18-يوليو-2023
gettyimages

التقديرات الإسرائيلية تنظر إلى تمرد سلاح الطيران باعتباره الأخطر على الجيش (Getty)

تحولت قضية الخدمة في جيش الاحتلال، إلى أحد أبرز مشاغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فمع التقدم في خطة التعديلات القضائية، ارتفعت وتيرة الإعلان عن رفض الخدمة الاحتياطية في الجيش الإسرائيلي.

قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، اليوم الثلاثاء 18 تموز/ يوليو 2023، إن رفض الحضور للخدمة الاحتياطية بسبب التعديلات القضائية لحكومة "يضر بالجيش وأمن الدولة"

وأصبحت هذه القضية، موضع النقاش الأبرز في دولة الاحتلال، وتصدرت خطاب نتنياهو الحكومي، يوم الإثنين، حيث قال: "لا يمكن أن تكون هناك مجموعة داخل الجيش تهدد الحكومة المنتخبة. لا يمكن لأي بلد ديمقراطي أن يقبل مثل هذا الإملاء، مثل هذا الإملاء هو تدمير الديمقراطية".

وأضاف نتنياهو: "الرفض يهدد أمن جميع المواطنين الإسرائيليين. لن تقبل الحكومة الرفض، وستعمل الحكومة ضده وستتخذ جميع الخطوات اللازمة لضمان أمننا ومستقبلنا"، وفق تعبيره.

تنا

تأتي تصريحات نتنياهو الحالية، في تخفيف لحدة تصريحاته السابقة، التي قال فيها إن يمكن لإسرائيل تتدبر نفسها بدون عدة أسراب، لكن لا يمكنها تدبر نفسها بدون حكومة، وذلك خلال جلسة حكومية كشفها صحفي في "يديعوت أحرونوت".

ورغم حركة الاحتجاج الكبيرة داخل دولة الاحتلال، إلّا أن نتنياهو والائتلاف اليميني، يستمران في اتجاه تشريع معيار عدم المعقولية، بل اتجه الكنيست إلى عقد جلسة استثنائية من أجل دعم التشريع، والذي يُعد أحد البنود الأساسية في خطة التعديلات القضائية، التي يصفها الائتلاف الحكومي بـ"الإصلاح" والمعارضة بـ"الانقلاب".

وفي سياق متصل، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم العلاقة مع إسرائيل، وطالب رؤساء الدول بعدم اللقاء مع نتنياهو.

getty

وموجة رفض الخدمة في جيش الاحتلال تتسع، حيث قرر النائب السابق لقائدة وحدة الاستخبارات 8200، التوقف عن الخدمة الاحتياطية، قائلًا: "إلغاء معيار المعقولية، الخطوة الأولى على طريق الديكتاتورية".

كما تم الكشف عن أن 180 طيارًا احتياطيًا قد أبلغوا بالفعل عن نيتهم تعليق الخدمة الاحتياطية في حال تم إقرار معيار عدم المقعولية.

وقبل أيام، أرسل خطاب إلى قائد دورية لهيئة الأركان العامة، هدد فيه جنود الاحتياط بوقف الخدمة التطوعية إذا استمر التشريع الخاص بإلغاء معيار المعقولية، والرسالة موقعة من قبل أكثر من 400 جندي احتياطي نشط بالإضافة إلى المتقاعدين (220 منهم نشط، وتوصف دورية هيئة الأركان بنخبة النخبة).

وحذر 800 من قدامى جهاز الأمن العام (الشاباك) في رسالة إلى نتنياهو وغالانت من أنه إذا استمرت العملية التشريعية المتعلقة بالتعديلات القضائية، فسيكون هناك خطر حقيقي وواضح وفوري على "أمن الدولة".

كما أبلغ القائد السابق لوحدة شيطت 13 (الوحدة البحرية الخاصة) نبو إيريز، والذي يشغل حاليًا رئاسة التحقيق في العدوان على غزة في أيار/ مايو 2023، بوقف خدمته الاحتياطية حتى إيقاف عملية التعديلات القضائية.

getty

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، اليوم الثلاثاء 18 تموز/ يوليو 2023، إن رفض الحضور للخدمة الاحتياطية بسبب التعديلات القضائية لحكومة "يضر بالجيش وأمن الدولة"، وجاءت تعليقات هاليفي في لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست.

وبينما ينطلق يوم جديد من الاحتجاجات في دولة الاحتلال، بعد تقدم خطة معيار عدم المعقولية، لا يظهر أن الائتلاف ينوي التراجع عن خططه، حيث قال الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش إن الائتلاف يخطط إلى الدفع بتعديل شكل لجنة اختيار القضاة في الخطوة القادمة، وهي من البنود الحاسمة في خطة التعديلات القضائية.

تمرد في الجيش

وكشف موقع "والا" العبري، عن أن جيش الاحتلال، يستعد لسيناريو يشارك فيه عدد كبير من كبار ضباط الاحتياط في الاحتجاجات على خطة التعديلات القضائية.

وفي هذا السياق، عقد يوم الأحد، اجتماع في مقر وزارة الأمن الإسرائيلي، جمع رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية هرتسي هاليفي، ووزير الأمن يوآف غالانت، وقادة المؤسسة الأمنية، وخلال الاجتماع طالب هاليفي بسلسلة من الإجراءات للتعامل مع دعوات رفض الخدمة في الجيش.

getty

وبحسب المعلومات التي حصل عليها موقع "والا"، أمر هاليفي بزيادة المراقبة والمتابعة المستمرة في مختلف الوحدات التي تنشط في الاحتجاج، وكذلك إجراء محادثات شخصية مع أفراد الاحتياط عند الضرورة، وإجراء تحقيق معمق حال تطلب الأمر، من أجل اتخاذ إجراءات تأديبية في الوحدة. 

كما تقرر عدم مشاركة المستوى السياسي في النقاشات حول الجيش، إلّا في حال إعلان عدد كبير من جنود الاحتياط، من الوحدات الحساسة تمردهم عن الخدمة.

ويحاول جيش الاحتلال، الاستعداد لمشاركة كبار الضباط من الوحدات الحساسة في الاحتياط، خلال احتجاجات نهاية الأسبوع المقبل، مع تقدم تشريع معيار عدم المعقولية في الكنيست.

وبحسب مسؤول أمني تحدث لـ"والا" ووصف هذه الأيام بأنها "متوترة للغاية" في جيش الاحتلال، مشيرًا إلى أن الرسائل المرتبطة في خطة التعديلات القضائية تزعج قادة الجيش.

getty

ووفق المسؤول الأمني: "وافق رئيس الأركان على زيادة المراقبة في الوحدات، وكذلك في قوات الاحتياط ومجموعات الواتس آب، وإبلاغ القيادة العليا عن الحالات والاتجاهات غير العادية - حتى لا تكون هناك مفاجآت".

الأنظار على الطائرات 

وبحسب مصدر مطلع على تفاصيل احتجاج الطيارين في جيش الاحتلال على التعديلات القانونية، وتحدث لـ "والا"، فإنه لم يتم اتخاذ أي قرار داخل هذه الوحدات، التي تُعد الأبرز والأهم في خريطة الاحتجاجات والأكثر تمردًا في جيش الاحتلال على التعديلات القضائية.

وكان سلاح الطيران، الأبرز في تصعيد الاحتجاجات في فترة شهر آذار/ مارس، قبل أن تقلل من حدة الاعتراضات، فيما قرر قادة الاحتجاج في سلاح الطيران الانتظار حتى الأيام المقبلة قبل اتخاذ القرار.

انعكاسات على الجيش

بحسب تقرير لـ"نيويورك تايمز" فإن المؤسسة الأمنية تخشى "أن يؤثر رفض الخدمة على قدرة الجيش الإسرائيلي، وبالأخص سلاح الجو".

getty

ويعود ذلك، لأن سلاح الجو الإسرائيلي يعتمد بشكلٍ كبير على جنود الاحتياط، الذين يمتلكون وظائف عادية، ولكن يتطوعوة لعدة كل شهر للتدريب أو المشاركة في هجمات جوية واستطلاع.

ووفق تقرير الصحيفة الأمريكية، فإن جنود الاحتياط هو من ينفذون الغارات الجوية على قطاع غزة وسوريا، بالإضافة إلى عمليات المراقبة في لبنان والضفة الغربية.

ووفق التقرير، فإن جنود الاحتياط ينشطون في تشغيل الطائرات المُسيّرة، ويمتلكون خبرة أكبر من القوات المتفرغة.

وتقول "نيويورك تايمز": "أي ضربات إسرائيلية مستقبلية على المنشآت النووية في إيران ستعتمد بشكل كبير على جنود الاحتياط".

ويعرض المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، جوانب أخرى لانعكاسات خطة التعديلات القضائية على الجيش، مشيرًا إلى أن الخلافات السياسية تتسرب بالفعل إلى وحدات الاحتياط في جيش الاحتلال وتضر بالعلاقات بين الجنود والقادة، مضيفًا أن هيئة الأركان العامة تشعر بالانزعاج من الضرر الذي تسببه الأزمة المحيطة بالإصلاح القضائي للحكومة في تماسك الوحدات في الجيش.

زكي وزكية الصناعي

والقلق الأكبر، وفق هارئيل، يدور حول سلاح الطيران، حيث ناقش اجتماع هيئة الأركان الأخيرة "تأثير الاحتجاجات على استعداد الجيش الإسرائيلي للحرب وتأثيره على تماسك الوحدة". وقدم هاليفي مؤخرًا ما أسماه بالخط الأحمر، وهو عدد الطيارين الاحتياطيين والملاحين الذين ستؤدي إيقاف خدمتهم إلى إلحاق أضرار جسيمة بالاستعداد القتالي للقوات الجوية الإسرائيلية"، ويوضح هارئيل أن الرقم الدقيق يخضع لمنع نشر، فيما تؤكد مصادر أمنية، أن الرقم لم يتحقق حتى الآن "لكن الجيش يدرك أن الواقع يمكن أن يتغير بسرعة، في ضوء التصعيد الوشيك للأزمة السياسية والدستورية".

ووفق مصادر هارئيل: "يقدر الجيش الإسرائيلي أنه حتى لو انتهت خطة التعديلات القضائية الآن، فسوف يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لإصلاح الأضرار التي حدثت بالفعل. ومع ذلك، على عكس الجاهزية العملياتية، التي تُقاس بمعايير محددة بوضوح، فإن التماسك هو مسألة أكثر ليونة، ويستند تقييمها في الغالب إلى حكم القادة".

كشف موقع "والا" العبري، عن أن جيش الاحتلال، يستعد لسيناريو يشارك فيه عدد كبير من كبار ضباط الاحتياط في الاحتجاجات على خطة التعديلات القضائية

من جانبه، يقول الصحفي في "هآرتس" أنشل بفيفر: "بغض النظر عن مستقبل ديمقراطية إسرائيل المحدودة والهشة، فمن الواضح الآن أن قيم الجيش الإسرائيلي ومفاهيم الخدمة في إسرائيل لن تكون هي نفسها مرة أخرى".