من مواليد حي الزيتون في مدينة غزة. يُعد من أبرز الشعراء الفلسطينيين الذين عايشوا النكبة وانشغلوا بتوثيق المأساة التي ترتبت عليها من قتل وتدمير وتهجير، إضافةً إلى العودة التي كتب عنها قصائد عدة، لعل أشهرها "سنرجع يومًا" التي غنّتها فيروز: "سنرجع يومًا إلى حيّنا/ ونغرق في دافئات المُنى".

لُقّب رشيد بشاعر النكبة، والعودة، والثورة على اعتبار أنها المواضيع التي شغلت الحيز الأكبر من منجزه الشعري، الذي وثّق فيه أيضًا هموم ومعاناة أبناء شعبه.

القصيدة المختارة هنا "أين المفر؟!" نُشرت لأول مرة في العدد 1017 من مجلة "الرسالة" (29 كانون الأول/ ديسمبر 1952)، وقد أهداها رشيد إلى اللاجئين/ المهجّرين الذين كان ممن استقبل من هُجِّر منهم إلى غزة من قِبل العصابات الصهيونية عام 1948.


أين المفر؟

هتف الموت وهو ناب وظفر

لا مفر، من قبضتي لا مفر

 

وعوت تصرخ الرياح وهبّت

عصفات جموحة لا تقر

 

والرعود الرعناء ملء قم الكون

دوى على الفضاء وزأر

 

فإذا الرحمة استحالت بلاء

وإذا الكون واجهم؛ مكفهر

 

وإذا الماء جامح يغمر الأض

ويطغى جموحه المستمر

 

رب أم حنت على طفلها البكر

وضمته وهي خوف وذعر

 

ألصقته بصدرها خشية الموت

وهل يدفع المنية صدر؟!

 

وعجوز هوى الجدار عليها

فإذا بيتها المهدم قبر!

 

ويتيم.. قضى أبوه شهيدًا

فهو من بعده دموع وفقر

 

هدمت فوقه العواصف بيتًا

هو في واقع الحقيقة جحر

 

وفتاة مكلومة القلب تبكي

فقد خدر وما حواه الخدر

 

وصغار مشردين بلا أهل

تراموا على الطريق ومروا

 

وكثيرين قد أفاقوا حيارى

ما لهم ملجأ ولا مستقر

 

هتفوا بالسماء أن تحبس أن الغيث

وهيهات أن يغيّض بحر

 

ليت شعري أين الذين رموهم

في جحيم العذاب وفروا؟!

 

أين من صوروا بيوتًا من الطين

وقالوا: هنا يطيب المقر!؟

 

هم مقيمون في الديار نشاوى

ونداماهم حسان وخمر

 

ومئات الجنيهات قالوا:

هي أجر لما أتوه وشكر

 

وهم المجرمون قد جلبوا الشر

وقالوا: بأن ذلك خير

 

نسل "جونبول" هؤلاء فمنهم

غمر الظلم شرقنا والنكر

 

إنهم يضربون في ظلمة الليل

وقد مزق الدياجير فجر

 

الشعوب استفاقت اليوم يهدي

خطوها للعلا وللحق ثأر

 

فأسود في أرض مصر تنادي

إنها "مصر" درة الشرق مصر

 

سوف تلقي بالظالمين إلى البحر

ويسمو بها إلى المجد نصر

 

أيها المسلمون قد جمع الباغي

ففي سمعه عن الحق وقر

 

أنقذوا، أنقذوا البقية منا

فهنا الموت جائم مستقر.