09-يوليو-2022
بعض العناوين المقترحة لقضاء إجازة عيد الأضحى

أغلفة بعض العناوين

يحب البعض قضاء إجازة عيد الأضحى بممارسة هواياته والتفرغ، وإن مؤقتًا، لفعل ما يحب. وغالبًا ما يكون القراء في مقدمة هؤلاء، حيث تحل القراءة دائمًا ضمن المراكز المتقدمة في مشاريعهم أثناء فترة إجازة العيد. لكن المشكلة هنا دائمًا ما تكمن في سؤال: ماذا نقرأ؟

في هذا المقال، يرشح لكم عدد من الكتّاب والنقاد والقراء العرب مجموعة من الأعمال الأدبية والفكرية، العربية والمترجمة، لعطلة العيد.


بان علي: فن الحب

  • كاتبة وشاعرة من العراق

"فن الحب" للفيلسوف الألماني إريك فروم. لأن الحب ببساطة غاية الوجود ومنتهى الغايات. الجواب الذي يلغي كل الأسئلة, ويقف صامدًا في وجه كل الصراعات الفكرية التي يطرحها العقل.

هذا الكتاب يشرح لنا الحبّ الحقيقيّ من وجهة نظر سيكولوجية وفلسفية. ويوضح كيف أن المحبّ الحقيقي، هو المحبّ الذي تمكّن من سبر أغوار ذاته، وفهمها بشكلٍ كافٍ وواعٍ. عدا ذلك، فكل محاولاتنا في الحب لا تعدو عن كونها حاجة نسد بها رمق أنفسنا اللاهثة وراء العاطفة.

والحاجة بطبيعة الحال مصدرها الغريزة، والغريزة شعور مؤقت ينتج عن تفاعلاتٍ كيميائية، ينتهي بمجرد الحصول عليه. وثمة فرقٌ شاسع بين أن تقدّم الحب لأنك ممتلئ به، وبين أن تقدّمه لأنك بحاجة إلى الإحساس به.

غلاف كتاب "فن الحب"


موزة خالد: بساتين البصرة، مائة قصيدة كولومبية

  • كاتبة وقارئة من سلطنة عمان

لم أتوقع يومًا أنني سأكتب نصًا ويُنشر، لطالما كنت متحفظة ولا أنشر كتاباتي في أي مكان بسبب شعوري بأن كل ما أكتبه مبتذل، ولا يستحق القراءة.

أكتب الآن، أمامي كتبي التي خططت لقراءتها خلال إجازة عيد الأضحى. أتصفح الكتب مرة أخرى، وأشعر أنني عبارة عن كلمات مشتتة. أبحث عن الكلمات في كل مكان، فيتجدد شعوري بأن القراءة هي عزائي الوحيد.

قررت أن أقرأ رواية "بساتين البصرة" للروائية المصرية منصورة عز الدين، بسبب اقتباس أحفظه عن ظهر قلب وأردده باستمرار في كل موقف يربكني. وكذا لأنني أرغب بالتعرف إلى هذه الكاتبة عن قرب.

تقول منصورة عز الدين في روايتها هذه: "حتى لو ارتبكنا وأدخلنا المفاتيح الخطأ، ولم ينفتح ولو صندوقًا أو بابًا واحدًا في وجوهنا، فعلينا اليقين من أن هذا ليس عبثًا، بل يحدث لغاية مهمة حتى لو لم تحط أفهامنا المحدودة بأبعادها".

مرت عليّ الكثير من الاقتباسات المذيلّة باسم منصورة عز الدين. كانت دائمًا اقتباسات صائبة، وحقيقية. ليس على نحو عاطفي فحسب، ولكنها واقعية إلى حد رهيب.

تعجبني فكرة أن استكشف الكتب التي تشبه روحي وفكري. أستكشفها بمفردي دون توصيات. و"بساتين البصرة" إحدى هذه الكتب.

اعتدت أن أقرأ الشعر يوميًا، ولا أظن أن العيد سيكون عيدًا دون شعر. أظن أنني أحاول تخفيف ثقل أيامي بالشعر. أقرأ هذه الفترة كتاب "مائة قصيدة كولومبية". أعتقد أنه سيرافقني خلال أيام العيد أيضًا.

غلاف "بساتين البصرة" و"مائة قصيدة كولومبية"


كه يلان محمد: الجحيم، ما بعد اللامنتمي، عازف البيانو..

  • كاتب وناقد من العراق

اختيار العناوين فن، وقد لا نحسن دومًا تحديد جدول للكتب التي نريد إكمال قراءتها في مدة زمنية محددة، لأنه يتم تعديل الاختيارات غالبًا، وهذا أمرٌ طبيعي طالما أن القراءة تعتمد على المزاج، ولا يصح التصرف مع الكتب بناءً على نسق وظيفي.

لكن، مع ذلك، ثمة فرص لابد أن نستفيد منها للعودة إلى بعض العناوين التي انسحبت لغيرها أكثر من مرة، فكانت رواية "الجحيم" للروائي الفرنسي هنري باربوس التي انتظرت بنفس طويل إلى أنْ قرأتها في بداية هذا الصيف، مع أنه من المتوقع قراءة عمل أدبي بهذا العنوان بالشتاء وليس بالصيف، ونحن على مشارف العيد. كذلك الأمر مع كتاب "ما بعد اللامنتمي" للكاتب البريطاني كولن ولسون الذي عدتُ إليه مؤخرًا، وهو يغطي بسردية مكثفة محطات فلسفية مفصلية في تاريخ الفكر الأوروبي.

الآن وأنا بصدد الحديث عن قراءة العيد ولا يفصلنا سوى ساعات قليلة عن أول أيام عيد الأضحى، أصاحبُ شخصيات الكاتبة الكورية كيونغ سوك شين، وأترقبُ ما سيؤول إليه مصير الأم في روايتها الموسومة "أرجوك اعتني بأمي". وبعدما يتوقف خيط السرد في هذه الرواية، نتحول إلى رواية "عازف البيانو" للكاتب البولندي فلاديسلاف شبيلمان، وهو كتاب قد غازلته من بعيد. بالطبع نرحل إلى عالمه في هذا العيد، هكذا تتوالى الحلقات.

رواية "سنة العجائب: حكاية الوباء" للكاتبة جيرالدين بروكس ضمن برنامج العيد، ومن الأفضل تنويع القراءات بين السيرة والرواية والفلسفة لأن قراءتك في أي مجال تخدمُ مستوى التواصل لمجالٍ آخر. وبما أن الكلام لايزال يدور عن القراءة، فلابد من الإشارة إلى أن الشعر ليس غائبًا على المائدة، التي ستكون نكهتها أطيب بوجود ديوانين شعريين هما: "عابر الدهشة" و"أثواب العشق" للشاعرة اللبنانية ندى الحاج.

غلاف "سنة العجائب" و"عازف البيانو"


تحسين علي جابر: ولم يقل كلمة

  • كاتب وشاعر من العراق

"ولم يقل كلمة" للأديب الألماني هاينريش بول. رواية يمكن أن نصنفها من روايات ما بعد الصدمة، إذ يدق الكاتب الألماني مساميره على جدران برلين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. يكتب عن "فريد" الذي يعيش على الهبات، ليعيل أطفاله وزوجته التي عانت كثيرًا لفقدان زوجها، وتركه للمنزل، وهروبه المستمر، حتى لا يواجه وجوه أطفاله المتسائلة.

"ولم يقل كلمة" رواية عن الحب الذي ينمو بعد الحرب، وعن الحرب التي تلتهم براعم الحب.

غلاف "ولم يقل كلمة"


هيلان الماجري: امرأة في برلين، فيلولوجيا الأزهار

  • قارئة من تونس

خلال عطلة العيد هذا، اخترت قراءة كتاب "امرأة في برلين" الذي أقترحه على الأصدقاء محبي قراءة المذكرات. ميزة هذا العمل أن هوية كاتبته ظلت مجهولة منذ نشره أول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1954، ولم تُكشف هويتها إلا سنة 2003، بعد سنتين من وفاتها، ليعرف العالم حينها بأنها الكاتبة الصحفية الألمانية مارتا هيلرس.

الكتاب عبارة عن مذكرات شابة ألمانية سجلتها إثر سقوط مدينة برلين على يد الجيش السوفييتي خلال الحرب العالمية الثانية، حيث كتبت لمدة 8 أسابيع عن المعاناة التي عاشها المدنيون الألمان، وخاصةً النساء منهم، بسبب معاملة الجنود السوفييت اللاإنسانية. حُوِّل الكتاب إلى فيلم سينمائي في عام 2008 من إخراج ماكس فيربيك، وبطولة الممثلة نينا هوس.

ولكي يكون العيد خفيفًا مزينًا ببعض اللطف، أعتقد أنه لا شيء أفضل من قراءة بعض الشعر، ولهذا أقترح مجموعة "فيلولوجيا الأزهار" للشاعر السوري أمارجي. وهي عبارة عن مانيفستو شعري خاطب فيه أمارجي الجانب الجمالي للأزهار، وتساءل عما تتعبده زهرة عبّاد الشمس في الليل؟ ولأجل أي قدّاس مسائي يخرج غارثيا لوركا زنابق الوادي؟ ولماذا لا تذبل أبدًا زهرة الفجل البري الجميلة التي يحملها جوزيه ساراماغو؟ ومتى سيعيرنا إيوجنيو تشيريزه فراشه المعد من أزهار العنبريس الطرية كي نستلقي عليها؟

غلاف "امرأة في برلين" و"فيلولوجيا الأزهار"


هدى مرمر: سمٌ في الهواء

  • قارئة من لبنان

تتيح عطلة العيد وقتًا لقراءة كتاب أو اثنين. أنصحكم بآخر رواية أصدرها الكاتب اللبناني جبّور الدويهي قبل وفاته العام الماضي، وهي "سمٌ في الهواء" التي اعتمد فيها أسلوبًا سلسًا وماكرًا يحكم من خلاله قبضته على القارئ.

جعلني الدويهي في روايته هذه أتماهى مع الراوي، الذي أجبرني على الغوص في كوابيسه ومشاعره وعالمه الخاص وذكرياته وديناميكياته مع شخصيات الرواية. ووجدت في ترحاله وتيهه الجغرافي ما يشبه غربتي الداخلية. نزوحه إلى بيروت أشعرني بأنني التقيته في هذه المدينة التي تحضننا وتخنقنا على حدّ سواء.

تجمعنا بيروت، وحيث يعاني الراوي من الحرب الأهلية والطائفية، أذكر معاناتي في حرب عام 1996، وأيام الجامعة التي طبعت شخصيتي. أتلاقى معه أيضًا في علاقاته المتأرجحة مع أهله ومع الكتب، الأمر الذي يمدّ جسرًا بيني وبينه والعديد من اللبنانيين ممن رسمت ملامحهم الكتب والحرب والعائلة غير الاعتيادية (وهل من عائلة لبنانية عادية؟).

وشمت الحرب ذات الراوي ودفعته إلى عزلة تُضاف إلى طبيعته الانطوائية. وفي هذه العزلة، تناغَم مع شخصيات الكتب التي غرق فيها بينما تستعر جحيم الحرب في الخارج. لكن ميله إلى الخراب يتوازى مع ميل المدينة إليه، خاصةً أن المدينة تحترق كما أحرق كتبه.

في هذه الرواية، يرسّخ جبّور أحقيته بلقب "روائي الحياة اللبنانية"، إذ لا بد من أن يجد القارئ نقاطًا تمسّه وتهمّه في قصة بطل الراوية، التي تُقرأ كسيرة ذاتية للمدينة وأبنائها.

غلاف "سمٌ في الهواء"


عبد الرحمن المهداوي: الانهمام بالذات

  • قارئ ومدقق لغوي من العراق

"الانهمام بالذات" للفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو. كتاب يضم مقالات يتحدث فيها عن أهمية الانهمام بالذات والركون إليها وسماعها، مقتديًا بجهابذة فلاسفة الإغريق الذين كانوا يروون أن الانهمام بالذات لإصلاحها هو ما ينفع الآخرين، من يعرف كيف يتصرف مع نفسه سيعرف ذلك مع غيره.. هذه حكمتهم.

ولعل فوكو، ومن بعده دولوز، كانا قادرين على استيعاب البشرية التي لا تتغير، والتي أسّس لها فلسفيًا الإغريقيون، والأسس التي تتغير بمرور الزمن، والتي كانا في مرونة معها.

غلاف "الانهمام بالذات"


أمير علي: القول والقول الذي لا يقول شيئًا

  • قارئ من العراق

"القول والقول الذي لا يقول شيئًا: اللامنطق واللاستحالة واللامعنى"، للفيلسوف الفرنسي جاك بوفريس، كتاب يتحدث عن الأشياء التي ينطقها الإنسان وتكاد تكون بلا معنى، لكنها أساسية في حضارة الإنسان وفي لغته الأم لدرجة أنه لا يستطيع الاستغناء عنها. وهذه معضلة أهل اللسانيات، حيث تكون المفردة معروفة ومستعملة، لكن لم يتم إسناد المعنى لها.

يتحدث الكتاب أيضًا عن الإنسان، ويتساءل عما إذا كان بوسعه أن يفكر تفكيرًا منطقيًا؟ وهل اللامعنى ممكن في حياة الإنسان؟ حتى أنها في بعض الأحيان تكون أكثر عمقًا وفائدة من غيرها. ويختتم الكتاب بمناقشة موضوعة معنى وماهية الحياة، وهل هي منطقية أم مستحيلة؟

وجوابه على هذه الأسئلة كلها سيكون جوابًا صادمًا، مفاده أنه لا يجب على الإنسان أن يسأل هذه الأسئلة لأنه لن يجد الإجابة الشافية، وعندها سوف تفسد حياته بينما يبحث عن إجابة لمعنى الحياة. أما القول اللامنطقي، فإن أعظم الأشياء هي الأشياء التي لا تقال، وهذه فكرة فيتغنشتاين التي اختتم بها أعماله. فمهما قال الإنسان أشياء رائعة، ستكون ناقصة واللغة نفسها ستعيق الفكرة الخام.

لذلك إن عدم القول هو أعظم قول على الإطلاق، وأهم الأشياء التي تحدث في حياة الإنسان هي الأشياء التي لا تقال ولا توصف.

غلاف "القول والقول الذي لا يقول شيئًا"