16-مايو-2016

يمثل حافظ قائد السبسي نجل الرئيس أحد القيادات المثيرة للجدل في نداء تونس(فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

لا يزال حزب نداء تونس، أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم في تونس، يعيش أزمة قيل إنّه تم تجاوزها غير أن المستجدّات الأخيرة تشير إلى تفاقمها. حيث أعلن مؤخرًا رضا بلحاج استقالته من رئاسة الهيئة السياسية، التي تمّ تشكيلها في الأصل كإطار لحلّ أزمة إدارة الحزب بداية السّنة الجارية. وبذلك منذ صعود الرئيس الحالي الباجي قائد السّبسي لكرسي قرطاج واستقالته بالتوازي من رئاسة الحزب وفق ما يفرضه الدّستور، لم يغادر نداء تونس أزمته وسط مؤشرات نحو مزيد من تفكّكه وفي ظلّ مخاوف من انهياره.

تتواصل الصراعات داخل نداء تونس بين الهيئة السياسية من جهة والكتلة البرلمانية من جهة أخرى

وتأتي استقالة بلحاج، الذي عمل كمدير لمكتب السبّسي في قرطاج قبل استقالته للتفرّغ لشؤون الحزب، بعد أسبوع واحد من تعيين سفيان طوبال كرئيس جديد للكتلة البرلمانية. وفي هذا الإطار، سبق وأن تدحرجت كتلة الحزب إلى المرتبة الثانية من حيث عدد النوّاب خلف كتلة حزب حركة النهضة، الحليف الحكومي، وذلك بعد استقالة ثلث أعضائها. حيث ينضوي حاليًا غالبية النوّاب المستقيلين ضمن كتلة برلمانية جديدة داعمة لـ "حركة مشروع تونس"، التي أسّسها الأمين العام السّابق محسن مرزوق بعد انشقاقه من نداء تونس نهاية السّنة الفارطة.

اقرأ/ي أيضًا: هل سيتمّ تعديل دستور تونس؟

وبعد انشقاق مجموعة مرزوق، عقد الحزب مؤتمر سوسة الذي وُصف بالتوافقي بداية السنة الحالية وتمّ تشكيل هيئة سياسية لإدارة الحزب والإعداد لمؤتمر خلال الأشهر القادمة غير أن الصراعات بقيت على أشدّها بين هياكل الحزب وتحديدًا بين الهيئة السياسية من جهة والكتلة البرلمانية من جهة أخرى. ويمثّل حافظ قائد السبسي نجل رئيس الجمهورية وعضو الهيئة السياسية أحد القيادات المثيرة للجدل حيث يتّهمه خصومه بنيّته السّيطرة على الحزب ووراثة منصب والده داخله. ويشير مراقبون إلى أن الكتلة البرلمانية للحزب خاصة بعد تعيين رئيسها الجديد تدعم السّبسي الابن وهو ما جعلها في مواجهة مع غالبية أعضاء الهيئة السياسية.

وقد دخل الهيكلان، داخل الحزب الواحد، في حرب خفيّة لعلّ آخرها قبول كتلة الحزب انضمام نواب من المستقيلين من حزب الاتحاد الوطني الحرّ، أحد أحزاب الائتلاف الحاكم، وهو ما جعل رئيس هذا الحزب سليم الرّياحي يشنّ حربًا كلامية، حيث وجّه تحيّة عبر حسابه الرسمي على "فايسبوك" لرجل الأعمال شفيق جرّاية واصفًا إياه بـ"رئيس حزب نداء تونس" في إشارة ساخرة حول سيطرته على دواليب الحزب في الخفاء. ويتعارض قبول الكتلة لأعضاء جدد مع التزام سابق من الهيئة السياسية لشريكهم في الحكومة بعدم قبول أعضائه ضمن الكتلة البرلمانية.

من المنتظر أن تعقب استقالة بلحاج استقالات أخرى وهو ما يعني تفكّك حزب نداء تونس وسط شبح انهياره

اقرأ/ي أيضًا: تونس.. أي مشهد برلماني في الأفق؟

وإثر استقالة بلحاج نتيجة الصدام بين الهيئة التي يرأسها والكتلة، رفضت الهيئة السياسيّة الموسّعة للحزب النظر في هذه الاستقالة وسط دعوات لسحبها في خشية للعودة لنقطة الصّفر حول ضبط مسار معالجة الأزمة. وقد علّق عضو الهيئة السياسية بوجمعة الرّميلي حول استقالة بلحاج بأن "الهيئة والحزب قد انتهيا". وتعني استقالة بلحاج فشل الحزب في تثبيت التوازنات التي أفرزها مؤتمر سوسة بداية السنة الجارية.

في الأثناء، يستعدّ الخصم-الحليف حزب حركة النهضة لعقد مؤتمره خلال الأيام القادمة، وقد تحصل الخصم-المستقيل محسن مرزوق على تأشيرة حزبه الجديد، بينما لا تزال سفينة حزب نداء تونس تجدف في رياح عاتية ولم تصل بعد للضفّة الآمنة. لا يزال الصّراع على أشدّه بين أجنحة الحزب في انتظار مؤتمر الحسم المنتظر عقده خلال الأشهر القادمة والذي يسعى كل طرف لضبط مخرجاته لصالحه.

ومن المنتظر أن تعقب استقالة بلحاج استقالات أخرى وهو ما يعني المزيد من تفكّك الحزب وسط شبح انهياره وإن كان لا يزال يعوّل الكثيرون داخله على تدخّل رئيس الجمهورية مجدّدًا لتقريب وجهات النّظر، وهو تدخّل لم يمنع قبل أشهر من انشقاق مجموعة مرزوق في ظلّ اتهامات برغبة السّبسي الأب توريث الحزب لابنه.

اقرأ/ي أيضًا: 

تونس.. تعددية بدائل التغيير وتكثيفها

"الأزلام".. للقذارة عنوان