30-أغسطس-2019

فترة العودة للمدارس من أصعب فترات العام على الآباء والأطفال على حدٍ سواء (Getty)

الترا صوت - فريق الترجمة

انتهى الصيف إذًا وذهب بكل ما حمل من أوقات ممتعة، وأصبح كل ما يشغل بال الآباء والأمهات كابوس الاستيقاظ في الصباح الباكر، وإيقاظ الأطفال لمدارسهم.

الخطوة الأولى لتحديد المشاكل الإدراكية لدى الأطفال، هي تشجيعهم على التحدث عمّا يثير القلق في نفوسهم، وتحديد مخاوفهم والتحدث عنها 

أما من جهة الأطفال فالوضع ليس أفضل حالًا، فهم على أبواب معركةٍ ليست بالسهلة، وعامٍ آخر جديدٍ مرهق بكل ما سيفرضه عليهم من أعباء دراسيةٍ واجتماعيةٍ ونفسية.

اقرأ/ي أيضًا: 7 خرافات شائعة عن تربية أبناء ناجحين

باختصار، يمكن القول إن الأيام الأولى من العودة إلى المدارس هي من أصعب فترات العام بسبب ما تحمله من قلقٍ وصعوباتٍ على الأهالي وعلى الأطفال على حدٍّ سواء.

لذا فإن بعض الإرشاد قد يكون مفيدًا في هذا الصدد، وهو ما تقدمه السطور التالية المترجمة بتصرف عن موقع "Psychology Today"، حيث نصائح لمساعدة الأهالي لفهم مشاكل أطفالهم في فترة العودة للمدارس، والمساهمة في تجاوزها.


هل حلمت يومًا، وصدرك يمتلئ بمشاعر الخوف والتوتر والحماس في آنٍ معًا، بأن امتحاناتك النهائية كلها ستكون في يومٍ واحد، وهذا اليوم هو غدًا، مع أن غدًا هو فقط أول أيام المدرسة؟ 

هذا الحلم، وغيره مثل أن تحلم أنك لا ترتدي شيئًا، هي أحلامٌ شائعةٌ تعكس حالة القلق التي تصيب الأطفال فترة بداية المدرسة.

العودة للمدارس
من الضروري تشجيع الأطفال على التحدث عما يثير قلقهم

وتعكس هذه الأحلام مخاوف الأطفال، مثل عدم تكيفهم مع الصف الجديد، أو نظرات الناس إليهم، أو عدم نجاحهم في الدراسة، وهي مخاوف شائعة بين المراهقين.

عملي في مجال علاج السلوك الإدراكي، ساعدني على ملاحظة عددٍ من التشوهات الإدراكية التي تحكم تجربة العودة إلى المدارس عند بعض الأطفال.

والتشوهات أو المشاكل الإدراكية، هي أنماط تفكير غير دقيقة، ولا تعكس صورةً صحيحةً للواقع. وقدرتنا على تمييز هذه الأنماط في تفكير أطفالنا مع اقتراب موعد العودة إلى المدارس، يساعدنا على التقليل من مخاوفهم.

الخطوة الأولى في سبيل تحديد هذه الأنماط، هي تشجيع أطفالك على التحدث عمّا يثير القلق في نفوسهم. أعطهم بعض الوقت لكي يحدّدوا مخاوفهم ويتحدّثوا عنها إليك.

مما يساعد على الحديث عن ذلك، هو أن تشير لهذه المخاوف باعتبارها شيئًا طبيعيًا؛ فأخبرهم أن القلق من العودة إلى المدرسة هو أمرٌ شائع وأن مخاوفهم أمرٌ طبيعيٌّ تمامًا.

وفيما يلي، بعضٌ من المشاكل الإدراكية التي تواجه الأطفال في فترة العودة للمدارس:

1. كل شيء أو لا شيء

تتلخص هذه المشكلة في رؤية الناس للأشياء بصورها المتطرّفة، يعني كل شيءٍ أبيض أو أسود، مع تجاهل المساحة الرمادية في المنتصف.

فعند العودة إلى المدرسة، يخشى الأطفال أنهم سيمقتون جميع معلميهم، أو أن جميع الأطفال سيعادونهم. لذا من المفيد هنا أن تساعد الطفل على رسم رأي أقل تطرفًا، مثل أن تخبره: "ربما ستكره بعض المعلّمين وتحبّ بعضهم الآخر".

2. الفلتر الذهني

عندما نقول إننا نستخدم "فلتر ذهني"، فالمقصود هو أننا نركّز على الجانب السلبي، ونتجاهل كل الجوانب الإيجابية. ربما سمع طفلك أن أحد المواضيع التي سيأخذها هذا العام ستكون صعبةً جدًا، وهنا يقوم عقل الطفل بإهمال جميع المعلومات الإيجابية عن هذا الموضوع أو غيره.

ويمتد ذلك إلى المساحة الاجتماعية، فربما يركّز بصورةٍ مفرطةٍ على أحد زملائه الذي أدار له ظهره، لدرجةٍ يتجاهل عندها جميع الزملاء الآخرين الذين تعاملوا معه بودّ.

العودة للمدارس
على الآباء تقبل المشاعر السلبية لدى أطفالهم ومساعدتهم على إيجاد الإيجابيات

عندما نلاحظ شيئًا كهذا، يجب علينا كآباء أن نحرص على أن نتقبّل مشاعر أطفالنا حول الجانب السلبي، وفي نفس الوقت نساعدهم على إيجاد الإيجابيات التي تتجاهلها أذهانهم.

3. التكهن بالمستقبل

يُقصد بذلك الميل لإطلاق الأحكام، وبناء توقعات لما سيحدث بدون أدلة، والتعامل مع هذه التوقعات على أنها حقائق مطلقة.

قد تتبلور هذه التوقعات في أذهان الأطفال عن اليوم الأول في المدرسة أو العام كاملًا. ونستطيع أن نساعدهم على تحديد التوقعات المنطقية بسؤالهم عن الأدلة التي تدعم مخاوفهم. وهنا ما يهم أن نجعلهم يدركون أن توقعاتهم هذه مفهومة وفي نفس الوقت لا أصل لها من الصحة.

4. المنطق العاطفي

تبدأ هذه المشكلة الإدراكية، عندما يتعامل الناس مع أحاسيسهم على أنها حقائق. وعادة ما يكون المنطق العاطفي بداية لبناء توقعات مشوهة عن المستقبل، فمثلًأ عندما تقترب الدراسة، ويزداد القلق معها، يبدأ الأطفال في بناء مخاوفهم من حدوث شيء ما، على أحاسيسهم فقط.

ويبدأون في توقع المستقبل بصورة لا ترتبط بأي دليل حقيقي، فمثلًا يُسلّمون بأنهم لن يكون لهم أصدقاء، أو أنهم سيتعرضون للتنمر. هنا، يجب عليك التدخل بمساعدة طفلك على التمييز بين الدلائل الحقيقية والافتراضات المبنية على الأحاسيس المجردة.

5. التهويل

التهويل، أو التضخيم، ويعني المبالغة في تقدير أهمية أو معنى شيءٍ ما، فالأطفال لا يفكّرون فقط بأسوأ السيناريوهات الممكنة، وإنما أيضًا بأسوأ التبعات التي يمكن أن تحصل: "لن يجلس أحدٌ بجانبي في أول يوم، ولن أستطيع أن أتعرّف على صديقٍ واحد طوال العام" أو "سوف يصعب عليَّ فهم شيءٍ ما في هذه الحصة، وسأرسب في النهاية".

العودة للمدارس
فكلما زادت المساحة التي تشغلها المشاكل الإدراكية في ذهن الطفل، كلما زادت حدة توتره

يمكن العمل على تبسيط الأمور، من خلال مساعدة طفلك على تحديد متى يمكن فعلًا أن تقع "الكارثة"، وما هو مدى فظاعة الموقف لو وقعت هذه "الكارثة" المفترضة. حاول الجلوس معه، ومناقشته حول الاحتمالات كلها بناءً على الواقع، وكيفية التعامل معها.

هذه المشاكل الإدراكية، قد تساهم في زيادة توتر الطفل في فترة العودة للمدارس، فكلما زادت المساحة التي تشغلها هذه المشاكل الإدراكية في ذهن الطفل، كلما زادت حدة توتره.

بإمكاننا أن نقلّل من مخاوف الأطفال من فترة العودة للمدارس، بالتأكيد لهم على أن الشعور بالقلق هو أمر مفهوم وطبيعي

بإمكاننا أن نقلّل من هذه المخاوف، بالتأكيد لأطفالنا على أن الشعور بالقلق هو أمر مفهوم وطبيعي في ظل وجود هذه الأفكار. ونستطيع أيضًا أن نساعدهم على تغيير أنماط تفكيرهم، من خلال السؤال عن أدلة وقوع "الكوارث" المفترضة.

ذلك سيساعد الطفل ليس فقط على التغلب على قلقه وخوفه من العودة للمدرسة، بل وسيشعره أيضًا أنه ليس وحيدًا في مواجهة كل ذلك.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إرشادات صحية جديدة من منظمة الصحة العالمية للأطفال تحت 5 سنوات

"الحب الخانق".. 4 نصائح لتربية طفل يمكنه الاعتماد على نفسه

شيفرة الثقة.. كيف نربي فتيات واثقات بأنفسهن؟

ما العلاقة بين حنان الأهل ونرجسية الأطفال؟