16-أغسطس-2021

الناشرة والروائية لينة كريدية

ألترا صوت – فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


لينة مصطفى كريدية ناشرة وروائية من لبنان، ولدت في بيروت سنة 1970. نشأت وسط أجواء تأليف الكتب وصناعة النشر. تولّت إدارة دار النهضة العربية بعد وفاة والدها المؤسّس مصطفى كريدية في بداية العام 2000، فاستكملت مسيرة الدار. وفي 2006، أطلقت مشروعًا شعريًا على مستوى لبنان والوطن العربي يعنى بشعر الحداثة في قصيدة النثر عملت من خلاله على تشجيع المواهب الشابة وساهمت في تنشيط الحركة الأدبية والتفاعل الثقافي.

لينة كريدية الروائية صدر لها لغاية الآن ثلاث روايات: "خان زاده" سنة 2010  و"نساء يوسف" سنة 2011 عن دار الآداب، و"ما ودّعك صاحبك" في العام 2015 عن دار النهضة العربية والتي بدأت منذ ذلك الحين في إصدار الروايات أيضًا. 


  • ما الذي جاء بكِ إلى عالم الكتب؟

القدر... الزمن... الصّدفة، وقد يحلو للبعض تسميتها مشيئة الله. هذه العوامل وغيرها هي التي أسهمت وتساهم يوميًا في صناعتنا، والدفع بحيواتنا نحو مجرياتها. شخصيًا لم أختر أن آتي إلى عالم الكتب، بل انسقت إلى ذلك بفضل الوالد، وهو ناشر عربي أكاديمي، ليكون الكتاب جزءًا من طفولة ومصيرًا بحكم الشّغف قبل المهنة. حتى صداقات الطّفولة كانت مع أولاد رفاق الأهل الّذين يقتنون مطبعة في منطقة الباشورة. كنا نتسلل إلى المطبعة ونلعب بقصاصات الورق تحت المقطع، ونحصد غضب الأمهات وهلعهن. وكان الموضوع يغضب الوالد أحيانًا. ازداد حبي للكتاب حين التحقت بدار النشر، وكان لي فرص عديدة وعظيمة إذ تعرفتُ إلى أساتذة جامعيّين كبار في شتّى المجالات. كان الفضول يدفعني إلى قراءة مؤلفاتهم والاستماع إلى نقاشاتهم خاصّة الأساتذة المصريين المدرسيين في جامعة بيروت العربية. لذلك وببساطة أعتبر نفسي محظوظة بالكتاب الذي نشأتُ في كنفه.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتكِ؟

كوني نشأتُ في مدارس المقاصد، وهي مدارس إسلامية وتُعنى بالتربية الدينية، تأسست على منهجية القرآن الكريم، كفكر ولغة، ومن الطبيعيّ أن يتأثر المرء جذريًا ليكبر، ومن ثمّ تحدث تحوّلاته فيتمرّد حينًا ويعود إلى الجذور أحيانًا أخرى. ثم بعد ذلك يجتهد للوصول إلى اعتداله وتسوياته الشخصية. في رحلة القراءة يبقى القرآن يدهش قارئه بلغته العالية وفصاحته، وينبّه إلى تعابير جديدة، والتجويد بدوره يصحح الأذن ويدخلها جنّةَ طربٍ رفيعة. هذا عدا اللغة والتكثيف والجمالية، وأحيانًا البساطة.

القرآن كتاب معّلم، شاهدته في كل مرحلة من مراحل حياتي من مكان مختلف، وبرؤيةٍ مختلفة، وهنا أتكلم عنه بالمجمل لا ككتاب دينيّ بحت.

  • من هو كاتبكِ المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

لا أستطيع الجزم إنْ كان أحدُنا يستطيع الردّ بأمانة على سؤال يتعلق بكاتب مفضّل. ربما السؤالُ الأدق هو تحديد نوعية النوع الكتابي الذي يضطلع به، أشعرٌ أم رواية أم فلسفة أم لغة؟ عندها تكونُ الإجابة أسهل... ربّما.

أحب ستيفن هوكنغ وأمين معلوف وبول شاوول وثيرفانتيس وجابر عصفور ومحمود درويش، ونجيب محفوظ. أحب أيضًا د. حلمي والتلوث السمعي الذي يؤثر سلبًا على اللغة... وآخرين كثرًا. ولو أطلقت العِنان لنفسي لملأتُ الموقع بالأسماء.

  • هل تكتبين ملاحظات أو ملخصات لما تقرئينه عادة؟

تتركز كتابة الملاحظات حول أهمية العمل الذي أقرؤه. أحب قلم الرصاص الذي غالبًا ما أضيّعه. أحبّ تسطير بعض الجمل أو كتابة هامش بسيط. طبعًا، على العمل أن يستحق التركيز كأن يكون كتابا فكريّا مقنعا لي.

ثمة كتب مرقدها صندوق أو لا بأس بأن أهديها لأوّل طالب يد لها. وثمة ما أقرؤه ولا أتوقف عند تفاصيله. ويوجد كمٌّ من الدواوين والمجموعات الشّعرية والروايات أجدني بحكم عملي مضطرّةً إلى تسجيل ملاحظات وتعديلات مفصّلة عليها.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

تغيرت علاقتي بالكتاب بعد أن أصبحتْ أكبرُ مكتبة بحجم عقلة أصبع موصولة بالكمبيوتر أو حتى بالهاتف عن طريق النت. المؤكد أنني أفضّل الكتاب الورقي، لكنْ للضرورة أحكام.

الكتاب الإلكتروني متاحٌ ومتوافر بسهولة في زمن الكورونا. لا معارضَ كُتب، ولا تكلفة باهظة على الأشجار والمحابر، "مجبر أخاك لا بطل". أقرأ بروفات الكتب كلها دون طباعتها للمحافظة على البيئة، وكذلك أشتري إي بوك أحيانًا، ولكن تبقى متعة القراءة محصورة بإشراك حاسة اللمس والشم إنْ كان الكتاب قديمًا، برائحة الحبر الطازج حينَ يهمُّ بالخروج من المطبعة.

  • حدّثينا عن مكتبتك؟

تهجّرت مكتبتي مرات عدة. حالُها حال بيروت. فقدتُ منها الكثير. أحب مقتنياتي وخاصة الكتب من شتى معارض العالم العربي، ومن دور نشر صغيرة بإصدارات مميزة ومحددة، وما زلتُ أحتفظُ بإهداءات خاصّة من شعراء ومبدعين عرب، منهم أصدقاء.

كوني ناشرة وروائية، فإنّ ذلك ميّزني. وأريدُ هنا أن أعترف: مكتبتي ستعود إلى من يستحقّها ويعشقُ الشّعر، هو سليلي وابنٌ غير بيولوجي لي. أنا واثقة أنها ستكون بين أيدٍ أمينة، وستكونُ لصاحبها بصمة في المشروع الشّعريّ الذي بدأته عام 2005.

  • ما الكتاب الذي تقرئينه في الوقت الحالي؟

أقرأ الآن كتاب أمين معلوف "غرق الحضارات" بترجمة نهلة بيضون، وإصدار دار الفارابي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة نور جمال

مكتبة أحمد عزيز سامي