25-يناير-2021

الذكرى العاشرة للثورة المصرية (Getty)

في مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات، في الـ 25  من كانون الثاني/ يناير عام 2011، انفجر الغضب في القاهرة، ثار الشعبُ المصري على جلّاده، ملأت الحناجرُ "الكعكة الحجرية"، ميدان التحرير كما سبق وسماه الشاعر أمل دنقل، صادحة بكلمتها الحاسمة: الشعب يريد إسقاط النظام!

شهور قليلة بعد الثورة المصرية ومعها الانتفاضات العربية، ذات أيلول/سبتمبر 2011، تحرك الشارع الأمريكي هو الآخر محتجًا في حركة أطلق عليها اسم "Occupy"

شهور قليلة بعد الثورة المصرية ومعها الانتفاضات العربية، ذات أيلول/سبتمبر 2011، تحرك الشارع الأمريكي هو الآخر محتجًا في حركة أطلق عليها اسم "Occupy"، مناهضًا جشع سادة وول ستريت، مطالبًا بالعدالة الاجتماعية وناطقًا بصوت الأغلبية الصامتة، كما يوضح ذلك شعار الحركة: "نحن الـ 99 ٪". وقتها، وفي الدعوة الأولى إلى الخروج، تم التعبير عن مصدر استلهام الحركة، حيث أعلنها الداعون صراحة "أمريكا تحتاج لميدان تحرير  خاص بها". كان فيما بعد هو حديقة زاكوتي، داخل الحي المالي بمانهاتن.

اقرأ/ي أيضًا: في ذكرى يناير.. أمنستي تسلط الضوء على مأساة المعارضين في سجون السيسي

"زوروا موقع الحركة وسترون عددًا من بوعزيزي أمريكا، شهادات وشهادات قادمة من الطبقة المتوسطة بالبلاد، أشخاص غارقون في ديون جامعية، آخرون من أجل أن يحققوا الحلم الأمريكي بسكن كريم وجدوا أنفسهم رهينة عند المؤسسات البنكية، آخرون اشتغلوا بجد في أعمال وجدوا أنفسهم بعدها بين أنياب البطالة أو الاسغلال " يقول مقال في جريدة نيويورك تايمز، يعود لسنة 2011، وتضيف كاتبته المحللة السياسية الأمريكية، آن ماري سلوتر، راصدة أوجه التشابه بين "أوكيباي وول ستريت" والربيع العربي: "هم لم يحرقوا أنفسهم كما فعل البوعزيزي، لكن بعد انتخاب رئيس جردهم من الأمل أحس الأمريكيون بالخيانة".

حتى العرب وقتها كانوا يحسون بالخيانة، خيانة مشاريع التحرر الوطني والاستقلال، والوعود الكاذبة بالتنمية المأمولة في مستقبل لن يأتي. "لو كان لنا أن نتعلم شيئا من الانتفاضات العربية طوال الأشهر الماضية، سيكون أنها كلما تعرضت للتحجيم والتجاهل زادها ذلك قوة وإصرارًا على مطالبها" تقول كاتبة المقال، مسلطة الضوء على اشتراك الحركة الأمريكية في كلا الشرطين؛ تم تجاهلها وتحجيمها، وزادها ذلك إصرارًا أسوة بالعرب. وقتها، وعكس ذلك التغييب الإعلامي والتجاهل الذي تعرضت له حركة "أوكيباي"، كانت "التغريدات القادمة من الشرق الأوسط تأخذ الحركة على محمل الجد، أكثر من الأمريكين ذاتهم"، وهنا تخلص في ختام مقالها على أن "الشعوب التي تعيش ظروفا أشبه أو أكثر معاناة منا، وحدها القادرة على فهم الشرخ المجتمعي الذي نحن فيه، بل وتفهمه أكثر منا".

"الأزمة في منطقتنا أعمق من أزمة نموذج اقتصادي بعينه"، كما يصفها جلبير الأشقر في حوار سابق مع الترا صوت، مفسرًا بأنها في شق منها "مرتبطة بتركيبة الدول العربية، أي بطبيعتها الاجتماعية والسياسية التي تشكّل عائقًا أساسيًا أمام النمو الاقتصادي الرأسمالي بوجه عام"، وفي شق آخر " تدخل في إطار أزمة النظام النيوليبرالي". في هذا الشق الثاني يكمن ارتباط الربيع العربي بامتداده في حركات احتجاجية أخرى حول العالم، أبرزها تلك التي قامت في إسبانيا احتجاجًا على سياسات التقشف إثر الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة. "Indignados" أو الغاضبون (باللغة العربية)، حركة إسبانية ارتبطت بالربيع في هذا الشق، كما استلهمت منه هي الأخرى شكل تنظيمها وزحفها إلى الشارع. يفسر ذلك مقال بحثي على مجلة "Middle East Critique"، بعنوان "الربيع العربي مصاغًا من جديد"، حيث يدافع فيه كاتباه عن أن الربيع العربي ألهم كل الحركات التي لحقته، كونه الأول الذي استفاد من الثورة التواصلية في عملية الاحتجاج، تخطيا لعقبة الرقابة التي كانت تفرض داخل الإعلام الرسمي، بذلك "وعبر الصور ومقاطع الفيديو والمنشورات مكن الربيع العربي الحركات الاحتجاجية في العالم من طريقة واضحة لتنظيم نشاطاتهم والدعوة لها وكيفية الخروج إلى الشارع".

مثلت الهبة الثورية العربية سنة 2011 وصفة عملية لتنظيم الاحتجاجات في العالم، هذه الوصفة التي أصبحت تقليدًا، وامتد إلهامها وصولًا إلى السترات الصفراء الفرنسية

ومنه مثلت الهبة الثورية العربية سنة 2011 وصفة عملية لتنظيم الاحتجاجات في العالم، هذه الوصفة التي أصبحت تقليدًا، وامتد إلهامها وصولًا إلى السترات الصفراء الفرنسية. "التي يجمع بينها وبين الربيع العربي أوجه تشابه عدة" يقول سمير عيطا، الاقتصادي السوري المعارض ورئيس تحرير النسخة العربية لـ "لوموند ديبلوماتيك"، أحد أهم هذه التشابهات هو "ضعف تنمية الهوامش العربية، كما وقع في الهوامش الفرنسية التي تم نسيانها إلى أن انفجرت المظاهرات". هو ذات التشابه والاستلهام الذي عبر عنه عفويا  متظاهر سترات في باريس قبل سنتين، قائلًا: "قبل سنوات كنا نعيش ربيعًا عربيًا، وها نحن الآن نعيش شتاء أوروبيًا"، في إشارة إلى الاحتجاجات التي بدأت في ذلك الشتاء. كما يوافق ذلك الرأي رأي المرشح الرئاسي السابق، اليساري بونوا هامون، الذي أعلنها خلال حوار له في جريدة "لوموند"سنة 2018: "هذا الحراك (أي السترات الصفراء) أشبه بالربيع العربي".

 

اقرأ/ي أيضًا:

 السلطة المصرية تطارد "أشباح يناير" في المقاهي