10-أكتوبر-2016

لعل المتضرر الأكبر الآن هو تحالف "جيش الفتح" الذي يضم كبرى الفصائل السورية(عمر حاج قدور/أ.ف.ب)

​يبدو أن توسط جبهة "فتح الشام"، بقبولها "البيعة" من تنظيم "جند الأقصى"، لم يستطع إنهاء القتال بين الأخيرة، وحركة "أحرار الشام الإسلامية"، في ريف إدلب الجنوبي والشمالي، بعدما أعلنت الحركة، مساء الأحد، عدم الموافقة على ما جاء في "بيان البيعة"، الذي حمل توقيعي، أبو دياب السرميني ممثلًا عن الجُند، وأبو محمد الجولاني ممثلًا عن "فتح الشام".

حتى اللحظة لا تشير المعطيات إلى أن هناك مواجهة مرتقبة بين "أحرار الشام" و"فتح الشام" بعد ضمها للجند

المتحدث الرسمي باسم "فتح الشام"، حسام الشافعي، قال إنهم وافقوا على البيعة بعد التواصل مع "أحرار الشام"، و"قبولهم بمحكمة شرعية، وتسليم المتورطين ومن ترفع دعوى ضدهم، وحل الجند واندماجهم كاملًا داخل فتح الشام وتبني سياستها كاملة"، وهو ما أورده بيان البيعة الذي نص على أن "كل ما يتعلق بالمشكلة الأخيرة والقضايا العالقة يحال إلى قضاء شرعي يتفق عليه مع قيادة فتح الشام".

اقرأ/ي أيضًا: هل يتصادم الجهاديون في الشمال السوري؟

تصريحات فتح الشام، رد عليها المتحدث باسم أحرار الشام، أحمد علي قره علي، نافيًا أن تكون الحركة استشيرت بشأن البيعة، ومؤكدًا مضيهم للقضاء على الجُند، وغرّد من بعده، نائب القائد العام للحركة عن الشؤون العسكرية، أبو صالح طحان، يقول إن الاتفاق تضمّن قبول بيعة الأفراد، لا التنظيم كاملًا، ومحذرًا من أن "البيعة بهذه الصورة تفاقم المشكلة ولا تحلها".

كما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي، بيانًا موقعًا باسم "جند الأقصى/قاطع حماة"، يرفض البيعة لفتح الشام، قبل أن يتم نفيه وتكذيبه، وتأكيد قادة الجُند على أن جميع العناصر ملتزمون ببيان البيعة، لكنه لم يستطع إيقاف المواجهات حتى صباح اليوم بين الطرفين، زاد عليها استهداف الجُند ظهرًا حاجزًا لأحرار الشام في مدينة "سراقب" في ريف إدلب.

وأصدرت ثمانية فصائل معارضة، بينهم الأحرار، بيانًا أكدوا فيه استمرارهم في الحرب ضد الجُند، فيما أعلن القائد العام لـ"ألوية صقور الشام"، أبو عيسى الشيخ، عدم قبوله البيعة، ونفيه أن يكون هناك وقف لإطلاق النار، وألحقه المتحدث باسم الألوية، مأمون حاج موسى، قائلًا إن أمر القضاء على الجُند بات متعلقًا بالثورة السورية.

ومن نافل القول التذكير، أن جبهة "فتح الشام"، عندما كانت تحت مسمى "جبهة النصرة"، قبل أن تفك ارتباطها بـ"تنظيم القاعدة"، وقفت لأكثر من مرة على الحياد في معارك بين المعارضة وتنظيم الدولة، من بينها معارك تنظيم "الدولة الإسلامية" ضد فصائل المعارضة في مخيم "اليرموك" جنوب دمشق، وقبلها في معارك فصائل المعارضة ضد التنظيم مطلع عام 2014، وما قبلها من عام 2013، وهي تعيد ذات التصرف اليوم، في وقوفها على الحياد.

اليوم تلعب "فتح الشام" الدور عينه الذي لعبه الظواهري بين النصرة وتنظيم الدولة سابقًا لكن بطريقة مختلفة وهي قبولها بيعة الجُند

ومن الواضح أن الخلاف لم يعد من الممكن إنهاؤه، مثل المرات السابقة بالاحتكام لـ"محكمة شرعية"، بعد خروجه عن السيطرة، واحتدام المعارك بين الطرفين، فالجُند متهم، وفق اعترافات معتقليه لدى الأحرار، باغتيال قادة بارزين في فصائل المعارضة السورية. وهو ما يذكرنا بقضاء "فتح الشام" على عدد من فصائل المعارضة، التي تتهمها بالعمالة للولايات المتحدة، واصفةً إياهم بـ"المفحوصين أمريكيًا"، كان آخرها مع "الفرقة 13" في مدينة "معرة النعمان" بريف إدلب.

اقرأ/ي أيضًا: بعد حربها على "الجند"..أحرار الشام على مفترق طرق

هكذا يُعيدنا الخلاف بين أحرار الشام والجُند، إلى ما قبل ثلاث سنوات تقريبًا، عندما حاول زعيم القاعدة، أيمن الظواهري، أن يكون وسيطًا لحل الخلاف بين النصرة وتنظيم الدولة، لترفض الأخيرة تحكيمه، وتقوم بتكفيره، وتغتال عددًا من قادة النُصرة. اليوم تلعب "فتح الشام" باسمها الجديد الدور عينه، لكن بطريقة مختلفة، وهي قبولها بيعة الجُند، لكن الوقائع متشابهة في النهاية، رغم اختلافات التسمية، كون للطرفين صلة بالتنظيم المؤسس، أي القاعدة، الذي أعلنوا انفكاكهم عنه.

حتى اللحظة لا تشير المعطيات أن هناك مواجهة مرتقبة بين أحرار الشام وفتح الشام، كون الأخيرة قليلة التصريح عبر متحدثها الرسمي، وتحاول احتواء الموقف، فيما ناطقو الأحرار يحاولون أن يدعموا تصريحاتهم بدلائل تجيز الحرب على الفصيل، الذي تربطه علاقات قوية ومتينة مع "تنظيم الدولة" من خلال قادته.

ولعل المتضرر الأكبر هو تحالف "جيش الفتح" الذي يضم كبرى الفصائل السورية، من بينها من أعلن رسميًا مؤازرته لأحرار الشام، إذ أصبح مهددًا بالتفكك، ما يجعل إمكانية خروج استقالات عن الاستمرار مع الفتح من الفصائل المشاركة أمرًا ممكن الحدوث، إضافة لتأسيس تشكيل جديد، يمهد لمواجهة كبرى في شمال سوريا.

اقرأ/ي أيضًا:

حرب باردة في مجلس الأمن حول حلب..ومصر مع الجميع

كيف تحولت مكاسب روسيا في سوريا وأوكرانيا لخسائر؟