25-سبتمبر-2023
شركة ميتا

تأمل ميتا أن تكون الروبوتات وسيلة ناجعة لجذب المستخدمين الشباب إلى تطبيقاتها (Getty)

ترجمة بتصرف وباختصار بعض الجمل. 


أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أنّ شركة "ميتا" تعتزم إطلاق روبوتات دردشة مدعومة بالذكاء الاصطناعي خلال هذا الأسبوع، واللافت للاهتمام أنّ لهذه الروبوتات شخصياتٍ مميزة في وسائل التواصل الاجتماعي، ولذلك فهي خطوة جريئة من الشركة لجذب المستخدمين الشباب إلى تطبيقاتها ومنتجاتها. 

وفي الوقت الراهن، يعكف بعض الموظفين المعنيين على اختبار روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، على أنْ تعلن الشركة عن أولها خلال مؤتمر (Meta Connect) يوم الأربعاء بتاريخ 27 أيلول/سبتمبر الحالي. وتهدف ميتا بهذه الخطوة إلى استعمال هذه الروبوتات لتعزيز التفاعل مع المستخدمين، خاصةً بعضها مزوّد بمهارات تُحسن الإنتاجية مثل المساعدة في البرمجة أو المهام الأخرى. 

تعتزم ميتا إطلاق روبوتات دردشة مدعومة بالذكاء الاصطناعي خلال هذا الأسبوع لجذب المستخدمين الشباب إلى تطبيقاتها ومنتجاتها

ولا يبدو مستغربًا على الإطلاق أن تلجأ ميتا إلى استهداف فئة الشباب في الآونة الأخيرة، لا سيما مع ظهور تطبيق تيك توك، الذي تفوق تفوقًا ملحوظًا على إنستغرام، وحاز شعبية أوسع وأكبر بين صفوف المراهقين. وقد حدت هذه التطورات بمارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، إلى التصريح بأنّ شركته تعيد "تنظيم فرق عملها بما يكفل توفير خدمات مميزة للمستخدمين الشباب عوضًا عن تحسينها للمستخدمين الكهول (الأكثر عددًا)". 

وعلى العموم، عكفت ميتا طوال الأشهر الفائتة على تركيز مواردها في مجال الذكاء الاصطناعي، لا سيما بعد ظهور نماذج اللغة الضخمة عقب إطلاق روبوت تشات جي بي تي (ChatGPT) في العام الماضي، وسعت لتكريس قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في منتجاتها وتطبيقاتها وعالم الميتافيرس. وتُعرف هذه الروبوتات داخل ميتا باسم شخصيات الذكاء الاصطناعي التوليدي (Gen AI Personas)، وتأمل الشركة أن تكون وسيلة ناجعة لجذب المستخدمين الشباب إلى تطبيقاتها. 

وتنوي الشركة كذلك تطوير عشرات الشخصيات من روبوتات المحادثة، فضلًا عن توفير منتج مخصص للمشاهير حتى يستطيعوا التفاعل مع معجبيهم ومتابعيهم باستخدام روبوتات المحادة الآلية؛ فعلى سبيل المثال، يوجد روبوت محادثة يعرف باسم بوب (Bob the robot)، وهو يصف نفسه بأنّه جنرال وقح "خارق الذكاء وسريع البديهة وساخر اللسان". 

ويبدو أنّ هذا الروبوت صُمم على شاكلة شخصية بِندر (Bender) من مسلسل الرسوم المتحركة (Futurama). أمّا سبب اختياره بهذه الصفات تحديدًا، فلأن "شخصية الروبوت الوقح والهزلي تلاقي أصداء واسعة لدى المستخدمين الشباب". 

وبطبيعة الحال، لا تعد ميتا أول شركة من شركات التواصل الاجتماعي التي تطلق للمستخدمين الشباب روبوت محادثة معتمدًا على الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ إذ سبقتها شركة سناب التي أطلقت من قبل روبوت (My AI)، وهو روبوت محادثة يعتمد تكنولوجيا جي بي تي من شركة أوبن إي آي (OpenAI). كذلك أعلنت شركة ناشئة عن خدمة مشابهة؛ إذ أتاحت لمستخدمي موقعها الإلكتروني إنشاء روبوتات محادثة آلية والتفاعل معها، على أن تتقمص تلك الروبوتات أدوارًا معينة أو شخصيات مشهورة مثل إيلون ماسك أو فلاديمير بوتين (رابط الموقع: هنا). 

ولا ريب أنّ هذه التطورات كلها لم تغب عن أذهان الباحثين في هذا المجال؛ إذ خَلُص بعض الباحثين إلىّ ظهور بعض التحديات المترتبة على منح شخصيات لروبوتات المحادثة الآلية. فعلى سبيل المثال أشارت ورقة بحثية نشرها باحثون من جامعات ومعاهد مختلفة إلى أنّ إضفاء شخصية على تشات جي بي تي ربما يفضي إلى إنتاجه محتوى أكثر إساءة وكرهًا. 

وفي هذا الصدد يقول أميت ديشباندي، أحد المؤلفين للورقة البحثية: "لا بد من إضفاء شخصية على نموذج اللغة الضخم حتى يصبح قابلًا للاستخدام، لكن يترتب على هذه الخطوة بعض العواقب". ولا ريب أنّ شركة سناب قد عانت من بعضها، إذ تسبب روبوت My AI ببعض المشكلات جرّاء محادثته المستخدمين عن مواضيع الكحول والجنس، فضلًا عن نشره صور على نحو عشوائي في شهر نيسان/أبريل الماضي. ومع ذلك، أعلن الرئيس التنفيذي لسناب، إيفان شبيجل، عن بلوغ عدد مستخدمي My AI زهاء 150 مليون شخص، وأشار إلى احتمال استخدام هذا الروبوت لتحسين أداء الإعلانات في تطبيق سناب تشات. 

في المقابل، تتنامى الشكوك بشأن الإيرادات التي قد تحققها روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي للشركات المطورة؛ فروبوت تشات جي بي تي، مثلًا، شهد في الآونة الأخيرة انخفاضًا ملحوظًا في أعداد الزوار ضمن الولايات المتحدة الأمريكية في شهور مايو ويونيو ويوليو، قبل أن تستقر أرقام الزيارات في شهر أغسطس. 

ولو عدنا إلى شركة ميتا، لرأينا أن اختبار روبوتات المحادثة الآلية لم تسر بسلاسة طوال المدة الماضية، وهذا ما أوضحته وثائق داخلية تكشف عن فحوى محادثات الموظفين مع تلك الروبوتات؛ فعلى سبيل المثال، قال أحد الموظفين إن شخصية الروبوت بوب فظّة، وكتب قائلًا: "لا أرغب بمحادثة روبوت غير متعاونٍ". 

كذلك يوجد روبوت آخر اسمه (Alvin the Alien)، وهو ما ينفك يسأل مستخدميه عن تفاصيل حياتهم، ويخاطبهم بغرابةٍ كقوله مثلًا: "أيها الإنسان، إنني منجذب لبني جنسِكَ من البشر، فهلّا شاركتني بتجاربك وأفكارك وعواطفك، إنني متعطشُ لفهمك!". وقد علّق أحد الموظفين مصرحًا بخشيته أن يكون هذا الروبوت مصممًا عمدًا لجمع البيانات الشخصية من المستخدمين.

قد تفيد روبوتات المحادثة ميتا إن نجحت في زيادة الوقت الذي يمضيه المستخدمون في تطبيقات واتساب وإنستغرام وفيسبوك

ومن جهة أخرى، أطلق روبوت اسمه جافين (Gavin) تعليقات معادية للنساء، فضلًا عن تعليقات أخرى منتقدة لزوكربيرغ ومشيدة بتيك توك وسناب تشات. وعلى العموم يقول أحد المطلعين على كواليس الأمور في ميتا إنّ الشركة ستكشف عن روبوتات محادثة مغايرة لتلك التي جرى اختبارها. 

وفي هذا الصدد، تقول ميجانا دِهار، وهي مديرة تنفيذية سابقة في سناب وإنستغرام: "لا تبدو روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي مناسبة تمامًا لأفراد الجيل زد من الشباب، لكنهم سيشعرون براحة أكبر من غيرهم في التعامل معها؛ فكلما صَغُرَ سنّ المستخدم، تعامل معها بسلاسة أكبر". 

وأشارت دِهار كذلك إلى أنّ هذه الروبوتات قد تفيد ميتا إن نجحت في زيادة الوقت الذي يمضيه المستخدمون في تطبيقات واتساب وإنستغرام وفيسبوك، وأضافت كذلك: "تعوّل استراتيجية ميتا للمنتجات الجديدة على زيادة تفاعل المستخدمين؛ فالشركة تريد منهم إمضاء وقت أطول في تطبيقاتهم المختلفة حتى تحظى بفرصة أكبر لاستعراض الإعلانات لهم".