قبل أن نوضح من هو مخترع المكيف، لا بد أن نشير أنه أصبح المكيف من أساسيات وضروريات الحياة اليومية التي لا يمكن العيش بدونها خاصة في الأماكن الحارة جدًا من مختلف أرجاء العالم. رغم أنّه كان في السابق يُعتبر من الرفاهية والأمور الكمالية حيث يستخدم لتبريد كُلًا من الشركات، والمستشفيات، والمختبرات، والمنازل وجميع المباني التي تُقدّم خدمات للمواطنين. ولقد مرّ المكيّف في العديد من التطويرات التي أجراها عليه العلماء حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم. والآن قد يتبادر إلى البال سؤال من هو مخترع المكيف؟ إنّ مخترع المكيف هو ويليس كارير (بالإنجليزية: Willis Carrier). وسندرج في هذا المقال تفاصيل اختراعه، وكيف خطرت له فكرة هذا الاختراع، وغيرها من المعلومات المهمة المتعلقة في التطويرات التي حصلت على المكيف حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم.
كُلّف كارير بحل مشكلة الرطوبة التي كانت تُسبّب تجعّد صفحات المجلات في شركة ساكيت ويليمس (Sackett- Wilhmens) للطباعة الحجرية والنشر في بروكلين.
من هو مخترع المكيف
ولد مُخترع المكيف العالم الأمريكي ويليس هافيلاند كارير في 26 نوفمبر من عام 1876م، في منطقة أنغولا في ولاية نيويورك. وقد درس في جامعة كورنيل في إيثاكا، نيويورك. ثم حصل على شهادة الهندسة الميكانيكية في عام 1901م.
عمل ويليس كارير فور تخرّجه في شركة بافلو فورج في مدينة نيويورك، وكان يبلغ من العمر 25 عامًا. وقد كُلّف كارير بحل مشكلة الرطوبة التي كانت تُسبّب تجعّد صفحات المجلات في شركة ساكيت ويليمس (Sackett- Wilhmens) للطباعة الحجرية والنشر في بروكلين، فصمم لهذه الشركة أول نظام للتحكّم في درجة الحرارة والرطوبة.
ابتكر ويليس كارير نظام تبريد بدائي لتقليل الرطوبة حول الطابعة؛ إذّ وضع مروحة صناعية لنفخ الهواء فوق ملفات البخار المملوءة بالماء البارد؛ مما ساعد على تكثيف الرطوبة الزائدة على الملفات ووفرت هواءًا باردًا، كما ساعد الهواء البارد على جعل بيئة العمل مريحةً.
قد قام كاريير بعدد كبير من التجارب حتى تمكّن من تصميم نظام يتحكّم بالرطوبة باستخدام ملفات التبريد، وحصل على براءة اختراع لجهازه لمعالجة الهواء والذي يمكنه من إزالة الرطوبة من الهواء (عن طريق تبريد الماء)، أو ترطيب الهواء (عن طريق تسخين الماء).
قدّم بعد ذلك ورقة هندسية في عام 1911، وبدء بعدها في التصميم العلمي لتكييف الهواء. ويعتبر هو أول من صاغ النظريات الأساسية لتكييف الهواء.
استقال كاريير من شركة بوفالو فورج، وأنشأ شركته الخاصة شركة كاريير الهندسية مع 6 مهندسين آخرين. واستمر بالعمل بها والابتكار حتى تمكّن من اختراع ضاغط تبريد مركزي أدى إلى جعل المكيف بحجمٍ أصغر، وذو تكلفةٍ أرخص وأسهل في التركيب والاستخدام. وقد توفي كارير في 7 أكتوبر من عام 1950م في نيويورك، وكان عمره 73 عامًا.
فكّر كارير في تجفيف الهواء وذلك عن طريق تمريره في الماء، مما يسمح له بالتحكّم في رطوبة الهواء وحرارته.
قصة اختراع المكيف
يُعدّ اختراع المكيف من الاختراعات الثورية التي غيرت من طريقة حياة الناس وعملت على تحسينها. فقد كانت تتوفّر في الماضي أشكال أولية لتكييف الهواء موجودة عندما اخترع كارير أول وحدة تكييف هواء عاملة.
أما عن طريقة اختراع المكيف فكان كارير في عام 1902 يقف على منصة قطار في بيتسبرغ، وفكّر كارير في تجفيف الهواء وذلك عن طريق تمريره في الماء، مما يسمح له بالتحكّم في رطوبة الهواء وحرارته.
ثم أسس ويليس كارير شركة كاريير (Carrier) وهي شركة مصنّعة لمعدات تكييف الهواء وذلك في عام 1915. وأدرك كارير أنّ اختراعه الأوّلي لم يكن الأكثر فعاليّةً للتحكّم في الرطوبة. لذلك استمر في تعديل التكنولوجيا. وبحلول عام 1922 ابتكرت الشركة ضاغط تبريد مركزي أصغر حجمًا وأكبر قوة وأكثر أمانًا. والذي يُعتبر أساسًا لمكيف الهواء الحديث، ولا بُد من الإشارة إلى أنّ ابتكار ضاغط التبريد المركزي أدى إلى جعل المكيفات أصغر حجمًا وأكثر سهولةً في الاستخدام، وأرخص في تكلفة التصنيع.الأمر الذي جعل المكيفات متاحة على نطاق واسع.
بدأت شركات السكك الحديدية في استخدام المكيف للحفاظ على المواد الغذائية المنقولة في عرباتها، كما استعانت كُلًا من المطاعم، والمتاجر، ودو السينما بتركيب وحدات تكييف الهواء لتوفير الراحة من درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف. وأصبحت هذه العلامة التجارية رائدةً في مجال صناعة مكيفات الهواء. وتطورت في مجال التدفئة وتكييف الهواء والتبريد لتوفير الراحة في المنازل وبيئات العمل لرفع الإنتاجية.
بعد ذلك توسعت شركة كاريير ، ثم انتقلت إلى اليابان وكوريا الجنوبية؛ إذّ تُعدّ كوريا من أكبر المنتجين لمكيفات الهواء في العالم؛ وتمكّنت شركة كاريير من إثبات جدراتها في السوق الكوري بسبب جودة منتجاتها وإمكانية توفير تبريد مساحاتٍ كبيرة وواسعة وفق متطلبات السوق الكوري؛ وقد تمكّن ويليس كاريير من إنشاء شركتي سامسونج (Samsung). وشركة تويو كاريير في تلك الأسواق.
اختراع المكيف المتنقل
رغم أنّ ويليس كارتير هو مخترع المكيف، إلّا أنّ العالم فريدريك مكينلي جونز (بالإنجليزية: Frederick Jones) وهو أمريكي من أصول أفريقية هو مخترع مكيف الهواء المتنقل وذلك في عام 1938م. والذي كان يُستخدم في المستشفيات العسكرية الميدانية، لتوفير الراحة للجنود في مرحلة التعافي من الإصابات التي تعرضوا لها بسبب القتال، وذلك خلال الحرب العالمية الأولى؛ إذّ كان يعمل مع الجيش الأمريكي بمساعدة جوزيف نوميرو.
يجدر الذكر أنّ جونز كان لديه الشغف في الهندسة والميكانيك منذ صغره، وقد نشأ في ولاية أوهايو وعمل في مرآب ميكانيك للسيارات. واستمر للعمل فيه حتى أصبح يعمل رئيس لعمال المرآب. ثم انتقل إلى ولاية مينيسوتا وعمل كميكانيكي وحصل على رخصة الهندسة. وله ما لا يقل عن 60 براءة اختراعٍ مختلفة بما فيها شاحنات تبريد نقل المواد الغذائية للحفاظ على الطعام من الفساد؛ إذّ كانت هذه السيارات تستخدم الثلج عند نقل الأطعمة ولكنّه كان يذوب مما يُسبّب فساد الطعام.
تطور اختراع المكيف عبر التاريخ
اقترح الطبيب والمخترع الدكتور جون جوري (بالإنجليزية: John Gorrie) من فلوريدا في أربعينيات القرن التاسع عشر فكرة لتبريد المدن، وتخفيف الحرارة المرتفعة على السكان، والتي تؤدّي إلى انتشار بعض الأمراض كالملاريا كما أنّها تمنح المرضى الراحة أكثر. وكان نظام التبريد المقترح منه آنذاك نظامًا بدائيًا إذّ كان يتم عن طريق شحن الثلج إلى فلوريدا من الجداول والبحيرات المتجمدة في شمال الولايات المتحدة. وذلك لتبريد غرف المستشفى.
كانت هذه الطريقة تُعدّ تحديًا لوجستيًا باهظ التكلفة؛ لذلك حاول العالم جون جوري تجربة مفهوم التبريد الاصطناعي عن طريق تصميم آلة صنع الجليد باستخدام ضاغطٍ يعمل بواسطة حصان، أو ماء، أو أشرعة تعمل بالرياح أو البخار، وحصل على براءة اختراع لها في عام 1851. وقد حصل جوري على براءة اختراعٍ لاختراعه إلّا أنّه لم يتمكن من توزيعه في السوق وذلك بسبب وفاة الداعم المالي له، ولكن اختراعه كان الأساس لأنظمة تكييف الهواء والتبريد الحديثة.
تحدثنا خلال هذا المقال عن من هو مخترع المكيف، وأول من اخترعه هو ويليس كارير وقصة اختراعه للمكيف بالتفصيل، ثم كيف طوره، ثم لحقه المخترع فريدريك جونز وجون جري، وغيرهم، وعن اختراع المكيف المتنقل، وعن تطور اختراع المكيف عبر التاريخ وكيف هنا كان له دور في مساعدة الجنود المصابين في الحرب، كما أنّه ساهم في صناعة سيارات نقل الأطعمة المبردة للحفاظ على الطعام من الفساد، وغيرها من المساهمات.
