28-ديسمبر-2016

لطيفة التونسية

ليس غريبًا إعلان الفنانة التونسية لطيفة أنها ستمنح إيرادات ألبومها الغنائي الذي أصدرته في شهر تشرين الأول/أكتوبر المنقضي لفائدة "صندوق تحيا مصر"، فهي دائمًا ما اعتادت أن تكون قريبة من الأنظمة العربية الاستبدادية وحكامها، كما لم تتردّد طيلة السنوات الأخيرة في الهجوم على الثورة العربية وتوصيفها بأنها "مؤامرة" و"نكسة".

تمثل لطيفة التونسية نموذجًا للفنانين العرب الذين كانت لهم علاقات مع رجال السلطة في الأنظمة العربية

تمثل لطيفة نموذجًا للفنانين العرب الذين كانت لهم علاقات مع رجال السلطة في الأنظمة العربية، ولذلك لا تفوّت فرصة للدفاع عن هذه الأنظمة بشكل حماسي خاصة في مدة الأخيرة، على غرار إلهام شاهين ورغدة.

اقرأ/ي أيضًا: جدران حلب.. حكاية البريد والساعي

فقد ورد اسم لطيفة في "الكتاب الأسود" الذي كتبته مصالح رئاسة الجمهورية التونسية سنة 2013 والذي تضمّن جردًا لأسماء شخصيات سياسية ومالية وإعلامية وثقافية تعاملت مع رئاسة الجمهورية ضمن منظومة دعايتها إبان عهد المخلوع بن علي. وهو ما جعلها تعتبر لاحقًا بأن رئيس الجمهورية التونسية السابق المنصف المرزوقي هو "رجل يفتقد للوطنية". كما ورد اسم لطيفة قبل الثورة كذلك في قوائم المناشدين لترشيح بن علي لانتخابات 2014.

وإن كان عادة ما يتزلّف الفنان لسلطة بلاده، فإن تزلّف لطيفة عابر للبلدان، حيث انطلق من تونس وتواصل مع الأنظمة في ليبيا ومصر وسوريا، ولذلك كان موقفها سلبيًا وحادًا من الثورة العربية التي مرّت رياحها على جميع هذه البلدان. فقد اعتبرتها مؤامرة لتقسيم الأمة العربية والسيطرة على "مواردها وحديدها وشمسها وتهجير الشباب العربي باتجاه القارة العجوز أوروبا". ولذلك لم تتردّد مثلًا في الإشادة قبل سنة بما أسمته "الصمود التاريخي للجيش السوري".

كما مدحت لطيفة الرئيس الليبي السابق معمّر القذافي معتبرة أن خطاباته "كانت صح". وسبق أن تناقلت وسائل إعلامية منذ ما قبل الثورة معلومات عن علاقات وطيدة تجمعها بالنظام الليبي وقياداته. ويؤكد، في هذا الجانب، الحقوقي والإعلامي المصري خالد الكيلاني بأن لطيفة قد غنّت بداية التسعينيات أغنيتين عاطفتين من تأليف معمر القذافي، وهو ما يؤشر لعلاقاتها الوطيدة مع النظام الليبي السابق الذي تدافع عنه بحماسة اليوم.

وصفت لطيفة التونسية الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بأنه "قائد عظيم"

وفي مصر، وصفت لطيفة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بأنه "قائد عظيم"، وهي التي شاركت قبل سنوات في غناء أوبريت "اخترناه اخترناه" في إشارة إليه. ويبدو أن علاقات لطيفة مع نظام مبارك ونفوذها في عهده لا يختلف كثيرًا عن نظام القذافي. وفي هذا الجانب، اتهمتها صراحة الفنانة الجزائرية فلّة بأنها تقف وراء تلفيق قضية دعارة لها في مصر بفضل علاقاتها مع أحمد قذاف الدم، رجل القذافي في مصر، إضافة لنفوذها بفضل علاقاتها مع رجال نظام مبارك. وكانت قد مُنعت لطيفة في أواخر الثمانينيات من دخول مصر، قبل التراجع عن القرار لاحقًا بتدخل قيادات من النظام المصري. وترجع لطيفة قرار منعها حينها لوجود شائعة حول علاقة عاطفية تجمعها بعلاء مبارك.

اقرأ/ي أيضًا: قناديل ملك الجليل.. أصل الفلسطيني حصان

ولا تتردّد لطيفة حاليًا في إعلان تأييدها للسلطة الحالية بعد الانقلاب العسكري، وهي التي اعتبرت أن "ثورة 30 يونيو حافظت على مصر والأمة العربية". حيث شاركت في حفل مهرجان مشروع قناة السويس الجديدة قبل أشهر، وحرصت حينها على إظهار دعمها للجيش حينما ارتدت بدلة عسكرية خلال العرض الفنّي.

والطريف بخصوص الموقف الحالي للطيفة من الثورة العربية أنه كان على خلاف ذلك بصفة جذرية قبل خمس سنوات، حيث مدحت سنة 2011 الشعب المصري وثورته. وردًّا حينها على الانتقادات بخصوص عدم دعمها للثورة التونسية، سارعت للتدارك بإعلان تأييدها لها وقد أشادت بها لدرجة أنها أسمت ابن شقيقها "محمد البوعزيزي"، وهو اسم الشاب الذي أحرق نفسه وفجّر الثورة من سيدي بوزيد، وذلك وفق ما كشفته لطيفة بنفسها لوسائل إعلام تونسية.

في الأثناء، من المنتظر أن تظهر لطيفة قريبًا كمقدّمة لبرنامج ثقافي نصف شهري في القناة التونسية الرسمية في البرمجة الشتوية الجديدة، وهي عودة أثارت حفيظة عديد التونسيين الذين لا ينظرون إليها إلا كوجه فني يدافع بشراسة عن النظام السابق.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بوتشيش بوحجر.. ماريشال المسرح الجزائري

صناعة "الدراما" في سوريا لصمود النظام