09-يناير-2019

في الصين نحو 50 مدينة بـ65 مليون شقة سكنية، لا يسكنها أحدٌ من البشر (ZedBooks)

تتواجد في أنحاء الصين عشرات المدن الجديدة المشيدة بالكامل، تحتضن المباني السكنية الشاهقة ومراكز التسوق الضخمة المقلّدة بتصرف من أوروبا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى شبكات الطرق المترامية الأطراف، كما تتزين ساحاتها ببحيرات المياه والحدائق والأضواء. غير أنّ أحدًا من البشر لا يسكنها!

تتواجد في الصين عشرات المدن الجديدة التي تضم عشرات ملايين الشقق السكنية، غير أن أحدًا من البشر لا يسكنها!

مدن الأشباح

بُني ما يقرب من 50 من هذه المواقع للسكان الذين لم يأتوا إليها أبدًا، ولهذا السبب يطلق عليها "مدن أشباح". وتضم ما يصل إلى 65 مليون شقة فارغة تنتظر من يسكنها. 

اقرأ/ي أيضًا: طريق الحرير الجديد.. صفقة القرن الصينية

والسبب هو أن ملاك العقار والمضاربين والمستثمرين، يرغبون في بيعها بأسعار مرتفعة جدًا، بحيث تفوق تكلفة شراء الشقة الواحدة تكلفتها في مدن الرفاه مثل سيدني وملبورن، ولدى هؤلاء ما يكفي من الصبر لانتظار اليوم الموعود الذي تنتعش فيه سوق العقارات!

مدن الأشباح في الصين
65 مليون شقة سكنية فارغة في 50 مدينة صينية لا يسكنها أحدٌ من البشر

وعادة ما يتم بناء هذه المدن الجديدة في ضواحي الحواضر القائمة. والشركات المملوكة للدولة مع الشركات الخاصة هي من تنفذ هذه المشاريع، في انتظار صعود سوق العقار.

ويوضح داني مكماهون مؤلف كتاب "سور الصين العظيم للديون"، سر استمرار مشاريع بناء المدن الجديدة في الصين ، التي يبدو أنها بنيت من أجل لا أحد، قائلًا: "هذه الظاهرة كانت مدفوعة إلى حد كبير بتفاقم الديون الذي بدأ بالفعل في الارتفاع بعد الأزمة المالية العالمية". 

وأضاف: "إن شركات تطوير العقارات الخاصة ستقوم ببناء مساكن في الأماكن التي ينتهي بها المطاف إلى أن تصبح مدنًا أشباحًا، لأنها تؤمن بقدرة سوق العقارات الصينية على الصعود والارتفاع".

مدن الأشباح عبء أم حل؟

تضيف مدن الأشباح هذه عبئا زائدًا على اقتصاد الصين، حيث تتعمق أزمة سوق العقارات الصينية وتتراكم الديون، بعد أن كان المضاربون يراهنون على استمرار أوقات السعد، والآن أصبحوا مصدومين تحت ملايين الدولارات من القروض.

وتسعى الصين إلى تجاوز هذا التباطؤ الاقتصادي، من خلال  بناء المزيد من البنى التحتية، وتحفيز سوق العقارات، غير أن الأزمة تتفاقم بعد الصراع التجاري مع الولايات المتحدة.

لكن الأسوأ هو أن الاحتفاظ بإمدادات كبيرة من الشقق الجديدة خارج السوق، يخلق نقصًا كبيرًا في المساكن، ما يدفع أسعار المنازل "المستعملة" إلى الصعود من أي وقت مضى. الأمر الذي يجعل من الصعب للغاية على الصينيين شراء منزل وتشكيل أسرة، خاصة بالنسبة للشباب، وهذا يمكن أن يفسر سبب انخفاض معدلات الزواج في الصين إلى ما يقرب من 30٪ في السنوات الخمس الأخيرة.

 ومن ثمّة، فمن المتوقع أن يؤدي الانخفاض الكبير في معدلات الزواج إلى تفاقم مشكلة الصين الديموغرافية، وسيؤدي ذلك إلى انخفاض معدلات المواليد، وتقلص قوة العمل، وزيادة إعالة المتقاعدين، وهذه أخبار ليست سارة لمستقبل الصين وأسواقها المالية.

مدن الأشباح في الصين
يرى البعض أن مدن الأشباح حلٌ احترازي للنمو السكاني المهول في الصين

ولكن ليست كل "مدن الأشباح" تبقى كذلك طوال الوقت، "فالكثير من هذه المدن التي كانت توصف بمدن الأشباح قبل 10 سنوات، أصبحت الآن مدنًا مأهولة صاخبة بالسكان"، يقول وايد شيبرد مؤلف كتاب "مدن الأشباح في الصين"، الذي كان يوثق نشوء مدن الأشباح منذ أن تعثر لأول مرة في مدينة شاغرة مترامية الأطراف في عام 2006.

يرى البعض أن مدن الأشباح هذه توفر حلًا للاكتظاظ السكاني الحضري في الصين، مشبهينها بملابس واسعة لصبي ينمو سريعًا

ويرى شيبرد أن مدن الأشباح هذه، هي ببساطة في مرحلة بين البناء والسكن، وعلى عكس العديد من المدن في أنحاء العالم، حيث تتزايد أعداد السكان باستمرار ومتطلباتهم، تاركة مخططي المدن في حيرة لإيجاد طرق جديدة للتعامل مع الاختناقات المرورية والطلب المتزايد على المساحة؛ توفر هذه المدن الجديدة حلًا متقدمًا للاكتظاظ السكاني الحضري في الصين، "الأمر أشبه بشراء بذلة ذات حجم أوسع لصبي ينمو سريعًا"، على حد تعبير شيبرد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل ستشهد 2019 انهيارًا للاقتصادي العالمي حقًا؟

"الحل الصيني" يزاحم أمريكا ببطء على قيادة العالم