بدأت حملة الانتخابات العامة في البرتغال التي تستمر أسبوعين رسميًا، مع تقدم أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط في استطلاعات الرأي، مع توقعات لليمين الشعبوي، بالحصول على خُمس الأصوات، في ظل تصاعد الاتجاه القومي الأوروبي، بحسب صحيفة "الغارديان".
ومن الممكن أن يصبح حزب تشيجا (كفى)، الذي يتزعمه معلق كرة القدم السابق أندريه فينتورا، صانع الملوك إذا ثبتت دقة استطلاعات الرأي. وسجل حزبه 1.3% من الأصوات في انتخابات 2019 لكنه قفز إلى 7.3% في 2022 وارتفع منذ ذلك الحين بنحو 19%.
وأطلق لويس مونتينيغرو، زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي المحافظ، حملته الانتخابية في منطقة براغانسا الشمالية، قائلًا إنه واثق من تحقيق "انتصار عظيم" للتحالف الثلاثي، الذي شكله مع حزبين يمينيين أصغر.
الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في العاشر من آذار/مارس، والتي تمت الدعوة إليها بعد الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء الاشتراكي أنطونيو كوستا، تجرى في ظل فضائح فساد متعددة غذت خيبة أمل الناخبين وتفضيل اليمين المتطرف
وقال بيدرو نونو سانتوس، زعيم الحزب الاشتراكي الحالي، للمتسوقين في سوق خارج بورتو إن حزبه يتمتع "بعلاقة القرب والثقة" مع الناخبين، وكان "يركز على النصر الذي يوقف تقدم اليمين".
ومع ذلك، يتوقع فوز الاشتراكيين بأكبر عدد من الأصوات، ولكن من المتوقع أن تنتهي الأحزاب اليمينية مجتمعة بزيادة عدد مقاعدها في البرلمان، فيما يتجه تسليط الضوء على معلق كرة القدم السابق فينتورا، الذي قال منذ فترة طويلة، إنه لن يدعم ائتلافًا يمينيًا، ما لم يتم انتخابه رسميًا كجزء منه.
وخلافًا لما حدث في العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فقد فشل اليمين المتطرف حتى الآن في إحداث تأثير كبير في البرتغال، التي تحتفل في نيسان/أبريل بمرور نصف قرن على ثورة القرنفل في عام 1974، التي أنهت سنوات عديدة من الحكم الاستبدادي.
لكن الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في العاشر من آذار/مارس، والتي تمت الدعوة إليها بعد الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء الاشتراكي أنطونيو كوستا، تجرى في ظل فضائح فساد متعددة غذت خيبة أمل الناخبين وتفضيل اليمين المتطرف.
وانهارت حكومة كوستا، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وسط تحقيق في الفساد أدى إلى قيام الشرطة بتفتيش مقر إقامته الرسمي ووزارتي البيئة والبنية التحتية، فضلًا عن اعتقال رئيس مكتبه، وهو غير متهم بأي جريمة.
وفي الأسابيع الأخيرة، قضت محكمة في لشبونة بوجوب محاكمة رئيس الوزراء الاشتراكي السابق، خوسيه سوقراطيس، بسبب مزاعم بأنه حصل على حوالي 34 مليون يورو، خلال فترة وجوده في السلطة من الكسب غير المشروع والاحتيال وغسل الأموال.
ويواجه الحزب الديمقراطي الاشتراكي، الذي تناوب على السلطة مع الاشتراكيين لعقود من الزمن، أيضًا مزاعم بالفساد، حيث أُجبر اثنان من السياسيين البارزين في الحزب الاشتراكي الديمقراطي مؤخرًا على الاستقالة وسط تحقيقات الفساد في ماديرا.
وتعد أزمة الإسكان، واستمرار مستويات الأجور المنخفضة، وخدمات الصحة العامة غير الموثوقة، من المجالات الأخرى التي تتعرض فيها سجلات الحزبين الرئيسيين للطعن، التي تشير استطلاعات الرأي إلى تعادلهما بنسبة 28% و29% من الأصوات.
كما هو الحال في أي مكان آخر في أوروبا، جعل حزب "تشيجا" من مكافحة الفساد المزعوم أحد موضوعاته الرئيسية، وظهر على لوحات الإعلانات: "البرتغال بحاجة إلى التطهير"، بينما يقوم أيضًا بحملات حول الهجرة، وأزمة المناخ، والاختلافات الدينية والثقافية.
ويؤيد الحزب عقوبة الإعدام والإخصاء الكيميائي للمغتصبين المتكررين ويريد عدم التسامح مطلقًا مع "الهجرة غير النظامية". وقال أيضًا إنه يريد أن تحصل البرتغال على مزيد من الحرية من الاتحاد الأوروبي لمتابعة بعض العلاقات الاقتصادية الثنائية.
اليمين يصعد
ويشارك الشعبويون اليمينيون المتطرفون في ائتلافات حكومة إيطاليا وفنلندا ويدعمون ائتلافًا آخر في السويد. ويسير حزب الحرية النمساوي في طريقه للفوز بالانتخابات المتوقعة هذا الخريف، في حين حقق حزب البديل من أجل ألمانيا وحزب التجمع الوطني الفرنسي مستويات قياسية في استطلاعات الرأي.
وفي انتخابات البرلمان الأوروبي المقرر إجراؤها في حزيران/يونيو، تسير أحزاب اليمين المتطرف على الطريق نحو احتلال المركز الأول في تسع دول، بما في ذلك النمسا وفرنسا وبولندا، والمركز الثاني أو الثالث في تسع دول أخرى، بما في ذلك ألمانيا وإسبانيا والبرتغال والسويد.
وقد استبعد زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حتى الآن تشكيل أي ائتلاف يضم حزب تشيجا البرتغالي. لكن بعض المحللين يشككون في أن حزب يمين الوسط، بعد ثماني سنوات في المعارضة، سوف يلتزم بهذا التعهد إذا احتاج إلى أصوات "تشيجا" لضمان الأغلبية.
في انتخابات البرلمان الأوروبي المقرر إجراؤها في حزيران/يونيو، تسير أحزاب اليمين المتطرف على الطريق نحو احتلال المركز الأول في تسع دول
وقال أنطونيو كوستا بينتو، عالم السياسة في معهد العلوم الاجتماعية بجامعة لشبونة، إن "الطوق الصحي" حول الأحزاب اليمينية المتطرفة "لم ينجح مع الديمقراطيات الأوروبية الأخرى، وستكون البرتغال مثالاً آخر".
وقال نونو سانتوس، خليفة كوستا على رأس الحزب الاشتراكي، إنه لن يمنع تشكيل حكومة أقلية برئاسة يمين الوسط إذا حصلوا على المركز الأول ولكن دون أغلبية.
ويأمل حزبه، كما حدث في الماضي، في تشكيل تحالفات برلمانية مع الحزب الشيوعي البرتغالي أو كتلة اليسار للبقاء في السلطة.