13-يناير-2022

من العرض (فيسبوك)

ألترا صوت – فريق التحرير

يستضيف مسرح "مترو المدينة" في منطقة الحمرا بالعاصمة اللبنانية بيروت، عند الساعة التاسعة من مساء اليوم الخميس، 13 كانون الثاني/ يناير الجاري، عرضًا جديدًا لمسرحية "ست الدنيا"، التي عُرضت للمرة الأولى على الخشبة نفسها في 28 كانون الأول/ ديسمبر الفائت.

تقدّم مسرحية "ست الدنيا" نقدًا قاسيًا لـ "الزمن الجميل" للعاصمة اللبنانية، وترى أن بؤس الواقع الراهن هو ما جعله جميلًا

تنهض المسرحية التي يتواصل عرضها حتى 26 كانون الثاني/ يناير الجاري، على قصة واقعية تشارك كلٌ من خالد صبيح، وزياد عيتاني، وهشام جابر في صياغتها على شكل نصٍ مسرحي أخرجه هشام جابر، وقدّمه زياد عيتاني.

اقرأ/ي أيضًا: مسرحية "برلمان النساء".. كوميديا عن الواقع الفلسطيني

تدور قصة "ست الدنيا" حول أميرة، وهي سيدة بيروتية تستعيد، في منزلها الواقع في منطقة رأس بيروت، وعلى مدار ساعة و20 دقيقة تقريبًا، ما مضى من حياتها الممتدة على أكثر من 80 عامًا، خبرت خلالها مآسي وآلام مختلفة بدأت منذ أن زوّجها والدها، دون إرادتها وقبل بلوغها حتى، من رجلٍ يكبرها بأكثر من 30 عامًا.

تستعيد أميرة تفاصيل وأحداث ماضيها الذي تقاسمه البؤس والشقاء، بهدف التخفيف من حدة وحدتها أولًا، ومحاكمته ثانيًا. غير أن هذه المحاكمة لا تقتصر على حياتها فقط، بل تشمل أيضًا بيروت التي أضاءت، عبر حديثها عن معاناتها فيها، على مرحلة مهمة من تاريخها السياسي والاجتماعي، وذلك إلى جانب رصدها لتحولاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، منذ أواخر خمسينيات القرن الفائت وحتى هذه اللحظة.

تقدّم أميرة عبر عودتها إلى ماضيها، وسردها لتفاصيل شقائها واستغلالها، صورة تقف على النقيض من تلك التي يجري تداولها عن بيروت بين خمسينيات وستينيات القرن الفائت، أو ما يُعرف بـ "الزمن الجميل" للعاصمة اللبنانية، وهو الوصف الذية تنكره أميرة، بل وتسخر منه على اعتبار أنه يحيل إلى زمنٍ شديد القسوة لا عليها فقط، وإنا على نساء المجتمع البيروتي بصورة عامة.

وتتكئ السيدة البيروتية التي يؤدي دورها زياد عيتاني، في سخريتها من ذلك الزمن، على سرد ما تعرضت له من ظلمٍ واستغلال، وما وثقته ذاكرتها من طرق وأساليب مهينة اتبعها المجتمع البيروتي في التعامل مع المرأة، وذلك إلى جانب حديثها عن العادات والتقاليد البالية التي انفردت برسم مصير المرأة وشكل حياتها.

ولا تغفل أميرة، في معرض سخريتها من تلك الحقبة، عن الإشارة إلى فقراء بيروت عبر حديثها عن تصرفات والدها شديدة القسوة مع مستأجري عقاراته، وجلّهم من الفقراء، عند تأخرهم عن دفع الإيجار الشهري، إذ تقول إنه لم يكن يتردد في طرد من يتأخر حتى وإن انتهى بهم الأمر في الشارع.

تقوم مسرحية "ست الدنيا" إذًا على هجاء ما يُعرف بـ "الزمن الجميل" لبيروت، التي تتقاطع سيرتها مع قصة أميرة وفق ما ذكره زياد عيتاني، الذي أشار في حديثه لـ "ألترا صوت" إلى أن عنوان المسرحية هو نتاج تماهي هاتين السيرتين، وتقاطع أحوال بيروت وأميرة التي دمرتها عادات وتقاليد تلك الحقبة.

يقول عيتاني إن المسرحية: "تطرح على المتفرج سؤال: هل كان ذلك الزمن جميلًا فعلًا؟ أم أن بؤس الواقع الراهن وسواده هو ما جعل منه زمنًا جميلًا في نظرنا؟". كما ويشير إلى أن ما تعرضت له أميرة من ظلم وقمع ومصادرة لقرارها وحريتها من الآخرين، يشبه إلى حدٍ كبير ما تعرضت له مدينة بيروت منذ نهضتها، في الخمسينيات، وحتى هذه اللحظة.

ويرى الممثل المسرحي اللبناني أنه ليس بالضرورة أن يحمل العمل رسائل سياسية، ولكن هذا لا يعني أيضًا غياب السياسية عنها، ذلك أن استعادة أميرة لتفاصيل وأحداث ماضيها يسلط الضوء على مراحل سياسية مختلفة وفارقة في تاريخ لبنان، ناهيك عن أن السلطة الأبوية التي دمرت حياة أميرة تشبه، وفق تعبيره، السطلة التي يعاني منها اللبنانيون الآن.

وحول سؤالنا عن الجديد الذي تحمله "ست الدنيا"، مقارنةً بمسرحياته السابقة، يقول ضيفنا: "هذه المسرحية مختلفة عن سابقاتها تمامًا، إن كان من حيث الإخراج، أو النص، أو حتى الشخصية أيضًا". ويضيف: "في مسرحياتي السابقة لعبت دور الحكواتي ضمن أجواء كوميدية هزلية وساخرة، ولكنني في هذه المسرحية أجسد دور سيدة لها أحاسيسها ومشاعرها وخصوصيتها النفسية والجسدية التي تطلّب تجسيدها رحلة طويلة من التدريب، والكثير من الصبر".

تدور مسرحية "ست الدنيا" حول سيدة بيروتية تستعيد ما مضى من حياتها التي تقاسمها البؤس والشقاء على مدار 80 عامًا

ويشير عيتاني في حديثه إلى أن هذه السيدة التي كانت شاهدة على نهضة بيروت وخرابها، قدّمت عبر استعادة ماضيها صورة لعادات وتقاليد وأعراف المجتمع البيروتي، وذلك إلى جانب رصدها للأخطاء التي ترى أنها دمرت العاصمة، وهي أخطاء بدأت تتراكم منذ "الزمن الجميل" الذي تسخر منه، وترى أن سوء الواقع الراهن هو الذي غطّى على عيوبه.

اقرأ/ي أيضًا: مسرحية "المعلّقتان".. حوارٌ بين الوجود والعدم

واختتم ضيفنا حديثه بالقول إن إقامة هذا العرض في ظل الظروف الراهنة، يشير إلى إصرار فضاء "مترو المدينة" على الصمود رغم الأزمات السياسية والاقتصادية التي تسببت بإغلاق فضاءات ثقافية وفنية مختلفة. كما لفت عيتاني إلى أنه، وبعد ثلاثة عروض سابقة للمسرحية، تفاجأ بحجم الإقبال الجماهيري الذي يؤكد، بحسب تعبيره، وجود فسحة أمل وإن كانت صغيرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مسرحية "عزيزتي ألفت".. شهادة حية قوامها الألم

مسرحية "الفصل السابع".. مونولوغات تبحث في أسباب اضطراب البشرية