09-نوفمبر-2017

ساهم تعويم الجنيه في مزيد إضعاف الاقتصاد المصري (خالد الدسوقي/أ.ف.ب)

أعلنت صحيفة "وول ستريت" صباح الثلاثاء الماضي دخول "مصر السيسي" ضمن قائمة "الخمسة الضعفاء" مع 4 دول أخرى، وكان ذلك بناءً على مخاطر الديون الخارجية ومستوى الدين وعوامل أخرى يتم الحكم من خلالها.

أعلنت صحيفة "وول ستريت" دخول مصر ضمن قائمة "الخمسة الضعفاء" بناء على مستوى دينها الخارجي وعوامل أخرى

ولم يكن الأمر مفاجئًا أو جديدًا بالنسبة لغالبية المتابعين لأوضاع الاقتصاد المصري هذه الفترة، وهو ما حذرت منه وأشارت إليه صحف أجنبية أخرى وعربية أيضًا منذ فترة، حيث انتقدت طريقة إدارة الحكومة من الناحية الاقتصادية على وجه التحديد، لكن على ما يبدو تسير الأمور على نحو أكثر سوءًا.

اقرأ/ي أيضًا: 102 مليار دولار ديون مصر الخارجية.. فلنسأل السيسي!

ما هي قائمة "الضعاف الخمسة"؟

أنشئت قائمة الضعاف الخمسة بالتحديد في العام 2013، وطُبقت على الأسواق الداخلية لأي دولة كي يتم التعرف على كيفية إدارتها للاقتصاد، وهل يمكن اتخاذه كنموذج ناجح أم لا. سقوط أي دولة كفريسة "ضعيفة" لهذا المؤشر يعني بوضوح أنها أصبحت تعتمد على الاستثمار الأجنبي في غالبية اقتصادها، مما يجعل وضعها الاقتصادي غير آمن على مختلف الأصعدة ومرتبطًا بشكل مباشر بالمستثمر أكثر من أي شيء آخر، وبالتالي يفقد قيمة تقدمه أو تحقيق أي تحسن مرحلي باعتباره مؤقتًا و"مبنيًا على العدم".

ماذا يعني ذلك لمصر السيسي؟

حصل الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي على المليارات لتحسين أوضاع الاقتصاد سواء عن طريق عقد مؤتمرات اقتصادية كلّفته الملايين أو عن طريق الاستدانة من دول خليجية وغربية لتحسين الوضع ولو "بشكل مؤقت".

كل تلك الطرق لجأ إليها السيسي، على ما يبدو، لتجميل الوضع على حساب كل شيء، وكان أكثرها تأثيرًا وضررًا بالنسبة للمصريين هو تحرير سعر الصرف، الذي مرت ذكراه السنوية منذ أيام أيام قليلة (3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016)؛ والذي كان يهدف، بحسب السلطات، إلى "استعادة تداول الجنيه داخل القنوات الشرعية وإنهاء السوق الموازية للنقد الأجنبي تمامًا، حتى يكون التسعير وفقًا لآليات العرض والطلب... وتتحسن الأوضاع بعد ذلك". ولم يذكر أن ذلك "التعويم" في النهاية كان لأجل هدف واضح وهو الحصول على قرض صندوق النقد الدولي.

اقرأ/ي أيضًا:  الأسعار ترتفع في مصر مجددًا.. جوع بأمر صندوق النقد

وكان طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، أيضًا قد أبدى خلال إحدى جلساته الاقتصادية "عدم قلقه من مستويات الدين الحالية"، معتبرًا أنها "مستويات لا تزعج البنك على الإطلاق، بل إنها قد تزداد خلال المرحلة المقبلة؛ لأن هناك العديد من المشروعات"، مقرًا أن "مستويات الدين الخارجي ترتفع لكن البنك يتابعها". وبحسب تقرير الاستقرار المالي الصادر عن البنك المركزي فإن "الديون قصيرة الأجل مثلت 39% من صافي الاحتياطيات الدولية فى حزيران/يونيو الماضي"، وقال التقرير إن ذلك "يضع الدين في الحدود الآمنة وفقاً للمعايير العالمية عند 50% من احتياطيات النقد الأجنبية".

في الواقع الآن، لا أحد يعترف بـ"الأحلام" التي تحدّث عنها مؤيدو القرار؛ فقد زادت الأسعار على كل السلع والخدمات بلا استثناء أكثر من الضعف، وتحوّل الجنيه من كونه رابع أغلى عملة بين الأسواق الناشئة عالميًا إلى ثالث أرخص عملة وكان التعويم خطوة حاسمة لتأمين الحصول على قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار. وبعد التعويم، كانت السمات الأساسية لعام 2017 هي تزايد الإقبال على تجارة الفائدة وتحسن السياحة وتصاعد معدلات التضخم بشكل غير مسبوق.

صرح السيسي مؤخرًا أنه يفكر بالشباب في كل قراراته لكنه يواصل في الآن ذاته التداين ليثقل كاهل ذات الشباب بصعوبات كبرى مستقبلًا

وفي سياقٍ متصل، وبالاعتماد على تصريحات تُنسب لأحد مسؤولي البنك المركزي نفسه، جاء فيها "أن الدين الخارجي لمصر بلغ نحو 80 مليار دولار حتى أيلول/ سبتمبر الماضي، كما أنه كان قد ارتفع إلى حوالي 81 مليار دولار في آب/ أغسطس من 79 مليار دولار في حزيران/ يونيو قبل أن يتراجع إلى 80 مليار دولار مرة أخرى"، بينما سجلت احتياطيات النقد الأجنبي بنهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي 36 ملياراً و703 ملايين دولار.

علقت وزارة المالية على ذلك بالقول إن "لديها خطة في علاقة بإجمالي الدين من الناتج المحلي الإجمالي وذلك حرصًا على خفض مستويات الدين". من جانبه أعد الباحث جمال غيطاس دراسة رصد خلالها ارتفاع معدل تدفق القروض والمنح في عهد السيسي، حيث "وصل عدد القروض خلال فترته الأولى حوالي 35 قرضًا، خلال أول عامين من حكمه، ويمثل هذا الرقم 5.26% من إجمالي عدد القروض، لكن قيمتها تجاوزت كثيرًا قيمة القروض في عهود رؤساء آخرين، حيث وصلت إلى 31 مليار و529 ألف و223 دولار".

وقد قال السيسي في حوار معه مؤخرًا إنه "يتحدث عن الشباب ويفكر فيهم في كل وقت"، في الوقت الذي يحمّل فيه البلاد حزمة من الديون، لن يتحمل سدادها سوى هؤلاء الشباب. وإجمالًا يمكننا أن نعتبر المشاريع الكبيرة ومحاولات التنظير من جهة الدولة بـ"الشمول المالي" وغيره تغطية على درجة السوء التي وصل إليها الاقتصاد المصري وارتفاع الأسعار الذي يعاني منه المواطن، في ظل تواصل ارتفاع الديون الخارجية وانعكاساتها الخطيرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا يتحسن الاقتصاد المصري بالنشرات الحكومية فقط؟

ملايين للاعبي المنتخب وفندق بمليار جنيه.. "احنا فقراء قوي يا مصريين"!