08-سبتمبر-2023
ريال مدريد

بات الجميع يعرف ماذا يعني مصطلح DNA، وكيف أنه يدل على المعلومات الوراثية داخل خلايا جسم الإنسان، لكن ما لا يعرفه الجميع هو ما يعنيه مصطلح الحمض النووي في كرة القدم، والذي سمعنا عنه كثيراً في السنوات القليلة الماضية.

DNA الفريق

مصطلح يشير إلى أصل الفريق تاريخياً، أو لفترة معينة من تاريخه، بحيث تدل على الطريقة التي يلعب بها الفريق كرة القدم، سواء كانت بتكتيك أو أسلوب محدد، أو حتى عقلية الفريق وثقافته الكروية.

لم يعرف نادي برشلونة منذ تأسيسه عام 1899 أسلوباً محدداً باللعب، فقد كان النادي عبارة عن فريق كرة قدم بلا هوية، حتى عام 1971 عندما تسلم قيادة الفريق الهولندي رينوس ميتشلز (مخترع الكرة الشاملة)، عندها تحددت هوية الفريق والتصق هذا الأسلوب بأبناء كتالونيا، ليصبح الـDNA الخاص بهم، وإلى يومنا هذا يبحث برشلونة عن المدرب الذي يحافظ على الهوية الأصلية، وقد وجدوا ضالتهم بأبناء النادي غوارديوللا وتشافي.

البرازيل والحمض النووي

منتخب البرازيل هو واحداً من الأمثلة التي تجسد الحمض النووي الخاص بالفريق بماركة مسجلة باسمهم، فعبر سنوات التاريخ الطويلة يعرف منتخب السامبا الكرة الهجومية الممزوجة بالمهارات الفردية، فكرة القدم عند البرازيليين تتميز بمتعة خاصة ويتم لعبها بأسلوب سلس وبعيد عن التعقيدات.

فعندما عاد دونجا لتدريب منتخب البرازيل عام 2014، سعى جاهداً لتحويل أسلوب اللعب البرازيلي إلى الطريقة الدفاعية، ثم اتباع تكتيك اللعب المرتد عبر الأطراف أو الكرات الطويلة، وقال المدرب البرازيلي بعيد تسلمه تدريب المنتخب " يلجأ المدربون الآن لتنظيم دفاعاتهم من أجل الانتقال للهجوم، ليس المهم أن يكون لديك أربعة أو خمسة مهاجمين، لكن المهم أن تتقدم بأربعة لاعبين أو خمسة إلى الأمام، كرة القد تتسم بالأداء الجماعي فيجب مشاركة الجميع".

بهذا الأداء ابتعد منتخب السامبا عن الDNA الخاصة بهم، ولم يحققوا شيء، بل ظهر الفريق شاحباً ولم يعجب لا القريب ولا البعيد.

لنذهب إلى المملكة المتحدة وتحديداً نادي أرسنال، الذي لا يعرف الكثير من عشاقه أنه لم يملك هوية خاصة به إلا عندما جاء آرسن فينجر، فحول الفريق الذي كان يلعب كرة قدم بسيطة وكلاسيكية إلى فريق مليء بالخوارزميات المعقدة، فربط الخطوط الثلاث بطريقة عبقرية وأعطى كل لاعب أكثر من مهمة داخل أرض الملعب لتنفيذها، وأصبحت السرعة في نقل الكرة والتحرك بدونها سمة أساسية للمدفعجية، أي باختصار حدد المدرب الفرنسي الDNA  الخاصة بفريق آرسنال.

( لا يأس مع الألمان، ولا الألمان يعرفون اليأس )، هي مقولة لم تأت من فراغ، فقد عُرف عنهم اللعب حتى الدقيقة الأخيرة، بل تميز أيضاً بقلب الطاولة على خصمه مهما كانت النتيجة والوقت.

ألمانيا والحمض النووي

كأس العالم 1954

كان المنتخب المجري يشكل وقتها قوة ضاربة تخيف الجميع، حتى أنه تمكن من اكتساح الألمان في الدور الأول بثمانية أهداف لثلاثة، لكن المنتخب الألماني لقّن المجر درساً مهماً في عدم اليأس، وقلب تأخره بهدفين مقابل لا شيء، إلى فوز بثلاثة أهداف لينتزع اللقب في موقعة عرفت باسم ( معجزة بيرن) نسبة للمدينة السويسرية التي احتضنت المباراة آنذاك.

كأس العالم 1974

حققت ألمانيا فوزاً تاريخياً عندما تمكنت من قلب تأخرها أيضاً، هذه المرة أمام المنتخب الهولندي الذي كان المرشح فوق العادة مع لاعبه الطائر يوهان كرويف.

وعلى الرغم من تأخره بهدف مبكر، تمكنت الماكينات الألمانية من قلب النتيجة قبل نهاية الشوط الأول، وحافظت على تقدمها حتى نهاية المباراة لتتوج بلقب يعتبر الأغلى في تاريخها.

كأس العالم 2010

والتي تغلب فيها المنتخب الألماني على منتخب أوروغواي بثلاثة أهداف لهدفين، عندما قلب تأخره بهدفين مقابل هدف، إلى فوز بالثلاثة في واحدة من المباريات التي قال عنها النقّاد أنها أقوى مباراة لتحديد المركزين الثالث والرابع في تاريخ كأس العالم.

كأس العالم 2018

بعد خسارته المفاجأة في مباراته الأولى ضد المكسيك، احتاج منتخب الماكينات لفوز ينعش به آماله في التأهل للدور الثاني من بوابة منتخب السويد.

تقدم المنتخب السويدي بهدف في الدقيقة 32، لكن الألمان عادوا في النتيجة في الدقيقة 48، قبل أن يمنح كروس هدف الفوز في الثواني الأخيرة من المباراة.

هل يمكن صناعة حمض نووي خاص لفريق كرة القدم؟

الإجابة نعم .. وهنا تتجسد الطريقة في صورتين واضحتين، الأولى هي مشروع المنتخب الإنجليزي والثانية هي مشروع نادي إنتر ميامي الأمريكي.

بسبب تراجع تصنيفهم وغيابهم عن منصات التتويج، قرر المدير الفني للاتحاد الإنجليزي العمل على مشروع الحمض النووي الجديد لمنتخب الأسود الثلاث، والذي يهدف لتطوير الكرة الإنجليزية بغية رفع مستوى الفريق الأول للمنافسة على الألقاب.

 مشروع آشوورث الذي أطلقه عام 2014، اتخذ خمسة عناصر أساسية:

  1. من نحن؟
  2. كيف نلعب؟
  3. مستقبل اللاعب الإنجليزي
  4. كيف نتدرب؟
  5. كيف ندعم؟

حيث دمج الاتحاد الإنجليزي هذه العناصر بالشكل الذي يتناسب مع تطبيقه للفئات العمرية، فبدأ العمل بالتركيز على ثقافة وقيم كرة القدم الإنجليزية، وتم تحديد أسلوب لعب مبني على الاستحواذ ولعب الكرات القصيرة، ووضعت أسس هذا العمل لمنتخب إنجلترا تحت 16 عام، لتسهيل رحلة اللاعب حتى وصوله للفريق الأول.

ثم عمل آشوورث على رفع مستوى المدربين الإنجليز وتطوير طرق التدريب، من خلال دورات تدريبية وبعثات خارجية، للاندماج مع مدربي إسبانيا وفرنسا الأكثر تطوراً، للوصول لتخريج لاعبين يتمتعون بقوة بدنية وعقلية ودعم أصحاب المواهب. وصول منتخب إنجلترا إلى نهائي يورو 2020 لم يكن مجرد صدفة، والأداء الممتع لكتيبة الأسود الثلاث في مونديال قطر 2022، أعلن نجاح المشروع الإنجليزي بوضع الDNA  الجديدة للمنتخب.

أما دافيد بيكهام مالك نادي إنتر ميامي الأمريكي، بدأ بتجربة جديدة في عالم الحمض النووي لكرة القدم، وهي نقل الشيفرة من اللاعب للفريق، ويحدث ذلك بالتحفيز المستمر للاعبي فريق انتر ميامي، لرفع سوية لعبهم لمجاراة ميسي، فمنذ قدوم الأرجنتيني ليو ميسي، تحولت نتائج الفريق المخيبة والخسائر المتتالية إلى انتصارات.