01-ديسمبر-2023
أسيرة محرّرة

تلقّى معظم الأسرى الذين أُفرج عنهم تهديدات بإعادة اعتقالهم إن احتفلوا بتحريرهم (Getty)

بالألعاب النارية والضحكات والعناق ودموع الفرح، وهتافاتٍ علت من حشودٍ كبيرة للمقاومة الفلسطينية مع رفع راياتها، استقبل الأهالي في الضفة الغربية المحتلة أطفالهم ونساءهم بعد أن غيَّب الاحتلال بعضهم لأيام، وبعضهم الآخر لشهورٍ وسنوات، داخل سجونه.

جاء ذلك في أعقاب هدنة إنسانية مؤقتة دخلت حيز التنفيذ صباح الجمعة الفائت، 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد 46 يومًا من الحرب التي خلّفت أكثر من 15 ألف شهيد.

ونصّت بنود الهدنة، قبل تمديدها، على إطلاق سراح 50 أسيرًا إسرائيليًا من قطاع غزة، مقابل الإفراج عن 150 أسيرًا فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة بين الاحتلال وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي نفّذت عملية عسكرية واسعة وغير مسبوقة في منطقة غلاف غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تمكّنت خلالها من أسر أكثر من 250 شخصًا بالتعاون مع فصائل فلسطينية أخرى.

تعرّض الأسرى بعد عملية "طوفان الأقصى" إلى هجمة شرسة تعرّضوا خلالها للضرب الشديد إلى حد الإغماء إضافةً إلى حرمانهم من الأكل والنوم

وباستكمال عملية تبادل الدفعة السابعة والأخيرة في اليوم الأخير من الهدنة، أمس الخميس، تكون "إسرائيل" قد تسلّمت 80 محتجزًا من النساء والأطفال، مقابل إفراجها عن 240 فلسطينيًا من الأسرى النساء والأطفال من سجونها، منذ دخول الهدنة الإنسانية المؤقتة حيز التنفيذ.

ورغم الجهود الذي بُذلت لتمديدها لعدة أيام إضافية، بعد أن تم تمديدها لثلاثة أيام قبل انتهائها يوم الثلاثاء الفائت، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الجمعة، انتهاء الهدنة واستئناف عدوانه على قطاع غزة مخلّفًا أكثر من 100 شهيد معظمهم من النساء والأطفال.

عرسٌ مؤجل لأجل غزّة

امتلكت المقاومة الفلسطينية بعد عملية "طوفان الأقصى" ورقة ضغط قوية تُجبِر الاحتلال على تنفيذ صفقة التبادل بعد تعنّت طويل في تنفيذها خلال السنوات السابقة، خاصةً أن الجبهة الداخلية المتمثّلة بالمجتمع الإسرائيلي خرجت في مظاهرات مستمرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطالبةً إياه بإعادة المحتجزين في قطاع غزّة بأسرع وقت ممكن.

وقد استثمرت المقاومة احتجاجات عوائل المحتجزين في فرض شروطها بالإفراج عن النساء والأطفال، سيما بالدفعات الـ6 الأولى التي أُفرج فيها عن 64 أسيرة و147 طفلًا على مدار 6 أيام، منهم من قضى داخل سجون الاحتلال عدة أيام فقط، أي أنه اعتُقل بعد عملية "طوفان الأقصى"، ومنهم من غُيِّب داخل السجون لأشهر وسنوات.

ومن بين أبرز الأسيرات المحررات الأسيرة ميسون الجبالي (30 عامًا) من قرية الشواورة شرق مدينة بيت لحم، التي اعتُقلت عام 2015 إثر تنفيذها عملية طعن لمجندة أصابتها بجروحٍ تنوعت بين طفيفة ومتوسّطة على حاجز "قبة راحيل" شمال بيت لحم. كانت ميسون حينها في سنتها الجامعية الأولى في "جامعة القدس" بقسم الأدب الإنجليزي، وقد تمكنت من استكمال دراستها الجامعية من داخل المعتقل في تخصّص الخدمة الاجتماعية في "جامعة القدس المفتوحة".

تأجلت محاكمة ميسون أكثر من 12 مرة للنيل من عزيمتها وإرادتها، حتى صدر عليها الحكم أخيرًا بالسجن لمدة 15 عامًا في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، قضت منهم 8 سنوات، وحررّتها غزّة من 7 سنوات أخرى من الانتظار: "ما كنّا نريد أن نخرج بهذا الثمن الباهظ المجبول بالدماء"، تقول ميسون.

لُقّبت ميسون في نهاية 2021 بعميدة الأسيرات، إذ أصبحت أقدم الأسيرات الفلسطينيات اللواتي لا يزلن في سجون الاحتلال بعد أن سلّمتها الأسيرة المحررة أمل طقاطقة هذا اللقب عقب انتهاء محكوميتها في كانون الثاني/يناير 2021.

وبعد الإفراج عنها ووصولها إلى مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، نقلت ميسون معاناة الأسيرات داخل سجون الاحتلال وما تعرّضن له من قمع شديد بعد 7 أكتوبر شمل الضرب والرش بالغاز والعزل الانفرادي: "كانوا الضباط يحكولنا إحنا معنا الضوء الأخضر لفعل كل شيء"، إلى جانب قلة الطعام المقدم: "الأكل لعشرة أشخاص بوزعوه على 80 بنت".

تؤكد على هذه المعاناة أيضًا الأسيرة المحررة، صاحبة أطول حكم في سجون الاحتلال، شروق دويَّات (26 عامًا)، خاصةً ما تتعرض له الأسيرات من ضغوطات نفسية فيما يخص الصفقة. وقد قالت شروق إن الاحتلال يتبع سياسة الاقتحامات للأقسام التي تضم الأسيرات اللواتي من المقرّر الإفراج عنهن: "اقتحموا القسم بالطريقة ذاتها التي يقتحمون فيها القسم بهدف القمع، ثم أخذونا وتعمدوا ممارسة الضغط النفسي بحقنا من خلال الانتظار الطويل في مركز تحقيق المسكوبية بالقدس".

مكثت الأسيرات المقدسيات وفقًا لدويّات 9 ساعات في مركز التحقيق، وكان السجانون يقولون لهن بين الفينة والأخرى: "ستخرجون بعد قليل" واستمر ذلك لما بعد منتصف الليل، وهو ما أنهكهن بشكل كبير.

أسيرة محررة

لم تكن شروق قد أتمَّت الـ18 عامًا عندما اعتُقلت عام 2015. كانت حينها في طريقها إلى منزلها في شارع الواد بالقرب من المسجد الأقصى، حيث اعتدى عليها مستوطن قام بنزع حجابها عن رأسها، ثم أطلق عليها 4 رصاصات تسببت في إصابات بصدرها وكتفها ورقبتها. وقد وجّه الاحتلال إليها تهمة محاولة طعن المستوطن المعتدي بسكين وإصابته بجروح متوسّطة، وصدر في حقّها حكم بالسجن الفعلي لمدة 16 عامًا.

قضت شروق من محكوميتها 8 سنوات في سجون الاحتلال، قبل أن تحرّرها غزة من 8 سنوات أخرى من الانتظار: "فرحتي ممزوجة بالألم، أتمنى أن تتوقف الحرب على غزة بأسرع وقت ممكن وأعتبر أننا في عرس وطني مؤجل لحين انتصار غزة".

من صاحبة أطول حكم بين الأسيرات إلى ممثلتهنّ مرح باكير (24 عامًا)، التي اعتُقلت صبيحة 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2015. كانت حينها في الـ16 من عمرها. وفي طريق عودتها من المدرسة إلى منزلها في بيت حنينا شمال القدس المحتلة، اعترضها شرطي إسرائيلي وأطلق نحوها 14 رصاصة، فتهشّمت عظام يدها اليسرى من الأصابع حتى الكتف، وأُتلفت الأعصاب. وقد اتهمت مرح حينها بحيازة سكين وعزمها تنفيذ عملية طعن، وحكم عليها بالسجن الفعلي لـ8 سنوات ونصف.

أُجريت لمرح 3 عمليات في مستشفيات الاحتلال دون أن تحظى بالرعاية الصحية اللازمة، وتنقّلت بين عدة سجون من عسقلان إلى الرملة فالشارون وصولًا إلى الجلمة الذي عُوقبت فيه بالعزل الانفرادي في 2021 لمدة 9 أيام، وانتهت أخيرًا إلى سجن الدامون.

كانت مرح تتولى حماية قسم الأسيرات من أي اختراق من الإدارة باعتبارها ممثلتهنّ. كما تولّت مسؤولية استقبال الأسيرات الجدد، وترتيب تنقلات الأسيرات بين الغرف، والدفاع عنهن إن احتجن إلى رعاية طبية، ناهيك عن قيادة الاحتجاجات التصعيدية ومهام أخرى.

تُدرك مرح حجم الثمن الذي دفعته غزة لتحريرها: "حلُمنا دائمًا بالتحرر عبر صفقة تبادل، لكننا لم نكن نريد أن نتحرر مقابل هذا الشلال الكبير من دماء الشهداء". تسعى مرح اليوم للالتحاق بإحدى الجامعات خارج البلاد لدراسة المحاماة لكي تستمر في تمثيل الأسيرات والدفاع عنهن، لكن هذه المرة في المحاكم الدولية والمحلية لا خلف القضبان.

فرضت إدارة سجون الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين بعد عملية "طوفان الأقصى" جملة من الإجراءات الانتقامية التي تندرج ضمن جريمة "العقاب الجماعي"

أما الأسيرة الجريحة إسراء جعابيص، فيبدو أنه من الصعب أن يُمحى من ذاكرتها يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر من عام 2015، عندما انفجرت أسطوانة غاز كانت معها في سيارتها بشكل عرضي على بعد عشرات الأمتار من حاجز الزعيّم العسكري بين مدينتي القدس وأريحا.

ونتيجة الانفجار، تعرّضت إسراء لحروق شديدة أتت على 60% من جسدها، كما فقدت أصابع يديها، وتشوّه وجهها بالكامل: "أوجاعي مرئية، لا داعي للحديث عنها" قالت إسراء للصحفيين في إحدى جلسات محاكمتها.

اعتبر الاحتلال حينها أن إسراء تعمّدت تفجير نفسها على الحاجز في إطار الأحداث التي كانت تدور بالقدس، والتي عُرفت حينها بـ"هبّة القدس" التي اندلعت مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2015. وتعمّد الاحتلال طوال فترة سجنها إهمال علاجها على الرغم من حاجتها إلى 8 عمليات جراحية.

أنهت إسراء – وهي أم لفتى وحيد – 8 سنوات من فترة محكوميتها، وحررتها غزة من 3 سنوات أخرى من عذاب الحروق، ومن شوقها لطفلها الذي كبر في غيابها: "نخجل أن نفرح وفلسطين كلها جريحة" قالت إسراء عقب تحريرها.

شملت الصفقة كذلك أصغر طفلة فلسطينية في سجون الاحتلال. وهي نفوذ حمَّاد (16 عامًا)، من حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، التي اعتُقلت عام 2021 من مدرستها بتهمة محاولة قتل مستوطنة، وصدر في حقها قبل أسبوعين حكم بالسجن الفعلي مدة 12 عامًا: "فرحتي لا توصف، لكن في نفس الوقت هناك غصَّة كبيرة عشان شهدائنا والأسيرات من خلفنا"، قالت نفوذ.

وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين قد نشرت، قبل عامٍ تقريبًا، تفاصيل الاعتداء والانتهاكات التي مارستها إدارة سجون الاحتلال على الطفلة نفوذ من ضربٍ وشتمٍ إلى جانب إبقائها في ظروف بيئية سيئة للغاية، معتبرةً أن سلطات الاحتلال تستمر بذلك في انتهاك كرامة الأطفال الفلسطينيين سواء عند اعتقالهم أو أثناء احتجازهم داخل السجون، وهذا ما يشكل "وصمة عار" على جبين المؤسسات الدولية الإنسانية والحقوقية: "التي تعجز عن توفير الحماية لأطفال فلسطين المستهدفين".

حرَّرت الصفقة أيضًا عددًا من الأسرى في قسم الأشبال، أي الأسرى الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 – 19 عامًا، وكان أبرزهم الشاب محمد نزال(18 عامًا) الذي ظهر بإصابات بليغة في يده اليمنى ورضوض في يده اليسرى، بعد تعرّضه للضرب المبرح بواسطة العصي في سجن النقب من قبل وحدات "المتسادا"، خلال مداهمات فرق التفتيش لأقسام السجن، وهي وحدة معروفة في سجون الاحتلال متخصصة بتعداد الأسرى وعزلهم وتفتيش الأقسام.

لم تقم إدارة السجن بعلاج الكسر الذي تعرض له محمد بعد "طوفان الأقصى"، مما أدى إلى مضاعفات في يده تمثّلت في التحام عظم الأصابع بطريقة خاطئة على الأنسجة واللحم، والحاجة لعملية زرع بلاتين بحسب الأطباء الفلسطينيين الذين فحصوه بعد تحرره.

وكان محمد قد اعتقل في آب/أغسطس الماضي، وحُكم عليه بالسجن الإداري القابل للتمديد مدة 6 أشهر. وقد وصف حال السجن بعد 7 أكتوبر، في مقابلات تلفزيونية، بـ"مقبرة للأسرى"، نتيجة سياسة القمع والتجويع التي تتبعها مصلحة سجون الاحتلال.

وتلقّى غالبية الأسرى المُفرج عنهم ضمن الصفقة تهديدات واضحة من سلطة الاحتلال بإعادة أسرهم مرة أخرى إن هم أظهروا وعائلاتهم الفرح والاحتفال، أو أجروا مقابلات صحفية أو هتفوا للمقاومة، وهو ما فعله الأسرى جميعًا، النساء والأشبال، تحديًا لسلطات الاحتلال ورفضًا لقيودها.

وقبل الإفراج عن كل دفعة، عمدت قوات الاحتلال إلى اقتحام منازل الأسرى المقرر الإفراج عنهم وطرد الطواقم الصحفية وفض تجمع عائلات الأسرى، حتى أنها صادرت حلوى من منزل إحدى الأسيرات المحررات.

الأسيرة المحرّرة إسراء جعابيص

وكانت غالبية الشهادات المنقولة عنهم تؤكد تعرّض الأسرى إلى "هجمة شرسة" بعد "طوفان الأقصى" تضمنت تعرّضهم للضرب الشديد إلى حد الإغماء، وتكسير عظامهم، وإلقائهم في الهواء الطلق مكبلي الأيدي من دون ملابس، وحرمانهم من الاستحمام والأكل النوم عبر إشعال مصابيح عالية الإضاءة داخل الزنازين ليلاً ونهارًا.

انتهاكات ممنهجة في سجون الاحتلال

وكان "نادي الأسير الفلسطيني" قد نبَّه في بيانٍ سابقٍ له، إلى أن إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي فرضت عملية عزل مضاعفة وشاملة على الأسرى بعد "طوفان الأقصى"، إلى جانب جملة من الإجراءات الانتقامية التي تندرج ضمن جريمة (العقاب الجماعي) استشهد على إثرها 6 أسرى ضمن ما أسمته: "عملية اغتيال ممنهجة عن سبق إصرار".

وتتلخّص الإجراءات الانتقامية التي اشتدت منذ السابع من أكتوبر بسحب كافة محطات التلفزيون المحددة للأسرى، ووقف زيارات المحامين وعائلاتهم، وزيادة أجهزة التشويش، إضافةً إلى حرمان الأطفال والأسيرات والمرضى في عيادة سجن الرملة من التواصل مع عائلاتهم من خلال الهاتف العمومي، وعرقلة عمل المؤسسات الحقوقية المختصة بشوون الأسرى.

وتتعمد إدارة سجون الاحتلال – بحسب النادي – قطع الماء بين فترة وأخرى، وسحب المواد الغذائية في أقسام الأسرى، وحرمانهم من "الفورة" المتمثلة بالخروج إلى ساحة السّجن، إلى جانب حرمان الأسرى المرضى من نقلهم إلى العيادات. وذلك بموازاة التهديدات مباشرة التي تلقاها الأسرى، خاصة أسرى حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي".

ومن بين هذه العقوبات عمليات اقتحام نفّذتها قوات القمع المدججة بالسلاح في عدة سجون، منها سجن الدامون الذي تُحتجز فيه غالبية الأسيرات، إلى جانب تقليص إدارة السجون وجبات الطعام إلى وجبتين فقط بدل 3 وجبات، في وقت جرى فيه إغلاق "الكانتينا" (بقالة السجن).

هذه الانتهاكات القديمة المتجددة، إضافةً إلى الإهمال الطبي المتعمد للمرضى من الأسرى داخل سجون الاحتلال، كانت واحدة من أسباب عملية "طوفان الأقصى"، إذ ذكر القائد العام لـ"كتائب عز الدين القسام"، محمد الضيف، في كلمته التي أعلن فيها انطلاق العملية، معاناة الأسرى في سجون الاحتلال وممارسة: "أبشع أساليب القهر والتعذيب والإذلال"، مؤكدًا أن دعوات المقاومة المستمرة بعقد صفقة تبادل إنسانية قُوبلت "بالرفض والتعنّت" من قبل الاحتلال.

طوفان الأقصى: صفقة الأحرار والحرائر جميعًا

أطلقت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على عملية تبادل الأسرى اسم "صفقة وفاء الأحرار 2" التي تسعى من خلالها إلى "تبييض" كافة السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين البالغ عددهم – بحسب بيانات "نادي الأسير الفلسطيني" – (7000) أسير وأسيرة موزعين على 23 سجن ومركز توقيف، مقابل إطلاق المقاومة سراح المحتجزين لديها.

وتُعتبر "وفاء الأحرار الثانية" الصفقة الثالثة في تاريخ "حماس"، إذ سبقتها صفقة "الحرائر" عام 2009، و"وفاء الأحرار" عام 2011. وقد أطلقت "إسرائيل" بموجب الصفقة الأولى سراح 20 أسيرة فلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة مقابل شريط فيديو لمدة دقيقتين يظهر فيه الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" بصحة جيدة بعد أن أسرته "كتائب القسام" في عملية عسكرية عام 2006.

تلقّى معظم الأسرى الذين أُفرج عنهم تهديدات من سلطات الاحتلال بإعادة اعتقالهم مرة أخرى إن احتفلوا وعائلاتهم بتحريرهم

واستهدفت العملية التي أُطلق عليها اسم "الوهم المتبدد" مواقع الإسناد والحماية التابعة للجيش الإسرائيلي "كيريم شالوم" على الحدود الشرقية لمدينة رفح، وأسفرت عن مقتل قائد دبابة ومساعده، وإصابة 5 بجراح، وتدمير دبابة "ميركافا" وناقلة جند مصفحة، إضافةً إلى إلحاق أضرار بالغة في الموقع العسكري، وأُسر الجندي شاليط. وقد تمكّن المهاجمون من الانسحاب دون تمكّن قوات الاحتلال من تعقبهم.

لم تسفر سنوات من المفاوضات عبر أكثر من وسيط بين الاحتلال والجانب الفلسطيني في تحرير شاليط رغم ما بذله الاحتلال من جهود عبر قنوات مختلفة، إضافةً إلى شنّه حربًا على القطاع نهاية عام 2008 ومطلع عام 2009.

وبعد أكثر من 5 سنوات قضاها "شاليط" في الأسر، اضطر الاحتلال يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر 2011، إلى الرضوخ للمطالب الفلسطينية في صفقة تبادل تاريخية، عبر الوسيط المصري، أطلق عليها اسم "وفاء الأحرار"، وأُفرج بموجبها عن 1027 أسيرًا على مرحلتين، أُطلق خلال الأولى سراح 450 أسيرًا فلسطينيًا و27 أسيرة فلسطينية مقابل الإفراج عن شاليط وتسليمه للسلطات المصرية يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر 2011. وجرى إطلاق سراح 550 أسيرًا فلسطينيًا في المرحلة الثانية، يوم 18 كانون الأول/ ديسمبر 2011، مقابل إعادة شاليط إلى "إسرائيل".

ويأمل الأسرى المُفرج عنهم، والشعب الفلسطيني عمومًا، أن تتكرر الصفقة بشكل أشمل بحيث يُطلق سراح جميع الأسرى والأسيرات، خاصة في ظل حملة الاعتقالات المستمرة التي يشنّها الاحتلال في الضفة الغربية والداخل المحتل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والدعوات المتطرفة لشخصيات من حكومة الاحتلال اليمينية باغتيال بعض الأسرى من قادات المقاومة الفلسطينية.