13-يناير-2021

لوحة لـ أسامة سعيد/ فلسطين

كانت المرّة الأولى تلّحُ عليّ أن تعود، وكنتُ أخشى رجفتَها، رعشةَ أصابعي حين ألصق كفّي بقلبي حتى لا يُقذَفَ من قفصهِ المحبوسِ فيه.

للمدينةِ التي حينَ ندخلها للمرة السادسة والعشرين، لا تكون المرة السادسة والعشرون كذلك، تكون مرةً أولى. لا يعود اسم المدينة عاديًّا، يكون نغمًا متناسقًا، يحمل في حروفه ثلاثة أحرفٍ أخرى، كلّ حرفٍ فيها له نغمةٌ ما يرقصُ القلبُ عليها: أسًى، موتًا، لظًى يتدفّق بين الضلوع.

للطرقاتِ التي حملتْ خطواتكِ فتبدّت آثار أقدامكِ فيها فحاولتُ تتبعها رغمَ أنها ممحية، وفشلتُ في ذلك.

للسماء التي تبزغُ فيها غيمةٌ تشبهكِ في الهطول.

لعينيكِ اللتينِ تفيضانِ خيالًا وأشرعةً لبحرٍ من السراب.

لقلبي، ينفضُ عنه غبار معركته الأخيرة، ويقدم دمي جرحًا أخيرًا.

للهواء الذي يضيقُ برَمًا حين يدخل جوف غيرك، للريح التي تسري فوق المدينة لتدُقّ زجاجَ شبّاككِ فلا تشرعينَ لها قلبك؛ فتعودُ نسيمًا تواهى من الضعف.

ليدي الممدودةَ ترقصُ طرَبًا، ليدك البعيدةِ أحاولُ أن أتشبّثَ بها فتهرب.

لصوتكِ الذي أرخت لهُ المدينةُ سمعَها فتسرّب فيها وعشعش؛ أكتب.

ولانعطافة شارع بيتك التي ندخلُها الآن معًا، بكلّ حكاياتنا الطازجة، نسير فيها متشابكي الأيدي، ناظرينَ إلينا في الزمن المنقضي؛ أعزف.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ريموند كارفر: الخوفُ من الارتباك

هنا.. ثلاث مرّات