19-أبريل-2017

بعد الثورة أسس محمد أبو الغار الحزب الديمقراطي الاجتماعي مع عمرو حمزاوي (فيسبوك)

كنا في جزء أول قد تحدثنا عن أشخاص ارتبطت أسماؤهم بالثورة المصرية ثم سقطوا سقوطًا مدويًا بعدها، لانحراف مساراتهم التي تبنوها فيما بعد ولتأييدهم ومشاركتهم في دعم الممارسات القمعية بعد الثورة.  أما في هذا الجزء، فنحن نتعرض لأسماء كانت بمثابة الحطب، الذي ساهم وقاد إلى يوم الخامس والعشرين من يناير 2011، هي أسماء دشنت لغة الاعتراض وارتفعت هتافاتها في المظاهرات إبان العصر المتكلس لمبارك. أما الآن فقد أصبح مجرد ذكر هذه الأسماء، أمرًا يبعث على الأسى والحسرة لانجرافها وتورطها الأخلاقي في دعم ذات النظام الذي شكلت ضده جبهة اعتراض في وقت من الأوقات.

كان أبو عيطة واحدًا من الآباء الروحيين للحركة النضالية العمالية في مصر لكنه تحول بعد الثورة إلى دعم السيسي وشتم إضرابات العمال

اقرأ/ي أيضًا: بعد ثورة يناير في مصر: إلى أين انصرف رموزها؟ (1)

كمال أبو عيطة: من النضال العمالي إلى تشريفة السيسي!

"بالروح.. بالدم.. رزق عيالنا أهم"

"يا تساوينا بالمصلحة.. يا تودينا عل مشرحة"

"الضرائب العقارية  ليه متسابة وليه منسية "  

كي تقرأ التاريخ الحقيقي للاحتجاجات في مصر قبل الخامس والعشرين من يناير، ولكي تتعرف أيضًا على أحد أهم محطات تاريخ النضال العمالي في مصر فإنه لا بد من أن تعرج على إضراب موظفي الضرائب العقارية في مصر الذي كان عام 2007 أمام مجلس الوزراء في شارع حسين حجازي بالقاهرة، والذي رضخت فيه الدولة في النهاية لمطالب الموظفين بعد موجة احتجاجية واسعة، شملت محافظات الجيزة وبني سويف بالإضافة إلى القاهرة.

كان كمال أبو عيطة واحدًا من الآباء الروحيين لهذا الإضراب، وللحركة النضالية العمالية في مصر، وتوجت جهوده في ذلك الوقت بتأسيس أول نقابة مستقلة في مصر في مطلع 2008. كان كمال أبو عيطة يصف حسني مبارك باللص والسفاح في مظاهرات العمال 2005.

أما في ثورة كانون الثاني/يناير 2011 فقد كان وجهه أحد الدوافع الباعثة للحماس في نفوس المصريين. وحتى بعد الثورة استمر كمال أبو عيطة في الاحتجاجات المطالبة بتحسين أوضاع العمال والتي كانت تسمى وقتها "الاحتجاجات الفئوية" والتي كتب عنها مصطفى الضمراني في الأهرام وقتها قائلًا: "المصالح الوطنية فوق المطالب الفئوية". رفض كمال أبو عيطة المصطلح واعتبره تلاعبًا بحقوق العمال وتمييعًا لقضيتهم العادلة". وظل كمال أبو عيطة، بتاريخه الطويل يمثل هذا الرمز النضالي للعمال  لكن كما يقول صلاح عبد الصبور: "تحسس رأسك!".

دخل كمال أبو عيطة البرلمان وهاجم الإخوان وقتها مع من هاجموهم، ورأى أن الإخوان يضيعون حق الوطن والمواطن. وبعد أحداث 30 حزيران/ يونيو، أصبح أول وزير للقوى العاملة، فبدا الرجل وكأنه يتعامل مع السلطة كما تعامل سابقوه، فلا العمال أولوية ولا إضراباتهم مطالبة بالعدالة، أصبحت العدالة في مطالبهم وجهًا من وجوه السياسة، و وصف في أحد مقاطع الفيديو إضرابات العمال الحالية بـ"الإضرابات السياسية".

وبعد ترك كمال أبو  الوزارة دون أن يحقق للعمال ما انتظروه منه ومن تاريخه النضالي، كان أبو عيطة من أشد المؤيدين للسيسي، كان ممن سافروا إلى نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2014، للمشاركة في وقفة لاستقبال السيسي أو (التشريفة) التي ستكون في استقباله عند  وصوله، حيث سافر وقتها  إلى الولايات المتحدة لإلقاء كلمة مصر أمام الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ولم يحمه منصبه السابق من إدراج اسمه في قضية فساد واختلاسات، أكد بشدة أنه لا علاقة له بها، وأن يده نظيفة منها.

اقرأ/ي أيضًا: المغتربون في ذكرى الثورة: الظلم في الوطن غُربة!

محمد أبو الغار: من استقلال الجامعات إلى جوار الدولة العميقة

كان محمد أبو الغار الأب الروحي لحركة استقلال الجامعات في مصر لكنه انحاز بعد حكم الإخوان إلى جوار الدولة العميقة وعمل معها

كان محمد أبو الغار الأب الروحي لحركة استقلال الجامعات، التي تعرف بحركة 9 آذار/ مارس والتي كانت شكلاً من أشكال الاستقلال الأكاديمي الذي كان يسعى إليه أساتذة الجامعات لرفض سيطرة الدولة على المؤسسات التعليمية في مصر.

بعد الثورة، أسس محمد أبو الغار الحزب الديمقراطي الاجتماعي مع عمرو حمزاوي، ثم كان عضوًا في جبهة الإنقاذ عقب الإعلان الدستوري، الذي أعلنه الرئيس الأسبق محمد مرسي. كان ضمن أعضاء الجبهة وجوه كرهها المصريون، من نظام مبارك مثل نقيب المحامين سامح عاشور ومنى ذو الفقار وحازم الببلاوي.

لم ينته الأمر هنا فإبان ترشح السيسي لانتخابات الرئاسة في 2013، أعلن محمد أبو الغار أنه سيؤيد السيسي رئيسًا ويرى أن فرصة صباحي ضعيفة. وكان يرى محمد أبو الغار أيضًا أنه لولا ما أسماه بـ"ثورة 30 حزيران/ يونيو" لأصبحت مصر دولة إخوانية أحادية التفكير ودولة فاشية واندلعت الحرب الأهلية.

شارك محمد أبو الغار في لجنة الخمسين، وهي اللجنة التي قامت بدراسة مشروع التعديلات الدستورية، وذلك في الفترة التي قام فيها عدلي منصور بالجلوس على كرسي الرئاسة بصفته رئيسًا مؤقتًا، مشرعًا أسوأ القوانين في تاريخ الدولة المصرية منها قوانين الحبس الاحتياطي، التي أدت إلى حبس آلاف من الشباب احتياطًا لفترات قد تصل إلى سنوات. فتجاهل محمد أبو الغار كل ذلك وانخرط مع لجنة الخمسين للتعديلات الدستورية.

كان الأمر صعباً على الوعي الجمعي "الثوري"، الذي وقتها لم يتوقع أن يكون محمد أبو الغار من بين الوجوه التي تقف إلى جوار "الدولة العميقة" في مصر أي دولة النظام الأسبق ورجالات الجيش. ولكنها  كانت حفلة سقوط جماعي بالفعل للكثيرين وهي متواصلة للآن.

اقرأ/ي أيضًا:

عزمي بشارة.. الحفر في الثورة المصرية (1- 2)

عزمي بشارة... تحولات الثورة المصرية (2- 2)