19-يوليو-2023
gettyimages

اللقاء يأتي بعد تصاعد الاحتجاجات في إسرائيل على خلفية تقدم خطة التعديلات القضائية (GETTY)

استقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، أمس الثلاثاء، في البيت الأبيض، وجاء اللقاء في خضم تصاعد الاحتجاجات في إسرائيل ضد خطة التعديلات القضائية التي تسعى حكومة اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو إلى إقرارها. في الوقت نفسه، كشف مسؤول قسم الرأي في صحيفة "نيويورك تايمز"، عن تفاصيل محادثة الرئيس الأمريكي بايدن، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.

لقاء بايدن مع هرتسوغ، يأتي للتأكيد على دعم إسرائيل، في ظل تزايد الحديث عن عدم دعوة نتيناهو لزيارة البيت الأبيض منذ توليه منصب رئيس الوزراء

وأصدر البيت الأبيض بيانًا، أشار إلى أن لقاء بايدن وهرتسوع تناول موضوع تعزيز التعاون المشترك لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، كما تطرق اللقاء إلى العلاقات الدفاعية المتنامية بين طهران وموسكو.

تنا

وتحدث البيان عن أن الرئيس الأمريكي والإسرائيلي ناقشا "الحاجة إلى نهج يستند إلى توافق في الرأي فيما يتعلق بحزمة التعديلات القضائية" التي اقترحها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبحسب البيان جدد بايدن لهرتسوغ "التزامه بالحفاظ على مسار لحل الدولتين المتفاوض عليه للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو أفضل طريق لسلام دائم وعادل، وتوفير تدابير متساوية للإسرائيليين والفلسطينيين من الحرية والازدهار والأمن"، وشدد بايدن على "ضرورة اتخاذ إجراءات إضافية لتحسين الوضع الأمني ​​والاقتصادي في الضفة الغربية"، كما ناقش بايدن وهرتسوغ "فرص تعزيز التكامل الإقليمي لإسرائيل لخلق شرق أوسط أكثر سلمًا وازدهارًا"، أي إمكانية فتح المجال أمام اتفاقيات التطبيع.

من جهته، قال الرئيس الإسرائيلي خلال اللقاء إن "إسرائيل تخوض نقاشًا مجتمعيًا ساخنًا لكن ديمقراطيتها قوية ومتينة"، في إشارة قرار الحكومة الإسرائيلية المضي في خطة التعديلات القضائية التي تواجه بمعارضة واسعة.

getty

ونقل مسؤولون مطلعون على اللقاء، أن الرئيس الأمريكي أكد لنظيره الإسرائيلي، على ضرورة التوصل إلى تفاهمات بشأن خطة التعديلات القضائية، لأنه من دون التوصل إلى تفاهم، سيكون من الصعب التقدم في الملفات الإقليمية، خاصةً فيما يتعلق بمسألة التطبيع مع السعودية.

من جهته، أكد هرتسوغ لبايدن، أنه يواصل جهوده لإيجاد حل والخروج من الأزمة بأفضل طريقة ممكنة، ويعتقد أنه بالإمكان التوصل إلى اتفاقات من خلال المفاوضات، حيث أشار إلى أن المحادثات التي أجراها مع نتنياهو هذا الأسبوع كانت "جيدة وودية وبناءة".

مقاطعة خطاب هرتسوغ

إلى ذلك، أعلن عدد من النواب عن الحزب الديمقراطي في الكونغرس، مقاطعة الجلسة التي يلقي فيها الرئيس الإسرائيلي كلمته، لعدة أسباب من بينها سجل حقوق الإنسان لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وكتبت النائبة إلهان عمر، في حسابها على تويتر: "يجب ألا ندعو رئيس إسرائيل - الحكومة التي كانت في عهد رئيسها الحالي قد منعت أول امرأتين مسلمتين تم انتخابهما من زيارة البلد - لتقديم خطاب مشترك في الكونغرس"، وأكدت عمر أن مسألة حضور جلسة الخطاب بالنسبة لها "أمر في حكم المستحيل".

وفي تغريدة سابقة، قالت عمر: "يأتي خطاب الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ نيابة عن الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، في وقت تتعهد فيه الحكومة علانية بـ "تحطيم" آمال الفلسطينيين في إقامة دولة، ووضع مسمارًا في نعش السلام وحل الدولتين".

دعا عدد من النواب الأمريكيين إلى مقاطعة خطاب هرتسوغ أمام الكونغرس

من جهتها، أكدت النائبة من أصل فلسطيني في مجلس النواب الأمريكي، رشيدة طليب أنها ستقاطع كلمة هرتسوغ، وحثت جميع أعضاء الكونغرس الذين يدافعون عن حقوق الإنسان إلى الانضمام إليها ومقاطعة كلمة الرئيس الإسرائيلي.

ونشرت طليب صورتها أما مبنى الكونغرس وهي تحمل لافتة كتب عليها "قاطعوا الفصل العنصري".

بدوره، قال النائب جمال بومان، إنه لن يحضر جلسة خطاب الرئيس الإسرائيلي، وهو نفس موقف النائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، التي أعلنت أيضًا أنها لا تعتزم حضور الخطاب.

نفي التعهد بوقف الاستيطان

في سياق متصل، نفى رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو أن يكون قد تعهد للرئيس الأمريكي جو بايدن بتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى نهاية العام الجاري.

وفي وقتٍ سابق من مساء أمس الثلاثاء، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن نتنياهو تعهد لبايدن خلال مكالمة هاتفية بتجميد البناء في المستوطنات حتى نهاية 2023، لكن مكتب نتنياهو نفى ذلك في بيان مقتضب جاء فيه: "خلافًا للتقارير، لم ولن يكون هناك تجميد للبناء في المستوطنات".

وأفاد ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان، بأن "نتنياهو أجرى محادثة طويلة مع رئيس الولايات المتحدة جو بايدن هذا المساء، وتمحور الحديث حول تعزيز التحالف وكبح تهديدات إيران وأذرعها، ومتابعة جهود التهدئة والاستقرار في الضفة".

تأتي المكالمة بعد فترة من القطيعة بين الرجلين

ورد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي رافضًا هذا الحديث، مؤكدا أن نتنياهو "لم يلتزم بتجميد البناء [الاستيطاني] في الضفة الغربية بأي شكل من الأشكال".

وأوضح أنه "منذ بداية العام، تم تقديم 14500 وحدة استيطانية" من قبل المجلس الأعلى للتخطيط في الإدارة المدنية "في اجتماعين كان آخرهما قبل أسابيع قليلة فقط".

وأوضح هنغبي بالقول: "كجزء من الشفافية التي تمارس بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية بشأن موضوع المستوطنات - أوضح رئيس الوزراء للرئيس بايدن أنه في الأشهر المقبلة، لا يوجد اجتماع متوقع للمجلس الأعلى للتخطيط أو قرار بشأن تنظيم البؤر الاستيطانية".

يشار إلى أن نتنياهو، كان قد أنشأ نظامًا يجتمع من خلاله المجلس الأعلى للتخطيط (المجلس المسؤول عن البناء الاستيطاني) أربع مرات في السنة، وهي ممارسة تخلى عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت. 

توقع السياسيون اليمينيون وقادة المستوطنين استئناف هذه الممارسة، لكن مصدرًا أوضح أن التركيز يجب أن يكون على عدد المنازل التي تم تطويرها وليس عدد المرات التي اجتمع فيها المجلس الأعلى للتخطيط، وفق صحيفة "جيروزاليم بوست".

يأتي لقاء الرئيس الأمريكي ونظيره الإسرائيلي في خضم تصاعد الاحتجاجات ضد خطة التعديلات القضائية (GETTY)

قرار رمزي

ووافق مجلس النواب الأمريكي، يوم الثلاثاء، وقبيل كلمة الرئيس الإسرائيلي على قرار يعرب عن دعمه لإسرائيل ويندد بـ"معاداة السامية". وجاء القرار نتيجة التصريحات الأخيرة للنائبة براميلا جايابال، التي انتقدت إسرائيل ووصفتها بدولة الفصل العنصري، قبل أن تعتذر عن تصريحها.

وينصف الإجراء، من ضمن القرارات الرمزية، حيث أيد بأغلبية 412 صوتًا مقابل 9 أصوات، مع انضمام 195 ديموقراطيًا إلى الجمهوريين في التصويت بنعم. 

ويسعى القرار للتأكيد على الالتزام الأمريكي في إسرائيل، حيث يشير إلى أن "إسرائيل ليست دولة عنصرية أو فصل عنصري"، كما يعلن عن دعم وشراكة لا تتزعزع بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وفق لغة البيان.

وقالت إلهان عمر في شرح رفضها للتصويت على القرار إنه "صمم من قبل الحزب الجمهوري لاستهداف الزميلة براميلا جايابال وفضحها بسبب تعليقاتها التي اعتذرت عنها وأوضحتها"، مضيفةً أن "الخلط بين معاداة السامية وانتقاد الحكومة الإسرائيلية أمر خاطئ". فيما كانت جايابال من بين الديمقراطيين الذين صوتوا لصالح القرار.

وخلال التصويت على القرار، شجبت طليب، إسرائيل كدولة فصل عنصري، ودافعت عن مقاطعتها لخطاب هرتسوغ بسبب تصريحات المشرعين الإسرائيليين الحاليين والسابقين، وكذلك هرتسوغ نفسه.

وقالت صحيفة هآرتس، إن القرار "هو أحدث مثال على كيف أصبحت إسرائيل قضية إسفين حزبية بشكل متزايد، بين الديمقراطيين والجمهوريين وداخل الحزب الديمقراطي".

ضرورة التوصل إلى تفاهمات بشأن خطة الإصلاح القضائي

هذا، ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، تفاصيل المكالمة التي جرت بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مساء الاثنين.

ونقل موقع "والا" العبري، عن اثنين من كبار المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين المطلعين على تفاصيل المكالمة، فإن بايدن حث نتنياهو على محاولة التوصل إلى إجماع واسع بشأن خطو التعديلات القضائية، لكن نتنياهو أكد لبايدن أن "قادة المعارضة ليسوا مستعدين لإجراء مفاوضات جادة لأنهم يخشون ردة فعل المنظمات الاحتجاجية".

وبحسب الموقع العبري فإن بايدن قال في رسالة إلى نتنياهو: "أوقفوا التشريعات القضائية فورًا، ولا تمضوا قدمًا دون اتفاق واسع".

بايدن يطلب الإجماع 

بعد أيام من تسبب كاتب الرأي الأمريكي توماس فريدمان، في جدل واسع داخل إسرائيل، بعد حديثه عن إمكانية قيام الإدارة الأمريكية بإعادة "تقييم العلاقات" مع تل أبيب، عاد وكشف عن فحوى اجتماعه مع الرئيس الأمريكي بايدن، بعد حديث الأخير مع بايدن.

وقال فريدمان في مقالته: "يشعر بايدن الآن بقلق عميق على استقرار ومستقبل إسرائيل، أهم حليف لأمريكا في الشرق الأوسط".

وأضاف فريدمان: "رسالة بايدن للرئيس الإسرائيلي ونتنياهو لا يمكن أن تكون أكثر وضوحًا: أرجوك توقف الآن. لا تمرر أي شيء بهذه الأهمية دون إجماع واسع، وإلا فإنك ستكسر شيئًا ما مع ديمقراطية إسرائيل ومع علاقتك بالديمقراطية الأمريكية، وقد لا تتمكن أبدًا من استعادتها".

ونقل المقال عن بايدن مدحه للمظاهرات في إسرائيل، بالقول: "حركة الاحتجاج تظهر حيوية ديمقراطية إسرائيل، والتي يجب أن تظل جوهر علاقتنا الثنائية".

فريدمان الذي يشير إلى أن بايدن، قد يكون آخر رئيس ديمقراطي مؤيد لإسرائيل، أضاف: "أن نتنياهو إذا لم يفهم أهمية المشاركة في القيمة الديمقراطية، فسيكون من الصعب الحفاظ على العلاقة الخاصة التي استمتعت بها إسرائيل وأمريكا على مدار 75 عامًا خلال 75 عامًا أخرى"، وفق قوله.

يأتي اللقاء في وقت تتصاعد الاحتجاجات ضد خطة الاصلاح القضائي

الوسيط لكسر القطيعة بين بايدن ونتنياهو

من جهة أخرى، كشفت مصادر إعلامية إسرائيلية، اليوم الثلاثاء، عن الوسيط الذي تدخل لإجراء مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكسر القطيعة.

وأفاد موقع صحيفة يديعوت أحرونوت، مساء الثلاثاء، بأن توم نيدس، السفير الأمريكي المنتهية ولايته لدى إسرائيل، هو الذي يقف وراء المكالمة التي أجراها بايدن مع نتنياهو، الإثنين، أو هو الذي بادر إليها.

وأوضح الموقع العبري، أن نيدس التقى نتنياهو في الرابع من الشهر الجاري، وحاول معه تنسيق إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي رحب على الفور، وأنه كان من المفترض إجراء تلك المكالمة، الأحد، لكن دخول نتنياهو المستشفى حال دون إجراء تلك المكالمة في وقتها.

زكي وزكية الصناعي

وكان ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية قد أعلن، الاثنين، أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تلقى دعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن، لزيارة واشنطن قريبًا، وأنه سيجري التخطيط لها بين الجانبين".

من جهة أخرى، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي في إحاطة صحفية، إن "بايدن ونتنياهو بحثا التنسيق لمواجهة إيران بما في ذلك عبر التدريبات العسكرية المشتركة"، مشيرًا إلى أن "بايدن أعرب لنتنياهو عن قلقه من استمرار التوسع الاستيطاني، وطالبه بتجنب الخطوات الأحادية الجانب"، وأضاف كيبربي أن "بايدن أكد في حديثه مع نتنياهو على ضرورة وجود إجماع وطني في إسرائيل في إطار التعديلات القضائية، واتفقا على لقاء يجمعهما ربما قبل نهاية العام".

نفى رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو أن يكون قد تعهد للرئيس الأمريكي جو بايدن بتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى نهاية العام الجاري

يذكر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، وجه انتقادات لأعضاء الائتلاف الحكومي في إسرائيل، لتسببهم في تفاقم التوترات في الأراضي الفلسطينية، قائلًا: إن الحكومة الإسرائيلية "واحدة من أكثر الحكومات تطرفًا" التي شهدها خلال العقود التي قضاها في السياسة، مدافعًا عن موقفه بعدم دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية لزيارة البيت الأبيض، قائلا: "نتنياهو يحاول حل مشاكله الحالية"، وهو ما دفع بعدد من النواب والوزراء الإسرائيليين لمهاجمة الرئيس الأمريكي بشكل عنيف.