كتبت عنه نيويورك تايمز: "أنجز ما يخفق في إنجازه كثير من الأدباء، لقد ابتكر بلادًا له وحده". إنه ريموند كارفر (1938 - 1988)، الشاعر وكاتب القصص الأمريكي، الذي عاش حياة غريبة وشاقة عمل خلالها ساعيًا لللبريد وحارسًا ليليًا وعاملًا في محطة وقود، وانعكست حياته تلك في إبداعه، إذ جسّد في قصصه الفقر وإحباط العاطلين عن العمل وكذلك الآمال المحطمة.
تحولت بعض أعماله الأدبية إلى أعمال سينمائية ناجحة وترجمت إلى أكثر من 20 لغة حول العالم.
شارع
أيّ ليلةٍ غليظة هذه!
إما أن تغيب الأحلام تمامًا
أو أن يأتي أو لا يأتي حلمٌ يتنبأ بالخسارة.
ليلة البارحة تُرِكتُ بلا كلمة في طريق ريفيّ.
لاح ضوءٌ بحجم نجمة من منزل في التلال.
لكني خشيتُ الذهاب إلى هناك، وواصلت السّير.
ثمّ أفقت على صوت المطر يدقّ على الزجاج.
أزهارٌ في مزهريّة بجانب النافذة.
نكهة قهوة، وأنت تلامس شعركَ بحركةٍ كمَن رحل لسنوات.
لكن ثمّة قطعة من الخبز تحت الطاولة بالقرب من قدميك.
وسربٌ من النّمل يروح ويجيء من شقّ في الأرضيّة.
توقّفتَ عن الابتسام.
اصنع لي معروفًا هذا الصّباح.
أغلق الستارة وعد إلى السّرير.
انسَ أمر القهوة.
تظاهر أننا في بلد غريب، وأننا عاشقان.
الطّنان
لنفترض أنني أنطق المفردة صيف،
أكتب مفردة "طنّان"،
أدخلها في مظروف،
آخذه إلى أسفل التل
إلى البريد. عندما تفتحين رسالتي ستتذكرين
تلك الأيام وكم، وبشدّة، أحبّك.
خَوف
الخَوفُ من رؤية مركبة شرطة تتحرّك.
الخَوفُ من النوم ليلًا.
الخَوفُ من قلّة النوم.
الخَوفُ من الماضي يطفو
الخَوفُ من الحاضر يلوذ بالفرار.
الخَوفُ من رنين الهاتف في منتصف الليل.
الخَوفُ من العواصف الرعدية.
الخَوفُ من عاملة النظافة مبقّعة الوجنة!
الخَوفُ من كلاب قيل لي إنها لا تعضّ.
الخَوفُ من القلق!
الخَوفُ من الاضطرار لتشخيص جثّة صديق ميّت.
الخَوفُ من نفاذ المال.
الخَوفُ من الملفّات النفسيّة؟
الخَوفُ من التأخر والخوف من الوصول قبل أيّ شخص آخر.
الخَوفُ من خط يد أطفالي على المظاريف.
الخَوفُ من أن يموتوا قبلي، فأحسّ بالذنب.
الخَوفُ من الاضطرار للعيش مع والدتي بسنّها المتقدّمة، وسنّي.
الخَوفُ من الارتباك.
الخَوفُ من أن ينقضي هذا النهار بملاحظة حزينة.
الخَوفُ من أن أفيقَ وأجد أنّك رحلتِ.
الخَوفُ من أن يفتك ما أحبّ بمَن أحبّ.
الخَوفُ من الموت.
الخَوفُ من حياةٍ مديدة.
الخَوفُ من الموت.
قد قلتُ ذلك.
اقرأ/ي أيضًا: