07-يونيو-2023
,k

يواجه اللاجئون السوريون خطر الترحيل قسرًا بعد تطبيع الدول العربية علاقاتها مع النظام السوري (Getty)

يعد اللاجئون السوريون الأكثر تضررًا من تطبيع عدد من الدول العربية علاقاتها مع النظام السوري الذي تفك عنه العزلة تدريجيًا. ووفقًا لتقرير جديد على صحيفة نيويورك تايمز فإن اللاجئين السوريين في أكثر من بلد في حالة رعب من الترحيل، وتفاقم رعبهم أكثر مع ما حدث في لبنان مؤخرًا من ترحيل قسري، إذ اقتحم جنود لبنانيون مدججون بعتادهم حي برج حمود في العاصمة بيروت وسط صراخ النسوة والأطفال، وأفرغوا مبنيين في الحي من اللاجئين السوريين الذين يقيمون فيهما، وأجبروهم على ركوب شاحنات اقتادتهم إلى منطقة محايدة بين الحدود اللبنانية والسورية، في حلقة خطيرة، حسب نيويورك تايمز، من مسلسل ترحيل اللاجئين السوريين.

وأمضى المرحلون السوريون من لبنان أيامًا على طول الحدود قبل أن تقوم قوات النظام باقتيادهم إلى سوريا.

وقد سلطت نيويورك تايمز الضوء على اللاجئة رشا، وهي أم لثلاثة أطفال، تبلغ من العمر 34 عامًا، فرت من سوريا عام 2011 بسبب العنف المميت الذي جابه به النظام الثورة في بدايتها.

يراقب اللاجئون السوريون في جميع أنحاء الشرق الأوسط الأوضاع بقلق عقب عودة الدول العربية إلى أحضان الأسد المستبد بعد مقاطعة استمرت لأكثر من عقد.

وبحسب نيويورك تايمز فقد أمضت أسرة رشا ليلتها الأولى في سوريا نائمة في شوارع العاصمة دمشق. قبل أن تدفع مبلغًا ماليًا معتبرًا اليوم التالي "لمهرب لمساعدتهم على العودة إلى لبنان".

وبعد عودتها إلى منزلها في بيروت، حيث تعيش عائلتها في خوف من عودة الجنود، وخاصة ابنها البالغ من العمر 12 عامًا، قالت رشا: "حتى لو أطلقوا النار عليّ فلن أعود. وأضافت رشا، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها إلا باسمها الأول فقط لأسباب أمنية، "ابني يستيقظ في منتصف الليل وهو يصرخ: ماما، لقد جاءوا".

وبحسب نيويورك تايمز فإنه في جميع أنحاء الشرق الأوسط يراقب اللاجئون السوريون مثل رشا، الذين فروا بمئات الآلاف خلال الحرب التي استمرت 12 عامًا في بلادهم، يراقبون الأوضاع بقلق عقب عودة الدول العربية إلى أحضان الأسد المستبد بعد مقاطعة استمرت لأكثر من عقد. فالعالم العربي بدأ يعيد العلاقات الدبلوماسية مع زعيم بلادهم المستبد، بشار الأسد، بعد عزلة استمرت لأكثر من عقد من الزمان تغير فيها الكثير بما يتعلق بأوضاع اللاجئين، ليس أقلها ميلاد جيل هو الآن في المرحلة الدراسية الابتدائية والمتوسطة لم يعرف سوريا الأسد ولم يعرف دروس التلقين التي تسبح بحمد القائد.

وكان بشار الأسد قد شارك الشهر المنصرم في القمة  العربية المنعقدة في السعودية للمرة الأولى منذ 13 عامًا، وجعلت العديد من الدول التي رحبت بعودة الأسد للجامعة العربية إعادة اللاجئين السوريين أولوية قصوى.

ورغم تأكيدات الدول التي تؤوي اللاجئين على العودة الآمنة إلى سوريا، فإن منظمات حقوق الإنسان تؤكد عكس ذلك بالقول إنَّ عودتهم ليست آمنة، وأن بعض الذين عادوا واجهوا الاحتجاز التعسفي والاختفاء والتعذيب وحتى الإعدام خارج نطاق القضاء.

م

وتشير الإحصائيات إلى فرار أكثر من 6 ملايين سوري عام 2011 بسبب الحرب، استقر جلهم في دول مجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن. وبالنسبة للكثير من هؤلاء  اللاجئين، فإن تطبيع العلاقات مع النظام السوري يحمل سيناريو مرعبًا يتمثل في "فقدان الملاذات الآمنة، وإجبارهم على التخلي عن الحياة الجديدة التي بنوها بشق الأنفس".

هذا مع الإشارة إلى أن القانون الدولي يحظر على الدول المضيفة لللاجئين "إعادة الأشخاص إلى مكان قد يتعرضون فيه لخطر الاضطهاد أو غيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".

وفي هذا الصدد، ينقل تقرير نيويورك تايمز عن دارين خليفة، الخبيرة في الشؤون السورية في مجموعة الأزمات الدولية، قولها "إنَّ القادة العرب يتحدثون عن العودة الآمنة والطوعية، إلا أنَّ المناقشات تسببت بالفعل في حالة من الذعر بين بعض السكان السوريين".

وأضافت أنه "بالتأكيد لا يعني ذلك العودة الطوعية والآمنة، فكل هذا يمثل رمزًا لإعادة الأشخاص بأي شكل من الأشكال، أو جعل بقائهم في أماكن اللجوء أكثر صعوبة".

وأشار ت نيويورك تايمز إلى توسع لبنان في ترحيل اللاجئين السوريين قسرًا، إذ رحلت السلطات اللبنانية سوريين من قبل، وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أنها ترحل حاليًا أعدادًا أكبر بشكل ممنهج، فقد أعادت بيروت مؤخرًا أكثر من 1700 لاجئ سوري.

سيناريوهات مشابهة في تركيا والأردن

غير بعيد من لبنان وبالتحديد في تركيا، حيث يعيش أكثر من 3.3 مليون لاجئ سوري، يطل شبح الترحيل بقوة برأسه تحت مسمى "العودة الطوعية الآمنة". وفي هذا الصدد وضع الرئيس التركي المعاد انتخابه حديثًا، رجب طيب أردوغان، ملف إعادة اللاجئين في أولويات عمل حكومته في الفترة المقبلة، في حين كان موضوع اللاجئين الموضوع الأبرز للحملات الانتخابية، ومجالًا للمنافسة التي سيطر عليها خطاب التحريض، خاصة من قبل مرشحي المعارضة.

ينقل تقرير نيويورك تايمز عن أحمد، وهو سوري يبلغ من العمر 26 عامًا يعيش في إسطنبول، قوله إنَّ السلطات التركية أعادته إلى سوريا، في كانون الثاني/يناير، بعد احتجازه لمدة خمسة أشهر في معسكر للترحيل. وأشار إلى أنه بعد خمسة أيام من إعادته دفع لمُهرِّب ليعيده إلى تركيا.

وأضاف أحمد، الذي طلب عدم ذكر اسمه بالكامل لأسباب أمنية: "يتملكني الخوف. فإذا كنت أعمل في المحل وتأخر الوقت أنام في ورشة ميكانيكي بدلًا من المخاطرة والعودة إلى المنزل. ماذا لو أُلقي القبض عليّ مرة أخرى وسُجنت ورُحِّلت؟".

أما الأردن، والذي يوجد فيه  أكثر من 650 ألف لاجئ سوري مُسجَّل، فيعد كذلك أحد المؤيدين الرئيسيين لخطة إعادة اللاجئين إلى ديارهم. ففي مطلع أيار/مايو استضافت عمان اجتماعًا لوزراء خارجية خمس دول عربية، بينها السعودية ومصر لمناقشة التطبيع مع النظام السوري ومقتضياته ومن ضمنها قضية إعادة اللاجئين.  وقد أشار إعلان صدر عن الاجتماع إلى برنامج تجريبي لإعادة 1000 سوري، وهي طريقة لجسّ النبض قبل إعادة أعداد أكبر.