13-يناير-2023
أطفال اللاجئين السوريين يواجهون المنع من التعليم في لبنان.

أطفال اللاجئين السوريين يمنعون من التعليم في لبنان

اتخذت وزارة التعليم اللبنانية إجراءات انتقائية جديدة بحق الطلاب السوريين، ذلك بمنعهم من الدراسة في مدارس بعد الظهر. وهو ما أوضحه المدير العام لوزارة التربية اللبنانية، عماد الأشقر، بإعلانه "توقف دروس بعد الظهر في المدارس الرسمية لغير اللبنانيين عملاً بمبدأ المساواة".

برر عماد الأشقر ذلك القرار، بالقول: "لا يجوز ألَّا يتعلم أبناؤنا، وأن يتعلم أولاد غيرنا".

هذا ونقلاً عن موقع تلفزيون سوريا، فإن هذه التصريحات جاءت عقب لقاء جمع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، يوم الثلاثاء، بوزير التربية عباس الحلبي وعدد من مسؤولي الوزارة، تدارسوا خلاله إمكانية دفع بدل إنتاجية لأساتذة التعليم الرسمي. وكشف الأشقر، مبررًا ذلك القرار، بالقول: "نحن نستقبل جميع الناس وقلوبنا مفتوحة للجميع، لكن لا يجوز ألَّا يتعلم أبناؤنا، وأن يتعلم أولاد غيرنا". فيما لم يأت على لسان المسؤول اللبناني إشارة خاصة للطلاب السوريين، بيد أن تقارير إعلامية محلية أكدت ذلك.

ويذكر أن "مدارس بعد الظهر" هو برنامج ممول من اليونيسيف، من أجل تعزيز قطاع التعليم في وقت تعيش فيه البلاد انهيارًا اقتصاديًا وظروفًا معيشيةً صعبةً. وحسب ما نقلت تقارير عن مصادر مطلعة، فإن الحكومة اللبنانية تسعى بهذا القرار للضغط على الدول المانحة لرفع تمويلها لهذا البرنامج، وعن طريق تلك التمويلات تدفع رواتب أساتذة التعليم العمومي.

وزارة التربية اللبنانية تمنع أطفال اللاجئين السوريين من التعليم.

وفي وقت سابق، أعلن أساتذة التعليم العمومي في لبنان إضرابًا عامًا وشاملًا في المدارس الرسمية "ردًا على الإهانة"، على حد وصفهم، التي وجهها وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي إلى المعلمين بجعل حوافز يومهم التعليمي 5 دولارات. وكان الحلبي قد وعد بدفع "معزّزات للإنتاجية" تعادل قيمتها 5 دولارات عن كلّ يوم حضور وتدريس كشرطين أساسيّين، واصفاً ذلك بـ"البشرى السارة".

وأوضحت صحيفة "المدن" اللبنانية، بأن هذه ليست المرة الأولى التي تضغط فيها وزارة التعليم على المانحين الدوليين، ووفقًا لمصادرها، فقد سبق أن قال وزير التربية عباس حلبي، عقب لقائه بالجهات المانحة في 6 أيلول/ سبتمبر الماضي "إن لبنان لن يقترض لكي يعلّم غير اللبنانيين". وكذلك أصدرت وزارة التربية اللبنانية حينذاك بيانًا أكدت فيه "عدم قبولها أيّ محاولة لدمج تلامذة نازحين ولتوطينهم من خلال القطاع التربوي الخاص"، داعيةً المدارس الخاصة التي يجري التواصل معها من جانب أي جهة كانت، لهذه الغاية وعرض عليها تغطية كامل أقساط هؤلاء، إلى الامتناع عن الاستجابة لهذه العروض".

ومن جانبه، أدان الائتلاف الوطني السوري المعارض الممارسات التمييزية التي يتعرض لها الطلاب السوريون في لبنان. وأوضح في بيان له، أن قرار حكومة ميقاتي يؤدي إلى حرمان أكثر من نصف مليون طفل من حق رئيسي من حقوقهم، كما أن "المساعدات الدولية المخصصة لقطاع التعليم للاجئين السوريين في لبنان مستمرة إلى الآن، ومن غير المشروع إيقاف تعليمهم تحت أي ذريعة أو لتصفية حسابات داخلية".

كما شجبت عدة منظمات الحقوقية، محلية ودولية، قرار الحكومة اللبنانية. وفي وقت سابق، كشفت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان (UNHCR) ليزا أبو خالد، أن مجموع التلاميذ السوريين المسجلين لدى المفوضية للعام الدراسي 2020-2021، يبلغ 321 ألفًا. وفرضت أزمات لبنان المتعددة، حسب المتحدثة، عوائق معقدة على نظام التعليم، منها تدني الحوافز لدى المعلمين بسبب انخفاض قيمة الليرة، والكلفة الباهظة للنقل، وتمويل النفقات التشغيلية بالمدارس، وهجرة المعلمين من القطاع العام إلى الخاص.

وفي تقريرها المعنون بـ"تدهور أوضاع الأسر الأكثر احتياجًا في لبنان وسط أزمة اقتصادية حادة"، أوضحت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، بأن أطفال ومراهقي اللاجئين السوريين هم الأكثر تضررًا من الأزمة الاقتصادية التي تعرفها البلاد، إذ أن 60% فقط من الأطفال اللاجئين السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 عامًا كانوا يرتادون المدرسة بانتظام في عام 2022، مع انخفاض معدل الحضور إلى أقل من 8 % بالنسبة للمراهقين الأكبر سنًا في المرحلة الثانوية.

"هيومن رايتس ووتش" بسياسات الحكومة اللبنانية إزاء الأطفال اللاجئين السوريين، والتي تمنع وصولهم إلى التعليم

وفي هذا السياق، نددت "هيومن رايتس ووتش" بسياسات الحكومة اللبنانية إزاء الأطفال اللاجئين السوريين، والتي تمنع وصولهم إلى التعليم. وقد أصدرت المنظمة تقريرًا تطالب فيه وزارة التعليم اللبنانية بالعدول عن قراراتها التي "حرمت الآلاف من الأطفال السوريين اللاجئين من الذهاب إلى المدارس"، بسبب طلبها سجلّات تعليمية مصدّقة وإقامة قانونية في لبنان ووثائق رسمية أخرى لا يستطيع العديد من السوريين الحصول عليها.

"هيومن رايتس ووتش": سياسات الحكومة اللبنانية تحرم آلاف الأطفال اللاجئين السوريين من التعليم

ووفق إحصائيات رسمية للحكومة اللبنانية، فقد بلغ عدد اللاجئين السوريين على أراضيها نحو 1.8 مليون، منهم قرابة 880 ألفًا مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.