23-مايو-2018

كمال يوسف/ مصر

وأنت تكتب قصيدتك

افركها بقاع كفك جيدًا الْمِسْهَا بلعاب القلب

امسحها كي تلمع

لا تضع الحروف متسلسلة كما لو أنه عزاء الشعر

ولا تكذب كثيرًا

فالقليل منه يفي بالغرض

زيّن أعمدة شارعك بها

إنه العيد يا صديقي

إنه عيد

يجيء إن أنجبتَ قصيدة

ومعجزة ما

ومن يدري أيُّ عيدٍ هذا 

عيد الفطر أو الأضحى

عيد رأس السنة

عيد الصيف

وربما عيدٌ وطني فجّر أحدهم قنبلة فيه

فتفتفتت كل القلوب.

 

لا تحاول جرَّ القصيدة من ياقتها

كشابة تقابل خاطبًا غير حبيبها

ولا تمسك يدها بقوة

وكأنك تصطحب طفلًا لمعايدة أقربائه عنوة

ولا تضربها بعصا غليظة

فتتورم حروفها دون جدوى

فقط

أسدل لها ستارة حرّة

لترقص بنسيم عابر

حرةً كقروية متمردة

ينعش قلبها زيزفون بريّ

وسقف واطئ لغيومٍ زرقاء

 تنجب مطرًا أخضرَ

ونرجسًا من أصابعها

لا تجرّها

نعم لا تجرّها من شعرها وكأنك زوجة أب

تتلف عنفوان شبابها

هيجان صلبها

لا تلقنها واجبها إن تاهت

وصادقت حماقاتها

فقط

كن أبًا هادئ البال

حكيمًا لا يعاقب طيشها

فنصيحة واحدة تكفي

لتدلها درب الحب

تقيها أشواك حقول الذرة

نصيحة واحدة تكفي

تحذرها لصوص ترف المعنى

لتعانق الليل وتركل الأحلام بعيدًا

فتعيش أنت وتزهر أكثر القصيدة.

 

فالقصائد يا صديقي

أشجار مثمرة

نعلّق فاكهة الحياة عليها

الغصن الأيمن صورة لشاب عاشق بيده وردة

الأغصان الصغيرة عصافيرٌ تنقر عيون السمراوات في الجبل

على الغصن الأيسر حرباء بلون الشمس

أما أمهم الساق  

فتحتضن تعبهم

كما لو أنهم وصلوا الآن من المدرسة

الجذور منهكة كأبٍ مسلوب الصوت

يخرج صباحًا

يؤجر شمسه للمارة

يوزّع أصابع الحلوى على الثكالى

الشجرة هناك مثمرة

ولكن القصيدة الوحيدة المدونة في زمننا

صادفتها جرداء معلقة بين السماء والأرض

فبعد استشهاد العاشق

وكسر خواطر اللبوات السمراوات

سقطت الساق المتكئة

يبست الجذور

فالحروب

لا تحفظ ماء وجه القصيدة

ولا تبقي الأمهات واقفات

وحده الأب سالك دربه في التراب

يطمر أغصانه فيها واحدًا تلو الآخر

 

اقرأ/ي أيضًا:

وانكسرت أربع جِرار

أعصاب تُطفأ في منفضة