17-يناير-2024
أهداف متعارضة للجيش

(Getty) تتصاعد الانقسامات في حكومة الحرب الإسرائيلية، وبالأخص في قضية صفقة التبادل

تتحول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى فخ استراتيجي، إذ تفشل إسرائيل في تحقيق أهداف متعارضة، لا سيما مع وجود خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية حول الموقف من صفقة التبادل، وعدم تحقيق أي تقدم فعلي على صعيد أي "إنجاز" على الأرض، مما يتيح الإمكانية إلى بروز الخلافات الداخلية بشكلٍ أكبر.

قال المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل: "إن الهدفين الرئيسيين للحرب في قطاع غزة، تفكيك قدرات حماس وخلق الظروف الملائمة لعودة الرهائن. لا يتصادمان فقط، بل إن جداولهما الزمنية ليست متوافقة".

وأضاف هارئيل: "بعد 7 أكتوبر ، خطط الجيش الإسرائيلي لحملة من أربع مراحل. المرحلة الثالثة، التي سيتم فيها تقليص حجم القوات في غزة وانتقال الجيش إلى عمليات أكثر جراحية، كان من المفترض أن تبدأ خلال ثلاثة أشهر بعد بدء الحرب. بالفعل، فإن الجيش ينتقل تدريجيًا إلى هذه المرحلة الآن. لكن كبار الضباط يقولون إن عدة أشهر أخرى من القتال بهذا الشكل المحدود ضرورية قبل أن يستقر الوضع في غزة ويختفي التهديد العسكري الذي تشكله حماس بعد تفكيك جزء كبير من قدراتها العسكرية"، وفق قوله.

أكد هارئيل وجود خلافات داخل حكومة الحرب الإسرائيلية، إذ أن حكومة الحرب منقسمة حول صفقة التبادل

وأوضح: "مع ذلك، فإن هذا الجدول الزمني لا يتوافق مع الخطر الحقيقي والمتزايد على حياة المحتجزين المتبقين في غزة. وفي الوقت الراهن، لا تؤدي عمليات الجيش إلى عودتهم، وتخشى عائلاتهم أن تؤدي العمليات إلى مقتلهم".

يشير هارئيل إلى موقف وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، وزعمه بأن "الضغط العسكري المستمر على حماس هو وحده الذي سيؤدي إلى صفقة أخرى، وأنه بدون هجوم الجيش الإسرائيلي، لن يحدث شيء. ويشارك قسم كبير من ضباط الجيش هذا الرأي، على الرغم من أن معظمهم أقل إصرارًا من غالانت".

ويستمر هارئيل بالقول: "يواصل بنيامين نتنياهو ترديد شعاراته الفارغة "سنقاتل حتى النصر"، ولكن في حالته، ينبع هذا بالأساس من اعتبارات البقاء السياسي. ويدرك نتنياهو أنه على الرغم من الدعم الشعبي المتزايد لصفقة قد تتضمن تنازلات صعبة، فإن مثل هذه الصفقة من شأنها أن تؤدي إلى تفكيك حكومته، لأن شركائه اليمينيين المتطرفين من المرجح أن ينسحبوا بسببها".

وأكد هارئيل وجود خلافات داخل حكومة الحرب، بالقول: "حكومة الحرب منقسمة حول هذه القضية. فمن جهة هناك نتنياهو وغالانت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الذين يعارضون صفقة من شأنها أن تشمل وقف إطلاق النار لفترة طويلة والإفراج الجماعي عن آلاف السجناء الفلسطينيين. ومن جهة أخرى، يوجد وزيرا حزب الوحدة الوطنية، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، والمراقب من حزب شاس أرييه درعي. ويبدو أنهم يؤيدون مثل هذه الصفقة، حتى على حساب إنهاء القتال"، مشيرًا إلى أن ذلك يعني "إلى حد كبير الاعتراف بانتصار حماس في هذه الجولة".

وحول هذه الخلافات، قال إن حجة فريق غانتس ترتكز على "الالتزام الأخلاقي للدولة تجاه المحتجزين، الذين تُركوا بسبب إخفاقات استراتيجية ودفاعية ذات أبعاد هائلة".

ويرتبط ذلك بالحالة الميدانية، إذ قال هارئيل: "هناك أيضًا تحفظات بشأن سير الحملة العسكرية. لكن العملية الكبرى للفرقة 98 في خانيونس، التي يقودها دان جولدفوس، والذي يُصر على استكمالها، للعثور على كبار مسؤولي حماس والمحتجزين لم تسفر عن أي نتائج مباشرة حتى الآن. القتال يدور ببطء وحذر". 

قلق الأمن من نتنياهو

وفي هذا السياق، قال هارئيل: "في هذه الأثناء، هناك إحباط هائل يختمر في الرتب العليا في الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك". ويكمن خوفهم في أن الاعتبارات السياسية لنتنياهو تؤدي بالفعل إلى تآكل ما تم تحقيقه حتى الآن".

وذكرت القناة 13 أن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي، حذر الحكومة من أن رفضها وضع استراتيجية لغزة ما بعد الحرب قد يؤدي إلى جر الجيش إلى عمليات جديدة في المناطق التي انتهى فيها القتال بالفعل. وأوضح هارئيل "يتعلق هذا التحذير بشكل رئيسي بشمال غزة، حيث أظهرت حماس مرة أخرى بعض علامات الحكم منذ أن قام الجيش الإسرائيلي بتقليص قواته". متابعًا القول: "لقد أشار هاليفي إلى الشلل الذي ينبع في المقام الأول من حقيقة أنه لم يتم مناقشة "اليوم التالي"، ويرفض نتنياهو بشدة أن يقول الكلمات الثلاث التي تريد الإدارة الأمريكية سماعها: "سلطة فلسطينية متجددة ". هذا هو من تريده واشنطن أن يدير غزة في المستقبل، إذا كان من الممكن تقليص قوة حماس أكثر".

وعلق على موقف نتنياهو، بالقول: "من الطبيعي أن يرفض نتنياهو. فهو يتعرض لضغوط من أعضاء ائتلافه إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ويريد توحيد قاعدته اليمينية خلف ادعائه بأنه هو الوحيد القادر على منع إقامة دولة فلسطينية. ومن الواضح أيضًا أنه يريد احتكاكًا مستمرًا مع إدارة بايدن، على افتراض أنه سيتمكن بذلك من إلقاء اللوم على الأمريكيين بسبب الفشل في تحقيق أهداف الحرب أثناء انتظار فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر"، وفق هارئيل.

وتابع في سياق حديثه عن نتنياهو ورفض السلطة الفلسطينية، قائلًا: "لا يقتصر رفضه المتعمد للسلطة الفلسطينية على غزة. وحذرت جميع الأجهزة الأمنية من انفجار كبير وشيك في الضفة الغربية بسبب عدم تحويل عائدات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية ومنع الفلسطينيين من العمل في إسرائيل. لكن نتنياهو تجاهلها للأسباب نفسها التي جعلته يتجنب الدفع بصفقة الرهائن أو مناقشة ترتيبات ما بعد الحرب".

توتر الجبهة الشمالية

أمّا عن الاشتباك المتواصل بين حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي، قال هارئيل: إن الوضع "على الحدود اللبنانية، لم يخرج الوضع عن السيطرة بعد. ولكنه يزداد صعبةً وسوءًا مع استمرار الاشتباكات".

وأضاف: "من الناحية العملية، خلقت نيران حزب الله منطقة أمنية داخل إسرائيل تمتد على بعد بضعة كيلومترات من الحدود. لقد ردت الحكومة بخطابات فارغة، وهجمات الجيش الإسرائيلي على حزب الله، رغم أنها حادة ودقيقة، لم تغير الوضع بشكل جذري".

عن السيناريوهات الإسرائيلية، يقول: "يشك أنصار صفقة التبادل [أي فريق غانتس] في أنها ستحل المشكلة في الشمال أيضًا. ومن وجهة نظرهم، فإن حزب الله يفضل إنهاء الاشتباكات دون حرب، وبالتالي سوف يغتنم الفرصة إذا انتهى القتال في غزة. وقد يوفر ذلك الوقت أيضًا لمبادرة دبلوماسية أميركية تهدف إلى إخراج قوات حزب الله من الحدود. وإذا فشلت هذه الجهود، على الأقل سيكون لدى الجيش الإسرائيلي الوقت للاستعداد لحرب شاملة في لبنان".

الاقتراب من الانقسام

ويعود هارئيل، إلى نطقة الخلاف داخل إسرائيل، قائلًا: "في ظل غياب أخبار من غزة أو أي علامة على المرونة من جانب حماس، يبدو أن لدى غانتس وآيزنكوت بضعة أسابيع أخرى فقط قبل أن يصلا إلى لحظة الحقيقة. قرار بشأن ما إذا كان سيتم الاستقالة من الحكومة احتجاجًا على عدم إحراز تقدم في كل من صفقة التبادل وترتيبات ما بعد الحرب".

وأضاف: "من الممكن أن يؤدي ذلك في الواقع إلى توحيد نتنياهو وشركائه اليمينيين، في ظل عدم وجود أي خيار سياسي آخر. ولكن قد يكون هذا أيضًا إشارة لاندلاع احتجاجات حاشدة، وهو ما توقعه الكثيرون بعد إخفاقات 7 أكتوبر، لكنها لم تتحقق بعد".

يشير هارئيل، إلى موقف وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، وزعمه بأن "الضغط العسكري المستمر على حماس هو وحده الذي سيؤدي إلى صفقة أخرى، وأنه بدون هجوم الجيش الإسرائيلي، لن يحدث شيء. ويشارك قسم كبير من ضباط الجيش هذا الرأي، على الرغم من أن معظمهم أقل إصرارًا من غالانت"

وتحدث المعلق العسكري لـ"هآرتس" عن إمكانية اندلاع عن احتجاجات داخلية، نتيجة سلوك حكومة نتنياهو. بالإضافة إلى إمكانية أن يفجر تحقيق الجيش في فشله يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، أزمة أخرى.

من جانبه، يقول المحلل الإسرائيلي رونين بيرغمان: "بينما يتحدث الجيش الإسرائيلي والحكومة عن الجرأة العملياتية والإنجازات في قطاع غزة، هناك ضباب يحيط بوضع الإسرائيليين المحتجزين في غزة. وبعد أكثر من 100 يوم من القتال، تم إطلاق سراح رهينة واحدة فقط في عملية الإنقاذ. والإجراءات التي قال العديد من النقيب إنها ستؤدي إلى إطلاق سراح المزيد من السجناء لا تحقق النتائج المرجوة، في حين تخسر إسرائيل أوراق المساومة". وأضاف بيرغمان: "الضغط العسكري لا يؤدي إلى إطلاق سراح المحتجزين".