07-مايو-2020

من نشاط سابق لأنصار حزب الله (النهار)

أظهرت الأحداث السياسية التي  شهدها لبنان في الأيام الاخيرة، أن حزب الله نجح أخيرًا في السيطرة على المشهد السياسي في لبنان. الحزب الأقوى في البلاد عسكرًيًا وماليًا وتنظيميًا، والمتفرّد في اتخاذ قرارات الحرب والسلم، وبعكس ما كان يحاول الإيحاء به خلال السنوات الأخيرة، يقدّم اليوم نفسه على أنه الحاكم الفعلي في البلاد، وصلة الوصل بين حلفائه الذين يسيطرون اليوم على الرئاسات الثلاثة إضافة إلى مجلس الوزراء.

يبدو أن الحملة الإعلامية التي شنّت ضد الثوار والمتظاهرين، وتحمليهم مسؤولية الإخلال بالأمن، وكسر قرار التعبئة العامة الذي تفرضه الحكومة، قد نجحت إلى حد كبير في تقليص حجم التحركات الشعبية

كما بدا واضحًا من خطابات أمينه العام، حسن نصر الله، في الأسابيع الأخيرة، أن الحزب يقف خلف السياسات العريضة للحكومة، وبالتالي فإن الحكومة التي تطلق على نفسها اسم حكومة  التكنوقراط والأخصائيين، لم تكن سوى ستارة للأحزاب والقوى السياسية التي تقف خلفها، والتي يقودها ويحرّكها حزب الله.

اقرأ/ي أيضًا: فخاخ حزب الله للدبلوماسية اللبنانية

فيما نجح حزب الله في إزالة العقبات التي تقف في وجهه الواحدة تلو الأخرى، ويستعد اليوم لتطبيق رؤيته الاقتصادية والاجتماعية في لبنان،بما فيها من استجداء لتبعات النسق النيوليبرالي والمساعدات والمعونات الدولية التي يهاجمها في العلن، كما ربط لبنان أكثر فأكثر بالمحور السوري الإيراني. قبل أسبوعين تواترت أخبار عن النية لإقامة حلف معارض يضم الحريري – جنبلاط – جعجع يهدف بشكل أساسي إلى إسقاط حكومة حسان دياب، مع حماسة بالخفاء من الرئيس بري لهذا التحالف، ما انعكس توتّرًا بين الرئاستين الثانية والثالثة في بعض المواقف، كما بين الثنائي الشيعي إلى حد ما. 

بعد إعلان حسان دياب عن الخطة الاقتصادية للحكومة، دعا رئيس الجمهورية رؤساء الكتل والأحزاب للمشاركة إلى جلسة حوار في قصر بعبدا لمناقشة الوضع الاقتصادي. وشكّلت الدعوة هذه امتحانًا جدّيًا لقوة عهد ميشال عون ومن خلفه حزب الله، فاستخدم الأخير سلطته ونفوذه لإنجاح هذا اللقاء، وجمع أكبر عدد من الأفرقاء السياسيين تحت عباءة رئاسة الجمهورية. 

صورة مركبة عن موقع صيدا إلى العالم

بالرغم من إعلان سعد الحريري مقاطعته اللقاء، فإنّ أولى الانعطافات أتت من طرف "أبو تيمور"، وليد جنبلاط، الذي زار بعبدا والتقى ميشال عون في خطوة فاجأت المتابعين، وأعلن من هناك  أنه لا يسعى إلى إسقاط الحكومة في الوقت الحالي، كذلك أكدّ أنه خارج أي أحلاف ثنائية وثلاثية، وبرز أيضًا لقاءان لنبيه بري مع حسان دياب وجبران باسيل لترطيب الأجواء داخل الفريق الواحد، لتكتمل المفاجأة بإعلان سمير جعجع المشاركة في اللقاء، فيما كان سليمان فرنجية هو الوحيد في فريق الثامن من آذار الذي رفض المشاركة في اللقاء، بسبب الخلافات الحادة بينه وبين التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل.

اقرأ/ي أيضًا: كيف يمول حزب الله عملياته عبر تجارة المخدرات

ضمن ذات المشهد وكما كان متوقعًا، لم يحمل لقاء بعبدا أي جديد، واقتصر على الخطابات الإنشائية الممجوجة التي سئمها اللبنانيون، بدون وضع اليد على الجرح ومعالجة الأزمة الاقتصادية الحادة التي  يعيشها المواطنون، في ظل انهيار سعر صرف الليرة، والارتفاع الجنوني في أسعار السلع الذي لم يشهد اللبنانيون مثيلًا له في السابق. البيان الختامي للّقاء ذكر أن المجتمعين طلبوا من المجتمع الدولية والصناديق المالية، الوقوف إلى جانب لبنان في تحمّل أزماته المتراكمة التي يعاني منها. 

ولم يكسر رتابة لقاء بعبدا سوى تصريحات سمير جعجع الذي أبدى تحفّظاته على الخطة الاقتصادية، وأكدّ أن مشاركته في اللّقاء لا تعني مبايعته للعهد أو التخلّي عن حلفائه، بل  أتت لأنه يرى أن هذا الشيء الوحيد الذي يمكنّ فعله اليوم في ظلّ الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد.

أما على صعيد الشارع، فيبدو أن الحملة الإعلامية التي شنّت ضد الثوار والمتظاهرين، وتحمليهم مسؤولية الإخلال بالأمن، وكسر قرار التعبئة العامة الذي تفرضه الحكومة، قد نجحت إلى حد كبير في تقليص حجم التحركات الشعبية، لتقتصر في الأيام الأخيرة على تظاهرات محدودة وعمليات قطع الطرقات للتعبير عن السخط من تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فيما كان لافتًا في خلال هذه الفترة  قيام القوى الأمنية بإلقاء القبض على عدد من الناشطين، في ممارسات ذكّرت اللبنانيين بممارسات النظام الأمني اللبناني – السوري السابق. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

فلسطين على مقصلة عنصريات لبنان المتراكمة

مركزية في اللامركزية.. تاريخ لبنان وحاضر الانتفاضة