20-يناير-2017

مجموعة من مقاتلي فتح الشام خلال أحد معارك حلب (عمر قادور-أ ف ب-Getty)

بعد ساعات من إعلان وزارة الدفاع الأمريكية استهدافها، الثلاثاء الفائت، أحد قيادييّ جبهة "فتح الشام"، سابقًا "جبهة النصرة"، قبل أن تعلن فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة"، تواردت أنباء عن استهداف مقاتلات حربية مجهولة الهوية لأحد معسكراتها في ريف حلب مخلفًة عشرات القتلى في صفوفها.

بحسب الإحصائيات، فإن أكثر من 60 قياديًا وعنصرًا قضى بالضربات الجوية الأمريكية التي طالت جبهة "فتح الشام"

المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، بيتر كوك، أعلن أن بلاده تبنت عملية اغتيال المسؤول في تنظيم "القاعدة"، التونسي محمد حبيب بوسعدون، في غارة جوية استهدفته في شمال غرب سوريا، مشيراً أن القيادي البارز في التنظيم قدم إلى سوريا عام 2014، وهو المسؤول عن "العمليات الخارجية لتنظيم القاعدة".

اقرأ/ي أيضًا: بدعم تركي..المعارضة السورية تصرح عن جيش وطني

ولم تمضِ إلا ساعات قليلة، حتى نقلت وسائل إعلام محلية شن مقاتلات حربية مجهولة الهوية، يرجح أنها للتحالف الدولي، غارة جوية على معسكر لـ"فتح الشام" في جبل "الشيخ سلمان" بريف حلب الغربي أدت لمقتل العشرات من عناصر الحركة، فيما قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، إن الغارة أسفرت عن مقتل 40 عنصرًا على الأقل، مرجحًا ارتفاع العدد بسبب وجود حالات خطرة بين الجرحى، دون أن يصدر عن الجبهة أي تصريح رسمي حتى لحظة إعداد الخبر عينه.

ومنذ بداية العام الحالي، نفذت مقاتلات حربية للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن أكثر من غارة جوية في شمال سوريا، استهدفت فيها قيادين لـ"فتح الشام"، وبحسب الإحصائيات المتناقلة، من دون أن تشمل الضربة الأخيرة، فإن أكثر من 60 قياديًا وعنصرًا قضى بالضربات الجوية التي طالت الجبهة.

وتبنت جبهة "فتح الشام" قبل أيام في بيان صادر عنها التفجيرات، التي ضربت المربع الأمني للنظام السوري في منطقة "كفرسوسة" في العاصمة دمشق بتاريخ الـ12 من الشهر الجاري، مشيرة أن العملية استهدفت وفدًا يضم 16 مستشارًا عسكريًا روسيًا.

وأكد الناطق العسكري باسم حركة "نور الدين الزنكي" عبد السلام عبد الرزاق، عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، أمس الخميس، مقتل ثلاثة من عناصر الحركة بغارة لـ"طائرة دون طيار" استهدف إحدى النقاط لحركة الزنكي في ريف حلب الغربي".

ونفى عبد الرزاق في تغريدة ثانية ما تناقلته وسائل إعلام محلية أن الغارة استهدفت مقاتلين للزنكي و"فتح الشام" في آن واحد، موضحًا ذلك بقوله "الغارات الجوية اليوم (الخميس) على مواقع للزنكي، وأخرى لفتح الشام كانت على موقعين مختلفين، وليس كما نشر في الإعلام عن موقع واحد".

فتح الشام تهاجم أحرار الشام

وشهد ريف إدلب في شمال سوريا، أمس الخميس، توترًا ملحوظًا بعدما هاجم عناصر من "فتح الشام" حاجزين لحركة "أحرار الشام الإسلامية" في منطقة "خربة الجوز" على الحدود التركية، قامت من خلاله باعتقال عناصر الحركة المتواجدين على الحاجزين، على خلفية اعتقال الأخيرة لأحد مقاتلي الجبهة.

الهجوم الذي شنته الجبهة على حاجزي الحركة، جاء بعد يوم واحد من إعلان الأحرار عدم مشاركتها في مؤتمر "أستانا" بين النظام وفصائل المعارضة السورية، دعمًا لـ"فتح الشام"، وأشارت في بيان صادر عنها أنها اتخذت هذا الخيار منعًا لـ"الصدام الداخلي بين المؤيدين والمعارضين للمؤتمر، فيكون موقف الحركة سدًا أمام التخوين والتكفير لمن ذهب، وسدًا أمام عزل فتح الشام ومن رفض المؤتمر، وهذا لا يتحقق إلا بموقف عدم الذهاب".

اقرأ/ي أيضًا: سوريا..سباق دولي لكسب أوراق التفاوض في الأستانا

وعلى الرغم من أن وسائل إعلام محلية أكدت عن مصادر مقربة من الطرفين توصلهما لحل يقضي بإطلاق سراح المعتقلين لديهما، ذكرت صباح اليوم الجمعة صفحات مختلفة على "تويتر" أن عناصر تنظيم "جند الأقصى" المبايع لـ"فتح الشام" هاجمت مقرات لحركة "أحرار الشام" في بلدة "أبلين" في "جبل الزاوية" بريف إدلب، ما يرجح إمكانية التصعيد العسكري بين الطرفين.

في حال استمر هجوم "فتح الشام" على "أحرار الشام"، فمن المتوقع أن نشهد معاركًا قد تعيد توزيع القوى العسكرية في شمال سوريا

واتهم عدد من الشرعيين المقربين من "فتح الشام" خلال الأشهر الأخيرة حركة "أحرار الشام" بتعطيلها مشروع الاندماج بين الفصائل المعارضة في الشمال السوري، بعد أن كان الإعلان عنها مسألة وقت، فيما أكد آخرون أن المعطل الرئيس لعملية الاندماج كان "فتح الشام"، التي أصرت على أن تكون كافة القرارات بيد قائدها أبي محمد الجولاني.

وهذه ليست المرة الأولى التي تهاجم "فتح الشام" أحد فصائل المعارضة السورية، إذ أنها داهمت خلال الشهرين الفائتين، أثناء الحصار الذي فرض على الأحياء الشرقية لمدينة حلب، مقرات لعدد من فصائل المعارضة من بينها تجمع "فاستقم كما أمرت"، إضافة لقضائها على عدد من فصائل "الجيش السوري الحر" في تواريخ مختلفة بحجة حصولها على دعم عسكري من الولايات المتحدة.

وفي حال استمر هجوم "فتح الشام" على مقرات أحد أكبر الفصائل المتواجدة في شمال سوريا، أحرار الشام، فإنه من المتوقع أن نشهد خلال اليومين القادمين معاركًا قد تعيد توزيع القوى العسكرية في شمال سوريا، وترسم ملامح الحياة المدنية فيها، بعد التسريبات التي تحدثت عن إمكانية إدارة المعارضة لمناطق سيطرتها.

فيما لا تزال "فتح الشام" تتجاهل مساندة معظم فصائل المعارضة لها، ورفضهم إدراجها على قائمة "التنظيمات الإرهابية"، في الوقت الذي أصبح قياديها تحت مرمى مقاتلات التحالف الدولي وروسيا، إذ يتضح أكثر من الهجمات المكثفة التي ضربت مواقعها خلال الشهر الجاري أنها لن تكون بمأمن كما الأعوام السابقة، إضافة لازدياد الاحتقان الشعبي تجاه عناصرها، الذين يقومون بقمع أي مظهر من مظاهر الاحتجاج السلمي في محافظة إدلب.

اقرأ/ي أيضًا: 

سوريا..اقتراب انهيار هدنة العام الجديد

هل تفشل إيران مؤتمر الأستانا