19-أغسطس-2017

ترتفع حالات التحرش الجنسي بالنساء في شوارع المغرب (فاضل سنا/أ.ف.ب)

في واقعة غريبة من نوعها، قام 17 طفل ومراهق بممارسة الجنس مع أنثى حمار في إحدى القرى بإقليم سيدي قاسم شمال المغرب، لينكشف أمرهم بعد إصابتهم بداء "السعار الحاد"، حيث لم تكن "الحمارة المغتصبة" ملقحة ضد السعار، الحادثة التي وقعت خلال الأيام الأخيرة، أثارت دهشة رواد مواقع التواصل الاجتماعي وغضبهم وسخريتهم بشكل هستيري.

صار التحرش ظاهرة "شبه طبيعية" في الشوارع المغربية مما يعكس استفحال الكبت الجنسي في البلاد

لكن وراء الجانب الساخر للواقعة، تقبع مشكلة مريعة توحي بمدى استفحال الكبت الجنسي الذي يعانيه قسم من الشباب المغاربة، لدرجة باتت نيرانه تطال الحيوانات بعدما تعدت النساء والأطفال.

اقرأ/ي أيضًا: 6 حقائق عن الجنس قد لا تعرفها!

العنف الجنسي يتفشى بالمغرب

إحدى أعراض هذا الكبت الجنسي هو سلوك التحرش، الظاهرة التي صارت "شبه طبيعية" في الشوارع المغربية من شدة تفشيها، حتى أصبحت النساء المغربيات يتعاملن معها كضريبة لا مفر منها مقابل الخروج من البيت، وأثار فيديو متداول الأسبوع الماضي، لواقعة تحرش جماعي لحشد من الشباب بفتاة في الشارع العام بمدينة طنجة، صدمة الرأي العام المغربي.

ورغم أنه لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة لعدد حالات الاغتصاب التي تمس النساء والأطفال بالمغرب، فإنه يلاحظ ارتفاع مقلق لهذه الآفة المجتمعية، تقدرها بعض الجمعيات الناشطة بمائة حالة اغتصاب يوميًا، علمًا أن قسمًا كبيرًا من ضحايا الاغتصاب لا يتجرؤون على التبليغ عما حصل لهم، إما خشية الفضيحة أو بسبب جهلهم بالمساطر الكفيلة بذلك.

هذا ما جعل دراسة أجراها موقع تريب حديثًا، ونشرتها مجلة فوربس الأمريكية، تصنف المغرب كثاني أخطر بلد في العالم على النساء المسافرات، مباشرة بعد مصر التي احتلت المركز الأول عالمًيا.

صنفت دراسة نشرتها مجلة فوربس الأمريكية المغرب كثاني أخطر بلد في العالم على النساء المسافرات مباشرة بعد مصر

المغاربة يعيشون ثقافة منفصمة

يعد الجنس غريزة طبيعية في الإنسان، وتمارسه المجموعات البشرية بأشكال مختلفة وطرق متباينة، حسب طبيعة كل منظومة ثقافية وتصوراتها للجنس والمرأة، فإذا كانت الثقافة الجنسية المرتبطة بالغرب تقوم على حرية العلاقات الرضائية التي لا تشمل الأطفال عادة، بحيث يكون الشريكان المقرران الوحيدان لطبيعة هذه العلاقة بعيدًا عن المجتمع، فإن الثقافة العربية الإسلامية، ومنها المغرب، تحصر العلاقة الجنسية في الزواج فقط، بعدما كانت تسمح أيضًا بالجواري وتعدد الزوجات وزواج المتعة وزواج المسيار.

لكن حتى الزواج لم يعد حلاً للمشكلة الجنسية اليوم بالمغرب، في ظل الأوضاع الاقتصادية الهشة لمعظم الشباب المغربي التي تمنعهم من ذلك، مما قد يساهم في تطور المشكل، الذي قد يتحول إلى ممارسات شاذة كممارسة الجنس مع الحيوانات.

ويزيد هذا الكبت الجنسي البيئة المنفصمة في المغرب، فمن جهة يتلقى الفرد قيمًا دينية وأخلاقية ومجتمعية تحثه على التعفف في الجنس والمرأة، ومن جهة أخرى يشاهد على أرض الواقع وعلى وسائل الإعلام والأنترنت ما يعاكس ذلك، حيث يحتل المغاربة رتبا متقدمة في زيارة المواقع الإباحية، مما يخلق شخصية منفصمة لا تجيد التعامل مع مسائل الجنس بشكل سليم.

وهو ما يدفع العديد من الحقوقيين والمهتمين إلى المناداة بإدخال التربية الجنسية الحديثة في مقررات التعليم منذ المرحلة الابتدائية، لتجنب التصورات السلبية والمغلوطة حول الجنس وجسد المرأة، وإزالة التجريم القانوني للعلاقات الرضائية.

اقرأ/ي أيضًا: "الكلام حاشاكم".. حديث مفتوح عن الجنس في المغرب

الكبت الجنسي كمولد للعنف

كان العامل الجنسي سببًا رئيسًا في استقطاب داعش لمئات الشباب المغاربة، الذين وجدوا في الالتحاق به فرصة إشباع لحرمانهم الجنسي

يمكن للتصورات المغلوطة حول الجنس والمرأة أن تكون حافزًا لممارسة العنف الجنسي، فبحسب دراسة أصدرتها هيئة الأمم المتحدة بشأن موضوع المساواة بين الجنسين في المغرب، فإن %78 من المغربيات يعتقدن أن المرأة التي ترتدي ملابس مثيرة تستحق ما يقع لها من تحرش ومضايقة، وهو ما يراه أيضًا الرجال بنسبة %72 منهم.

كما ذكرت نفس الدراسة أن %66 من الرجال و%46 من النساء يعتقدون أنه لا ينبغي تجريم إرغام الزوج زوجته على ممارسة الجنس، بل إن %38 من الرجال و%20 من النساء المستجوبين يرون أن المرأة تستحق الضرب في بعض الأحيان!

ويذهب بعض المهتمين إلى أن تفشي العدوانية في المجتمع المغربي عمومًا يعود إلى الكبت الجنسي، حيث يكتب الباحث الاجتماعي سعيد نشيد، قائلا إن "ثقافة الكبت الجنسي وتأثيم الجسد هي البيئة الحاضنة للعنف بكل أبعاده. وإحدى أبعاده القصوى، تفجير الحجر والبشر والشجر، بل تفجير الأوطان والعمران والإنسان". مضيفًا أن العنف هو نوع من التفريغ الانفجاري للكبت الجنسي المتراكم على مدى سنوات من الحرمان والشعور بالذنب.

وكان العامل الجنسي سببًا رئيسًا في استقطاب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لمئات الشباب المغاربة، الذين وجدوا في الالتحاق بهذا التنظيم فرصة إشباع حرمانهم الجنسي من خلال تعدد الزوجات والسبايا، و"الحور العين" بعد الموت.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في المغرب.. الجنس مقابل الأحلام

الابتزاز الجنسي الرقمي..عندما تتحول لحظة حب إلى كابوس حقيقي