03-أبريل-2024
بداية الواقع المعزز

(freepik) تمتعت تقنية الواقع المعزز منذ ظهورها بإمكانيات هائلة لإحداث ثورة في كيفية تفاعلنا مع محيطنا

الواقع المعزز قطع شوطًا طويلًا ابتداء من مفهوم الخيال العلمي إلى الواقع القائم على العلم، فقد كانت تكاليف الواقع المعزز كبيرة جدًا لدرجة أن المصممين لم يكن بإمكانهم إلا أن يحلموا بالعمل في مشاريع التصميم التي تتضمنها، أما اليوم فقد تغيرت الأمور وأصبح الواقع المعزز متاحًا حتى على الهاتف المحمول، ويقصد بالواقع المعزز بأنه دمج بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي عبر استخدام العناصر والوسائط الرقمية سواء أكانت صورًا أو أصوات أو مقاطع فيديو بحيث تمكن المستخدم من التفاعل معها كما لو أنها في العالم الحقيقي، وتعود بداية ظهور الواقع المعزز إلى وقت طويل، وفي هذا المقال تفاصيل أكثر حول تاريخ ظهوره.

 

متى بدأ الواقع المعزز؟

يعود تاريخ بداية الواقع المعزز إلى فترة الستينات من القرن العشرين، وذلك من خلال تطوير إيفان ساذرلاند، الأستاذ وعالم الحاسوب في جامعة هارفارد، عام 1968م أول شاشة عرض مثبتة على الرأس تسمى "سيف ديموقليس"، إذ اختبر من خلالها الرسومات المنشأة باستخدام الحاسوب، والتي عززت إدراكه الحسي للعالم، فعلى الرغم من أن هذا المصطلح لم يكن دارجًا في تلك الفترة ولم يكن لديه الشعبية الكبيرة التي يشهدها في الوقت الحاضر، إلا أن بدايته كانت على هذا النحو، بحيث صيغ مصطلح الواقع المعزز فيما بعد في عام 1990م من قبل الباحث في بوينغ تيم كوديل.

عام 1999م: أنشأت وكالة ناسا نظام رؤية اصطناعي هجين باستخدام الواقع المعزز لمركبتها الفضائية X-38

التطور التاريخي للواقع المعزز

فيما يأتي خط زمني يوضح التطور التاريخي للواقع المعزز:

  • عام 1974م: بنى الباحث والفني في مجال الحاسوب مايرون كروجر مختبرًا مخصصًا بالكامل للواقع الاصطناعي في جامعة كونيتيكت، وفي هذا المختبر استخدمت تقنيات العرض والكاميرا لإصدار صور مظللة على الشاشة التي تحيط بالمستخدمين للحصول على تجربة تفاعلية.
  • عام 1990م: صاغ الباحث في شركة بوينغ توم كوديل مصطلح الواقع المعزز.
  • عام 1992م: أنشأ الباحث في مختبر أبحاث أرمسترونج التابع للقوات الجوية الأمريكية لويس روزنبرج نظامًا افتراضيًا كان الأول من نوعه الذي يعمل بالواقع المعزز، والذي مكن العسكريين من التحكم في الآلات وتوجيهها لأداء مهام التدريب على طيران أكثر أمانًا في القوات الجوية الأمريكية.
  • عام 1994م: ساهمت الكاتبة والمنتجة جولي مارتن في استخدام تقنية الواقع المعزز في الترفيه لأول مرة من خلال الإنتاج المسرحي، إذ تضمن العرض رقصات بهلوانية في الفضاء الإلكتروني، بالإضافة إلى استخدام عناصر افتراضية معروضة على المسرح الحقيقي.
  • عام 1998م: بثت قناة Sport Vision أول مباراة مباشرة في دوري كرة القدم الأمريكية باستخدام النظام الرسومي الافتراضي، إذ عرضت التقنية خطًا أصفر في أعلى الشاشة بحيث يمكن للمشاهدين رؤية المكان الذي يتقدم إليه الفريق للحصول على المركز الأول، وما زال هذا النظام يستخدم في الوقت الحالي بشكل أكثر تقدمًا مما كان عليه في التسعينات.
  • عام 1999م: أنشأت وكالة ناسا نظام رؤية اصطناعي هجين باستخدام الواقع المعزز لمركبتها الفضائية X-38، وقد ساعدهم هذا النظام على توفير تنقل أفضل أثناء رحلاتهم التجريبية.
  • عام 2000م: طور هيروكازو كاتو مكتبة برمجيات مفتوحة المصدر تدعى ARToolKit، والتي ساعدت المطورين الآخرين على إنشاء برامج الواقع المعزز، إذ تستخدم المكتبة الفيديو لتتبع تراكب الرسومات الافتراضية في العالم الحقيقي.
  • عام 2003م: وفرت قناة Sport vision للمشاهدين إمكانية رؤية لقطة جوية للملعب مع رسومات متراكبة فوقه.
  • عام 2009م: استخدمت مجلة Esquire الواقع المعزز في الوسائط المطبوعة لأول مرة في محاولة لإضفاء الحيوية على الصفحات، بحيث أظهرت المجلة المجهزة بتقنية الواقع المعزز الممثل روبرت داوني جونيور يتحدث إلى القراء عندما قام القراء بمسح الغلاف باستخدام هواتفهم الذكية.
  • عام 2013م: أطلقت شركة فولكس فاجن لأول مرة تطبيق MARTA ، وهي المساعدة الفنية للواقع المعزز عبر الهاتف المحمول، والذي أعطى الفنيين في المقام الأول تعليمات الإصلاح عند الصيانة خطوة بخطوة ضمن دليل الخدمة، وقد طبق هذا الأمر على العديد من الصناعات المختلفة.
  • عام 2014م: كشفت شركة جوجل عن جهازها (Google Glass)، وهي عبارة عن زوج من نظارات الواقع المعزز التي يمكن للمستخدمين ارتدائها لخوض تجربة في الواقع المعزز، وقد تمكنوا من الوصول عبرها إلى مجموعة متنوعة من تطبيقات جوجل بما فيها؛ خرائط جوجل، وجوجل بلس، وجيميل، وغيرها العديد.
  • عام 2016م: أصدرت شركة مايكروسوفت النظارات الذكية المدعومة بتقنية الواقع المعزز والتي تعرف باسم HoloLens، وهي أكثر تقدمًا من Google Glass، وبسعر أعلى، كما كان للعبة بوكيمون جو التي تعمل بالواقع المعزز شعبية كبيرة في هذا العام، بحيث غيرت طريقة تفكير المستخدمين بالتكنولوجيا الحديثة، إذ تعتمد فكرتها على حمل الهاتف الذكي والتجول في منطقة معينة للعثور على البوكيمونات والتقاطها.
  • عام 2017م:  أصدرت شركة إيكيا تطبيقًا قائمًا على الواقع المعزز عرف باسم (IKEA Place)، والذي أحدث ثورة في مجال البيع بالتجزئة، بحيث يتيح هذا التطبيق للعملاء معاينة الديكورات المختلفة للمنازل افتراضيًا ليتمكنوا من اتخاذ قرار بشأنه قبل إجراء أي عملية شراء فعلية لها.
  • الوقت الحاضر: دخل الواقع المعزز في العديد من المجالات بحيث أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إذ دخل في قطاعات التعليم والتدريب والرعاية الصحية والتجارة والإعلانات وغيرها العديد.

ستعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي على تحسين التعرف على الكائنات وتخصيص محتوى الواقع المعزز بناء على تفضيلات المستخدم وسلوكياته

مستقبل الواقع المعزز

من المتوقع أن تحقق تقنية الواقع المعزز في المستقبل تطورات ستشكل فارقًا كبيرًا في التفاعل مع العالمين الرقمي والمادي، وستظهر تلك التطورات على النحو الآتي:

  • أجهزة الواقع المعزز القابلة للارتداء:

أصبحت النظارات وسماعات الرأس الخاصة بالواقع المعزز أكثر تطورًا وأخف وزنًا وأسهل في الاستخدام عما سبق، ومن المتوقع أن تسعى الشركات إلى تطويرها أكثر بحيث تصبح قابلة للارتداء يوميًا.

  • الحوسبة المكانية:

تتضمن الحوسبة المكانية استخدام الواقع المعزز لرسم خريطة للمساحة المادية التي حولنا في العالم الحقيقي، ومن المتوقع أن تتطور تلك التقنيات بحيث تصبح أكثر دقة وتمكن العناصر الرقمية من التفاعل بذكاء مع العالم الحقيقي.

  • شاشات العرض ثلاثية الأبعاد:

ستحدث شاشات العرض ثلاثية الأبعاد المدعومة بالواقع المعزز ثورة في عالم الاتصالات والترفيه والتعليم عبر عرض صور ثلاثية الأبعاد في بيئة المستخدم الحقيقية.

  • الواقع المعزز المدعوم بالذكاء الاصطناعي:

والذي سيلعب دورًا حيويًا في تعزيز تجارب الواقع المعزز، إذ ستعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي على تحسين التعرف على الكائنات وتخصيص محتوى الواقع المعزز بناء على تفضيلات المستخدم وسلوكياته.

  • سحابة الواقع المعزز:

وهي عبارة عن شبكة مترابطة من المعلومات الرقمية المرتبطة بالمواقع الفعلية، ومن المتوقع تمكين المستخدم في المستقبل من الوصول إليها عبر أجهزة مختلفة، مما يؤدي إلى إنشاء بيئة رقمية مشتركة عبر العالم الحقيقي.

  • التطبيقات الخاصة بالصناعة:

سيتوسع تأثير الواقع المعزز عبر صناعات مختلفة؛ كالرعاية الصحية، والتعليم، وتجارة التجزئة، والصناعة، والسياحة وغيرها العديد، وبالتالي سيعيد الواقع المعزز تشكيل مختلف القطاعات بحيث تصبح أكثر كفاءة.

  • الاستدامة:

مع تزايد انتشار تقنية الواقع المعزز، سيكون هناك تركيز على إيجاد حلول مستدامة ويمكن الوصول إليها، ويشمل ذلك؛ الأجهزة الموفرة للطاقة، وتقليل النفايات الإلكترونية، بالإضافة إلى ضمان إمكانية استخدام تطبيقات الواقع المعزز من قبل جميع الأفراد.

 

وفي الختام، تجدر الإشارة إلى أن تقنية الواقع المعزز منذ ظهورها تمتعت بإمكانيات هائلة لإحداث ثورة في كيفية تفاعلنا مع محيطنا، ولكن من الضروري الحذر من المخاوف المتعلقة بالخصوصية والأمان الخاص بالدمج بين العالمين الحقيقي والافتراضي، كما أنه مع استمرار تطور الواقع المعزز، لا بد من الحرص على التكامل مع الذكاء الاصطناعي وإنشاء واجهات أكثر سهولة، والاستخدام المسؤول والأخلاقي لتلك التقنية لمنح المستخدم تجربة متكاملة دون خوف أو مخاطر.