20-أكتوبر-2023
معين بسيسو والجزء الأول من أعماله الكاملة (الترا صوت)

معين بسيسو والجزء الأول من أعماله الكاملة (الترا صوت)

معين بسيسو شاعر فلسطيني من مواليد حي الشجاعية في مدينة غزة عام 1926. يُعد واحدًا من أشهر الشعراء الفلسطينيين، وأحد رواد الأدب والشعر المقاوم الذي رافق الكفاح الفلسطيني المسلح خلال القرن الفائت
وخاض بسيسو تجربته في لبنان، حيث قاتل في صفوف المقاومة الفلسطينية وخرج مع مقاتليها إلى تونس
عام 1982.

تتميز قصائد بسيسو بنبرتها الحادة وما تنطوي عليه من غضب إلى جانب قدرتها على التعبير عن الواقع. وعلى خلفية اللحظة الدموية التي يواصل فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، وسفك دماء الفلسطينيين فيها دون حساب وبلا هدف سوى الإبادة والتطهير العرقي، وبينما يواصل الفلسطينيون مقاومته؛ ننشر هنا واحدة من أشهر قصائده وهي "المدينة المحاصرة".


المدينة المحاصرة

البحرُ يَحكي للنجومِ حكاية الوطنِ السجينْ

والليلُ كالشحاذ يَطرقُ بالدموعِ وبالأنينْ

أبوابَ غزةَ وهي مغلقةٌ على الشّعبِ الحزينْ

فيحركُ الأحياءَ ناموا فوقَ أنقاضِ السنينْ

وكأنّهم قبرٌ تدقُّ عليهِ أيدي النابشينْ.

 

وتكادُ أنوارُ الصَّباح تُطلُّ من فَرطِ العذابْ

وتطاردُ اللّيلَ الذي ما زالَ موفورَ الشبابْ

لكنّهُ ما حانَ موعدُها وما حان َ الذهابْ

الماردُ الجبّارُ غَطّى رأسَهُ العالي الترابْ

كالبحر غَطّاهُ الضبابُ وليسَ يقتلهُ الضبابْ.

 

ويُخاطبُ الفجرُ المدينةَ وهي حيرى لا تجيبْ

قُدَّامها البحرُ الاُجاجُ وملْؤها الرملُ الجديبْ

وعلى جَوانِبها تدبُّ خُطى العدوِّ المستريبْ

ماذا يقولُ الفجرُ هل فُتِحَتْ إلى الوطنِ الدروبْ

فنوَدعُ الصحراءَ حينَ نسيرُ للوادي الخصيبْ؟

 

لسنابلِ القمحِ التي نَضَجَتْ وتنتظرُ الحصادْ

فإذا بها للنّارِ والطيرِ المشرَّدِ والجرادْ...

ومَشى إليها الليلُ يُلبسُها السوادَ على السوادْ

والنّهرُ وهو السائحُ العَدَّاءُ في جَبلٍ ووادْ

ألقى عصاهُ على الخرائبِ واستحالَ إلى رمادْ.

 

هذي هي الحسناءُ غزةُ في مآتِمها تدورْ

ما بينَ جوَعى في الخيامِ وبين عَطشى في القبورْ

ومعذَّبٍ يقتاتُ من دمهِ ويتعصرُ الجذورْ

صورٌ من الإذلالِ فاغضبْ أيها الشعبُ الأسيرْ

فسياطُهمْ كتبتْ مصائِرنَا على تلكَ الظهورْ

أقرأتَ أمْ ما زلتَ بكَّاءً على الوطنِ المُضاع؟

لخوفُ كَبَّلَ ساعديكَ فَرحتَ تجتنبُ الصِراعْ

وتقولُ إنّي قدْ غرِقتُ وشَقّتِ الريحُ الشراعْ

يا أيّها المدحورُ في أرضٍ يضجُّ بها الشعاعْ

أنشدْ أناشيدَ الكفاحِ وسرْ بقافلةِ الجياعْ.