14-نوفمبر-2015

حوالي مليوني طفل سوري قد غادروا مقاعد الدراسة منذ انطلاق الحرب(ياسين أغول/أ.ف.ب)

يشغل التعليم أهمية واضحة ومتزايدة في الخطط التنموية للدول والحكومات، رغم تباين أنظمتها السياسية، ويمكن القول أنه أصبح في كافة البلدان جزءًا لا يتجزأ من مسألة الدولة والسلطة السياسية نظرًا لتطور دور الدولة في العصر الحديث، ولأن التعليم يحتل دوره المؤثر ومكانته الفاعلة في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.

وفي هذا الإطار، لابد من الإشارة إلى أن التعليم والعملية التعليمية ومشكلاتها سواء كانت تربوية أم معرفية هي مجالات للتباين والتناقض والصراع السياسي في البلدان حسب درجة تطور التعليم نفسه. فإذا كان التعليم جيدًا كانت البلد في تقدم أما إذا كان التعليم متأخرًا فإنه يشكل أحد ميادين الصراع في هذا البلد أو ذاك.

يكشف تقرير "يونيسف" أن حوالي مليوني طفل سوري قد غادروا مقاعد الدراسة منذ انطلاق الحرب 

"اليونيسف" تؤكد تراجع التعليم الأساسي

كانت نسبة التحاق الأطفال السوريين بالمدارس الابتدائية تقدر بحوالي سبعة وتسعين في المائة قبل عام 2011 وهو المعدل الأعلى بين الدول العربية، لكن المعدل تراجع بشكل سريع وصارت الأسوأ في تاريخ المنطقة، طبقًا لتقرير صدر عن منظمة اليونيسف. ويكشف التقرير أن حوالي مليوني طفل سوري، تتراوح أعمارهم بين السادسة والخامسة عشر، غادروا مقاعد الدراسة، ومعظم هؤلاء الأطفال فروا من نيران الحرب خوفًا من القتل بالرصاص والبراميل المتفجرة، ليواجهوا قتلًا بالجوع والمرض والجهل.

ولم يقتصر التدهور على المستوى التعليمي للأطفال بالداخل السوري، بل امتد ليشمل الهاربين من النزاع المسلح في دول الجوار "لبنان، تركيا، العراق والأردن". وقالت الأمم المتحدة في تقريرها الصادر في الخامس والعشرين من حزيران/يونيو 2014، إن "أكثر من نصف الأطفال السوريين بالخارج لا يذهبون إلى المدارس، في حين يعاني الباقون من أجل التعليم في المهجر وسط مناخ غير ملائم من الفقر والتهميش، وأحيانًا العنصرية".

التعليم الثانوي مشاكل إضافية

ليس التعليم الثانوي بأفضل حال من التعليم الأساسي ويعاني حاليًا من تدني المستوى التعليمي والتسرب وتخلف مناهج التدريس وغيرها من المشاكل. وبرزت مشكلة أخطر عند طلاب الثانويات في سوريا، وهي أن نسبة التسرب من التعليم الثانوي قد تجاوزت الأربعين في المائة لأسباب اجتماعية أو مالية، ولكن السبب الأهم هو تأكد الكثيرين من عدم قدرتهم على تجاوز امتحان الشهادة الثانوية، فيتركون الدراسة ويسافرون خوفًا من أن يكون مصيرهم العسكرية وجبهات القتال.

ضرورة توفر سياسة تربوية

لابد للتربية والتعليم من سياسة أو تعريف منهجي، فقد حدد كبار منظري الفكر التربوي العالمي العملية التربوية باعتبارها عملية متشابكة تهدف إلى تنظيم الخبرة المكتسبة بمساعدة المؤسسات المعنية ليستطيع الإنسان التكيف والتلاؤم مع المجتمع واستخدام كافة قواه العقلية والجسدية والاجتماعية لتحقيق نتاجات سلوكية تزيد من قدرته على التكيف مع البيئة المحيطة وإيجاد تبدلات إيجابية فيها. وقال آخرون عن أهمية التعليم والمدرسة، إن المدرسة وحدها وليس سواها هي الوسيلة لمنع حصول مجازر على الأرض والمنتصر الوحيد هو من يغزو المستقبل وهذا ما تعطيه المدرسة.

إذا ما سلمنا فرضًا بالفكرتين السابقتين عن العملية التعليمية والتربوية وأسقطناها على واقع هذه العملية في سوريا، نكتشف أن التعليم ما قبل الجامعي (الأساسي والثانوي) يجري بطريقة ارتجالية، فلا توجد سياسة تربوية منهجية في سوريا وما يحدث أن هذه القرارات التربوية تدفع التلاميذ والطلاب إلى التسرب وترك مقاعد الدراسة.

اقرأ/ي أيضًا:

فوضى في مدارس الحسكة وتوقف العملية التعليمية

طلاب سوريا.. إلى العسكرية در أو ادفع