15-أكتوبر-2019

صورة لـ محمود الورداني/ مصر

الحي الذي أعيش فيه

هو الحي الذي لا تمرين منه مطلقًا

وهذا تعريف آخر لوحدتي

الصغار هنا عقدوا هدنة قصيرة مع الوقت

وراحوا يدفنون أيديهم داخل أكوام الرمل

هم هكذا

يمارسون مراسم الموت منذ نعومة أضلاعهم

كما جربنا من قبلهم الخوض في مستنقع الأمنيات

وقمنا

وسقطنا

حتى أدمنت أرجلنا أبجدية الهذيان.

*

 

الحي الذي أعيش به

يمتد من أول الجرح حتى آخر قطرة في الفرات

هنا

ثلاث نساء فقط مزقن ميثاق القبيلة

وخرجن عن تعاليم الندم

وطفلتان تدغدغان سرة الليل

بأناشيد بعيدة عن أغاني الفصول

وعجوز سوري يتكئ الشتاء على صدره

فيسعل

ويسعل

حتى يبصق الشوك والمطر معًا.

*

 

الحي الذي تعيشين به

يطلّ على كل حروف النداء

وهذه خيانة واضحة للغة

الصغار هناك لا يعدون النجوم

بل يسقطونها على حواف النوافذ

كل نجمة عصفور

كل عصفور حجر

كل حجر كومة تراب

كل كومة تراب سنبلة

وكل سنبلة سبعة عشاق في قعر القصيدة.

*

 

في الحي الذي تعيشين به

الموت تفصيل صغير يمر برشفة قهوة مرة

والحياة تجلس عندكم على كل المقاعد

كطفل يلهو بأغصان الدهشة

النساء هناك فرغن ألوان السماء بضحكة

والرجل الوحيد كسر أرجل العزلة وسلم نفسه للهواء.

*

 

في الحي الذي تعيشين به

تعيش أغنيتي الوحيدة

الطويلة

وأريد استرجاعها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حفلة إعدام

كامرأة تزيل وعورة تضاريسها