23-سبتمبر-2023
gettyimages

قال هيو ويليامسون، مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: يواجه المدنيون في ناغورنو كاراباخ أزمة إنسانية حادة وحالة خطيرة من عدم اليقين بشأن مستقبلهم (Getty)

من المتوقع أن تلقي المجموعات الانفصالية في إقليم ناغورنو كاراباخ أسلحتها، اليوم السبت، بموجب اتفاق تم التوصل إليه مع الحكومة الأذربيجانية في أعقاب هجومها العسكري الخاطف هذا الأسبوع.

وأكدت موسكو أن المجموعات المسلحة، بدأت في تسليم الأسلحة يوم الجمعة، ومن المتوقع أن تستمر العملية حتى نهاية الأسبوع بمساعدة قوات حفظ السلام الروسية.

قال الكاتب بيير هاسكي، إن المفاوضات تمثل بداية حقبة جديدة، موضحًا: "لكن بأي شروط وبأي مستقبل للأرمن في ناغورنو كاراباخ وبأي ضمانات؟"

وفي الوقت نفسه، دعت ألمانيا إلى ضمان حقوق سكان المنطقة الجبلية، مع تزايد المخاوف الدولية بشأن محنة المدنيين هناك.

وكان ناجورنو كاراباخ في قلب الصراع لأكثر من ثلاثة عقود بين أرمينيا وأذربيجان منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. ويعيش نحو 120 ألف أرمني في جيب جنوب القوقاز، المعترف به دوليًا كجزء من أذربيجان، لكنه كان إلى حد كبير تحت السيطرة العرقية الأرمنية منذ عام 1994.

وفي حديثه خلال اجتماع حكومي في العاصمة يريفان يوم الجمعة، قال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إن أرمينيا سترحب بالأرمن الذين يعيشون في المنطقة الانفصالية، لكن إعادة التوطين الجماعي لن تحدث إلا إذا أصبح من المستحيل على أرمن كاراباخ البقاء هناك.

وتصاعدت الضغوط الدولية على أذربيجان لإعادة فتح الطريق الوحيد المؤدي إلى أرمينيا، والذي يطلق عليه اسم ممر لاتشين، حتى تتمكن الإمدادات والأشخاص من الدخول والخروج.

getty

وقال الانفصاليون إنهم يجرون محادثات بوساطة روسية مع أذربيجان لتنظيم عملية الانسحاب وعودة المدنيين الذين شردهم القتال. ويقولون إنهم يناقشون كيفية وصول المواطنين إلى ناغورنو كاراباخ والخروج منها.

أدى الهجوم الخاطف الذي شنته القوات الأذربيجانية هذا الأسبوع إلى انقطاع التيار الكهربائي عن عشرات الآلاف من الأرمن في الجيب المتنازع عليه. وقد أعربت مجموعات حقوقية، بما في ذلك الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومنظمة العمل ضد الجوع، عن قلقها إزاء محنة السكان في كاراباخ.

وقالت متحدثة باسم المنطقة الانفصالية، اليوم الجمعة، إن المدنيين الخائفين في مدينة ستيباناكيرت الرئيسية يختبئون في أقبية منازلهم، فيما تعسكرت القوات الأذربيجانية على مشارفها.

وتحدث المستشار الألماني أولاف شولتز، الجمعة، مع باشينيان، وقال ستيفن هيبستريت، المتحدث باسم شولتز، في بيان: "من أجل حل مستدام للصراع، يجب ضمان حقوق وأمن السكان في كاراباخ".

وقبل اندلاع القتال الأخير، فرضت أذربيجان حصارًا فعليًا لمدة تسعة أشهر، مما زاد الضغط على المنطقة.

وقالت باكو إنها بدأت يوم الجمعة إرسال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في إطار سعيها لإحكام قبضتها على المنطقة التي فقدت السيطرة عليها في حرب في التسعينيات.

وقال باشينيان إن "الوضع لا يزال متوترٍا" في المنطقة المتنازع عليها على الرغم من استمرار الهدنة التي توسطت فيها روسيا إلى حد كبير. وقال في اجتماع لمجلس الوزراء يوم الجمعة "هناك أمل في بعض الديناميكيات الإيجابية".

وبينما أثار استسلام الإقليم، بعد هجوم الذي خلف حوالي 200 قتيل، ابتهاجٍا بين الأذربيجانيين، إلا أنه وضع باشينيان تحت ضغط متزايد. وقد واجه انتقادات لاذعة لتقديمه تنازلات لأذربيجان منذ خسارته مساحات واسعة من الأراضي في حرب استمرت ستة أسابيع في عام 2020.

وقد ألقى باشينيان نفسه باللوم على قوات حفظ السلام التابعة لروسيا، وسيط القوة الإقليمي التقليدي، المتمركزة حول كاراباخ منذ عام 2020، لفشلها في تجنب هجوم أذربيجان.

وقال مكتب المدعي العام في أذربيجان إن ستة من قوات حفظ السلام الروسية كانوا من بين القتلى في الهجوم.

getty

شبح التطهير العرقي

وقال الكاتب بيير هاسكي، إن المفاوضات تمثل بداية حقبة جديدة، موضحًا: "لكن بأي شروط وبأي مستقبل للأرمن في ناغورنو كاراباخ وبأي ضمانات؟ إنها أسئلة بالغة الأهمية، حيث يلوح في الأفق شبح التطهير العرقي. لكن التغيرات الجيوسياسية لن تتوقف عند هذا الحد. ونظرًا لغضب قسم من الشعب الأرمني، فإن سلطة باشينيان في يريفان لم تعد آمنة.. لا يمكن استبعاد حدوث انقلاب. فضلاً عن ذلك فإن مسألة نفوذ روسيا في هذا التوازن الجديد للقوى تطرح نفسها.. لقد غيرت المعارك التي استمرت 24 ساعة الوضع في القوقاز".

من جانبها، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم السبت، إن آلاف المدنيين في ناغورنو كاراباخ لديهم احتياجات إنسانية ماسة في أعقاب العملية العسكرية التي شنتها أذربيجان لاستعادة السيطرة على المنطقة. إذ جاء التدخل العسكري بعد أشهر من النقص الحاد في الغذاء والأدوية ومنتجات النظافة وغيرها من الإمدادات الأساسية إلى المنطقة، حيث عطلت أذربيجان حركة مرور المركبات والمشاة إلى المنطقة لأكثر من 9 أشهر.

وأضاف البيان: "يتعين على السلطات الأذربيجانية أن تتخذ خطوات فورية لضمان السلامة والاحتياجات الإنسانية لسكان ناغورنو كاراباخ من أصل أرمني، مما يسمح بوصول المساعدات الإنسانية دون تأخير"، وتابع البيان "ينبغي لأذربيجان أن تسمح للمدنيين الذين يرغبون في الإجلاء مؤقتًا إلى أرمينيا، وكذلك الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة والذين يرغبون في المغادرة، مع احترام حقهم في العودة. ويجب السماح بنقل المواد الغذائية والأدوية وغيرها من الضروريات الإنسانية إلى ناغورنو كاراباخ من اتجاهات متعددة، بما في ذلك عبر أرمينيا".

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم السبت، إن آلاف المدنيين في ناغورنو كاراباخ لديهم احتياجات إنسانية ماسة في أعقاب العملية العسكرية التي شنتها أذربيجان

وقال البيان: "إن المراقبة الدولية مطلوبة لضمان وفاء أذربيجان بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، وخاصة تجاه السكان من ذوي العرق الأرمني في ناغورنو كاراباخ".

وقال هيو ويليامسون، مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: "يواجه المدنيون في ناغورنو كاراباخ أزمة إنسانية حادة وحالة خطيرة من عدم اليقين بشأن مستقبلهم. قالت السلطات الأذربيجانية إن حقوق الجميع ستكون محمية، ولكن من الصعب أخذ ذلك على محمل الجد بعد أشهر من الصعوبات الشديدة وعقود من الصراع".