24-مارس-2024
ما معنى منهجية الكايزن في الجودة

منهجية كايزن هي فلسفة تركز على الاستمرارية والتحسين التدريجي في العمليات الإنتاجية

تواجه الشركات تحديات متزايدة للحفاظ على مكانتها وتحقيق النمو، مما يجعل البحث عن طرق لتحسين الجودة وزيادة الإنتاجية ضرورة ملحة. وتقدم منهجية الكايزن، التي تعتمد على فلسفة التحسين المستمر وإشراك جميع أفراد المنظمة، نموذجًا استراتيجيًا لتحقيق هذه الأهداف وتعزيز قدرة المؤسسة على التكيف والنمو في بيئة العمل المتغيرة.

تقوم فكرة كايزن على أن التحسينات الصغيرة والمستمرة ستؤدي إلى تغييرات كبيرة على المدى الطويل

تعريف منهجية الكايزن

منهجية كايزن هي استراتيجية أو فلسفة تركز على الاستمرارية والتحسين التدريجي في العمليات الإنتاجية، وإدارة الجودة، والأعمال التجارية. وتعود جذور هذه الفلسفة إلى اليابان وتعني "التحسين المستمر" باللغة اليابانية. وتقوم فكرة كايزن على أن التحسينات الصغيرة والمستمرة ستؤدي إلى تغييرات كبيرة على المدى الطويل. وتشجع هذه المنهجية جميع أعضاء المؤسسة على العمل معًا من أجل تحقيق تحسينات في جميع جوانب العمل، بدءًا من الإنتاج وحتى الإدارة والخدمات. وتتضمن منهجية كايزن العديد من الأدوات والتقنيات، مثل تقنيات حل المشكلات، وإدارة الجودة الشاملة، وتحليل العمليات، وغيرها لتحقيق هذا التحسين المستمر.

ويعرّف ماساكي إيماي، مؤسس معهد كايزن، كلمة "كايزن" على أنها منهجية التحسين. وهي تشمل التحسين المستمر في الحياة الشخصية، والحياة العائلية، والحياة الاجتماعية، وحتى الحياة العملية. ولكن عند تطبيقها في مجال العمل، فإنها تعني التحسين المستمر الذي يشمل جميع الإداريين والعمال على حد سواء.

مع مرور الوقت، اكتسبت منهجية الكايزن شعبية عالمية وتم تطبيقها في مختلف القطاعات والصناعات

تاريخ تطور منهجية الكايزن

تمّ تطوير منهجية الكايزن تدريجيًا على مر العقود العديدة، حيث استمرت في التطور والنمو، وفيما يلي أبرز مراحل تطورها:

  1. في البدايات

في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، واجهت اليابان تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك نقص الموارد والحاجة إلى إعادة بناء صناعتها. في هذا الوقت، بدأت الشركات اليابانية بتبني مبادئ الجودة والإنتاجية التي طورها خبراء إدارة الجودة الشاملة مثل ديمينغ وجوران وشوهارت وغيرهم. وكانت هذه المبادئ تركز على الجودة وتحسين العمليات، ولكنها أيضًا شجعت على فكرة التحسين المستمر من خلال مشاركة جميع العاملين.

  1. في الثمانينات

قدم ماساكي إيماي، مؤسس معهد كايزن، منهجية الكايزن إلى العالم من خلال كتابه الأكثر مبيعًا "كايزن". حيث إن هذا الكتاب لم يسلط الضوء على أهمية التحسينات المستمرة والتدريجية فحسب، بل أيضًا قدم الكايزن كمنهجية منظمة يمكن تطبيقها في مختلف الصناعات والمجالات.

  1. مع مرور الوقت

مع مرور الوقت، اكتسبت منهجية الكايزن شعبية عالمية وتم تطبيقها في مختلف القطاعات والصناعات، ليس فقط في الإنتاج الصناعي ولكن أيضًا في الخدمات، والرعاية الصحية، والتعليم. وتعتبر اليوم واحدة من أهم الفلسفات في عالم إدارة الأعمال والإنتاجية، مع التأكيد على أهمية الابتكار المستمر والتحسين في جميع جوانب العمل.

تمكين الموظفين للمشاركة في عملية التحسين وإعطائهم الصلاحية لاتخاذ القرارات اللازمة جزء حيوي من الكايزن.

مبادئ منهجية الكايزن

تشكل مبادئ منهجية الكايزن أساسًا لثقافة العمل التي تستهدف التحسين المستمر والكفاءة في جميع جوانب المنظمة. إليك بعض هذه المبادئ:

  1. التحسين المستمر: يعكس هذا المبدأ جوهر الكايزن، حيث يشجع على البحث الدائم عن طرق لتحسين العمليات، والمنتجات، والخدمات بغض النظر عن مدى صغر التحسين. ويعتمد على فكرة أن التحسينات الصغيرة والمستمرة تؤدي إلى تغييرات كبيرة ومؤثرة على المدى الطويل.
  2. العمل كفريق: يؤكد هذا المبدأ على أهمية التعاون والعمل الجماعي بين جميع أفراد المنظمة. حيث يتم تشجيع الموظفين على مشاركة أفكارهم وحلولهم للمشكلات، ويتم تقدير جهودهم في تحقيق أهداف التحسين المشتركة.
  3. العمليات القائمة على العميل: تركيز منهجية الكايزن على احتياجات وتوقعات العملاء يضمن أن التحسينات تعزز القيمة للعملاء. حيث يتم تحليل ردود فعل العملاء واستخدامها كدافع للتحسين المستمر في جودة المنتجات والخدمات.
  4. القضاء على الهدر: يهدف هذا المبدأ إلى تحديد وإزالة أي نشاط لا يضيف قيمة إلى العملية، أو المنتج، أو الخدمة. ويشمل الهدر الزمن الضائع، والموارد المهدورة، والجهود غير الفعّالة التي لا تسهم في تحقيق الهدف النهائي.
  5. توحيد العمل: من خلال توحيد العمليات والمهام، يتم إنشاء معايير واضحة وموحدة تسهل على الموظفين فهم توقعاتهم وكيفية إجراء أعمالهم بفعالية. وهذا يساعد في تقليل الأخطاء وتحسين الجودة.
  6. التحسين القائم على الحقائق والبيانات: يشجع هذا المبدأ على اتخاذ القرارات بناءً على البيانات والمعلومات الموضوعية بدلًا من الحدس أو التخمين. ويساعد ذلك في تحديد الأسباب الجذرية للمشكلات وتطوير حلول فعالة.
  7. تمكين الموظفين: يعتبر تمكين الموظفين للمشاركة في عملية التحسين وإعطائهم الصلاحية لاتخاذ القرارات اللازمة جزءًا حيويًا من الكايزن. حيث يتم تشجيع الموظفين على الابتكار والمبادرة، مما يؤدي إلى تحسين العمليات وزيادة الإنتاجية. يؤدي هذا أيضًا إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية والانتماء لدى الموظفين تجاه أعمالهم والمنظمة.
  8. التعلم المستمر: تعزيز ثقافة التعلم المستمر ضروري لنجاح الكايزن. يتم تشجيع الموظفين على تطوير مهاراتهم وزيادة معرفتهم باستمرار، مما يمكنهم من المساهمة بشكل أكبر في عمليات التحسين. يشمل هذا التعلم من الأخطاء والتجارب وتبادل المعرفة بين الفرق.

من خلال تطبيق هذه المبادئ، تسعى منهجية الكايزن إلى إحداث ثورة في بيئة العمل بشكل يعزز الكفاءة، والجودة، والابتكار. وتقوم ببناء ثقافة تعاونية تشجع على الشفافية والتواصل الفعال، وتقدير كل فرد لدوره في دعم التحسين المستمر وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظمة.

أسس معهد الكايزن كمجموعة استشارية علمية بهدف نشر فكر ومبادئ وفلسفة الكايزن في دول أخرى غير اليابان.

ما أهمية تطبيق منهجية الكايزن في المؤسسات؟

يعد تطبيق منهجية الكايزن في المؤسسات من الأساليب المهمة والفعالة في إدارة الجودة وتحسين العمليات بشكل مستمر. وتتركز أهمية تطبيق منهجية الكايزن في:

  1. تحسين الجودة: من خلال التركيز المستمر على الكشف عن الأخطاء وتصحيحها، يمكن للمؤسسات تحسين جودة المنتجات والخدمات التي تقدمها.
  2. زيادة الإنتاجية والكفاءة: تساعد منهجية الكايزن المؤسسات على تحديد العمليات غير الفعالة وإزالة الهدر، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والكفاءة.
  3. تعزيز الرضا الوظيفي: من خلال إشراك جميع الموظفين في عملية التحسين، تساهم منهجية الكايزن في تعزيز الرضا الوظيفي والشعور بالمسؤولية والانتماء.
  4. المرونة والقدرة على التكيف مع التغييرات: تساعد المنهجية على تطوير ثقافة تقبل التغيير وتشجع على الابتكار، مما يجعل المؤسسات أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التغييرات السوقية والتكنولوجية.
  5. تحسين التواصل والتعاون: تشجع منهجية الكايزن على التواصل الفعال والتعاون بين الأقسام والفرق، مما يساهم في تحقيق الأهداف المشتركة بشكل أكثر فعالية.
  6. تقليل التكاليف: من خلال تقليل الهدر وزيادة الكفاءة، يمكن للمؤسسات تقليل التكاليف المرتبطة بالإنتاج والعمليات.
  7. تحسين العلاقة مع العملاء: تؤدي جودة المنتجات والخدمات المحسنة والقدرة على الاستجابة السريعة لمتطلبات العملاء إلى تحسين العلاقة مع العملاء وزيادة رضاهم.

 

نظرة على معهد الكايزن

تمّ تأسيس معهد الكايزن كمجموعة استشارية علمية في سويسرا عام 1995م. وذلك بهدف نشر فكر ومبادئ وفلسفة الكايزن في دول أخرى غير اليابان. ويقدم المعهد عدة أنشطة مثل تنظيم المؤتمرات والندوات والبرامج التدريبية لنشر ثقافة الكايزن، وكذلك نشر الكتب التي تتحدث عن هذه المنهجية. وللمعهد فروع في مختلف دول العالم، ولقد تخرج منه الآلاف، وأصبحوا من المعتمدين في المعهد لممارسة منهجية الكايزن أو تدريب الآخرين عليها أو الإشراف والمراجعة على المنظمات للتأكد من كونها تلتزم بتطبيق مبادئ ومحاور وأساليب الكايزن.

 

تقدم منهجية الكايزن نموذجًا فعالًا للمؤسسات التي تسعى لتعزيز مستوى أدائها وضمان استدامة نموها. وذلك من خلال التركيز على التحسين المستمر والاستفادة من إمكانيات جميع الموظفين، كما تساهم الكايزن في خلق بيئة عمل تتسم بالفعالية والابتكار. حيث إن الالتزام بمبادئ الكايزن لا يؤدي إلى تحسين الجودة وزيادة الإنتاجية فقط، بل يعزز أيضًا من مرونة المؤسسة وقدرتها على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق، مما يضمن مستقبلًا واعدًا ومزدهرًا.