23-أغسطس-2021

الناشر ​سامر السبع

ألترا صوت – فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


سامر زهير السبع ناشر من العراق. من مواليد 1989 حاصل على شهادة بكالوريوس علوم شرطة. أحد مؤسسين مكتبة ومنشورات نابو في بغداد.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

المصادفة هي التي جاءت بي الى عالم القراءة، وليس الكتب! فالكتب تحيط بنا دومًا. والمصادفة هنا هي الدرس الأكبر الذي تعلمته من القراءة. فلو أنني أعود إلى اللحظة التي قرأت بها الكتاب الأول وأحلل كيف ازداد عدد الكتب التي قرأتها واحدًا بعد الآخر، سأجدُ أن أصل تعلقي بالقراءة يعود إلى أحد أفراد عائلتي الذي قد نصحني بقراءة أحد الكتب التي أثارت إعجابه. فقرأتُ الكتاب وهكذا صارت القراءة جزءًا مهمًا من تشكلي. دور المصادفة كبير جدًا في حياتنا، ومن يقرأ لبورخيس ربما يعرف ما أقصد بشكل أوضح. إنها اليانصيب الذي يقوى أحيانًا حتى على الإرادة في بعض الأحيان.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

هنالك كتب كثيرة تأثرت بها. ومن بين تلك الكتب. كتب الروايات الاجتماعية، وأذكر منها على المستوى المحلي، (ولا بدّ من الإشارة إلى أهمية قراءة الكتب التي تُنتجُ بمحيط القارئ فنحن نبحث دومًا عن تمثلات تلامس يومياتنا واستعارات خاصة بنا). المسرات والأوجاع للروائي الراحل فؤاد التكرلي، ورواية آخر الملائكة لفاضل العزاوي، ورواية إنه يحلم أو يلعب أو يموت لأحمد سعداوي، ورواية أصغي إلى رمادي للراحل حميد العقابي. أما على المستوى المركزي كما يسمى بالأدب تعلقت كثيرًا بأغلب ما كتبه نيتشه، وبورخس، وكونديرا.

أحببت كتاب الذاكرة التاريخ النسيان لبول ريكور، وكتاب التلمذة الفلسفية لغادامير، وكتاب الفرق والمعاودة لجيل دولوز، وكتاب المؤمن الصادق لإريك هوفر، واختفاء الكائن البشري لبيري ساندرز. قلت هنالك كتب كثيرة. ولا أريد أن أطيل بأسماء الكتب ربما أضيف بعض الأسماء بالأسئلة القادمة لكي نستذكرها معًا.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

نيتشه وبورخيس. نيتشه لأنه صاحب المطرقة الأولى التي حطمت سد الأفكار، وأيقظ تلك التساؤلات الكبيرة من سباتها الدوغمائي. وبورخيس، لأنه بورخيس!

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

لا أكتب الملخصات ولا أحبها بصراحة.. لأنني كلما أفكر بأمر الملخصات أجد كتابتها غير مناسبة. الملخص الذي يحاول قول الشيء نفسه تقريبًا. لا يقول شيئًا! تُرى هل من ممكن أن نقول عن آلام فارتر.. بأنها قصة حب شاب تنتهي نهاية مأساوية بسبب الحب؟! أو نقول عن دون كيخوت بأنها قصة خيالية لبطل يحاول محاربة طواحين الهواء؟! لا يمكن بحسب رأيي بأن يختزل النص المكتوب بحكاية واحدة تبدأ من نقطة وتنتهي عند نقطة. مجازات اللغة في الكتابة الرصينة أكبر وأبعد من الحكاية وحتى من الصور المرئية. هنالك قوس كهربائي حول كل كلمة قد نقرأها بكتاب يمكن لها أن تضيء شيئًا في نفوسنا. ويمكن أن تطفأ شيئًا.

أحب الملاحظات ودائما أكتب ملاحظات او أتحدث لأصدقائي عن ملاحظاتي في قراءة الكتب. وكل الكتابة اعلاه اعدّها نوعًا من الملاحظات حول القراءة.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

علاقتي مع الكتاب الورقي علاقة وطيدة. ولا يمكن أن أستبدله بالكتاب الإلكتروني. أقرأ بعض الأحيان كتبًا إلكترونيًا بسبب عملي ناشرًا وليس قارئًا. ولكنني عند قراءة تلك الكتب. أظل متأملًا لحظة تحقق تلك الكتب بشكلها الأتم.. الشكل الورقي الذي لا يضاهى.

هنالك رهان أعدّه أنا رهانًا خاسرًا على صمود الكتاب الورقي منذ أكثر من مائة عام. فحين ظهور الصحف بدأ الحديث عن إمكانية التخلي عن الكتب الورقية وانتفاء الحاجة لها. وبعدها عند ظهور الراديو تم تداول الاحاديث نفسها.. والشيء نفسه تكرر أيضًا مع اختراع التلفزيون.. ولكن "عبثًا المحاولة" كما يقول عمنا "بيكت" اليوم مع خدمات الانترنت والتطور الكبير الإلكتروني. هنالك كتب "ورقية" تحقق مبيعات خيالية.

فإذا ذهبنا إلى اليابان سنرى هنالك طوابير تقف انتظارًا للحصول على أي رواية جديدة للكاتب هاروكي موراكامي.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟ 

لا أعرف كيف أبدأ الحديث عن المكتبة.. تكاد تكون المكتبة بالنسبة إلي هي العزاء الأكبر بالحياة. على المستوى الشخصي.. مكتبتي هي التي علمتني الدروس الأهم بالحياة. هنالك فرضية في كتاب الروائي الأمريكي بول أوستر (4321) تقول: إن خطوط حياتنا تحددها بضع مصادفات، وكل مصادفة ممكن أن تقودنا إلى طُرق مختلفة. وتحدد لنا مصائر مختلفة أيضًا. ما أريد أن أقوله بأن مكتبتي قادتني نحو طريق إلى الآن أحسبه طريق يهوّن كلّ المصائر! لذلك أصفها بالعزاء الأكبر.. إنها تشبه كثيرًا القلاع والبنيان الذي استطاع أن يجعل گلگامش يُعيد النظر بفكرة الخلود.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟ 

أقرأ الآنَ كتاب في القسوة من تأليف كنعان مكية، من إصدارات منشورات الجمل. وأقرأ كتاب ضد الديمقراطية والمساواة (إلكترونيا) ترجمة حيدر راشد. وأتأملُ مجموعةَ كتبٍ قرأتها إلكترونيًا كذلك.. سيُعلن عن صدورها قريبًا في منشورات نابو.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة لينة كريدية

مكتبة نور جمال