12-أكتوبر-2021

كتاب "من تاريخ الحركة النسوية اليهودية"

ألترا صوت – فريق التحرير

صدر حديثًا عن "دار الوراق" في لندن كتاب "من تاريخ الحركة النسوية اليهودية" للمؤلف والأكاديمي العراقي الراحل جعفر هادي حسن (1940 - 2019).

يرى المؤلف أن ظهور الحركة النسوية اليهودية كان في النصف الثاني من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت أسباب ظهورها تختلف عن الحركات النسوية الأخرى مثل الحركة الأمريكية التي سبقتها زمنًا، فالحركة النسوية الأمريكية ظهرت تطالب بالعدالة للمرأة ومساواتها مع الرجل في الحقوق، كحق التصويت وحق التعليم وحق الملكية إلى غير ذلك، بينما كانت الحركة النسوية اليهودية قد بدأت بمطالبتها الحاخامات بإعطائها دورًا في القضايا الدينية ومشاركتها فيها، مثل دورها في إدارة الكنيس وفي مشاركتها في الصلاة، وحقها في أن تكون حاخامة وتؤم الصلاة، وغيرها من القضايا المتعلقة بالدين. وكذلك طالبت الحاخامات في أن يغيِّروا نظرتهم الدونية نحوها، حيث عوملت لقرون معاملة إنسان من الدرجة الثانية.

كانت الحركة النسوية اليهودية قد بدأت بمطالبتها الحاخامات بإعطائها دورًا في القضايا الدينية ومشاركتها فيها، مثل دورها في إدارة الكنيس وفي مشاركتها في الصلاة

وقد اشتد عود هذه الحركة بمرور الزمن وزاد دورها وتأثيرها وتضاعف عدد عضواتها، وتوسع نشاطها على الرغم من معارضة المؤسسة الدينية اليهودية لها. ومما أعطاها دفعًا قويًا في استمراريتها هو انضمام شخصيات نسائية لها تتسم بالثقل العلمي والاجتماعي والأدبي.

اقرأ/ي أيضًا: كتاب عن العلاقات السرية بين الوكالة اليهودية وقيادات سورية

كما أخذت تنظم نفسها بمنظمات وجمعيات، وتعقد مؤتمرات محلية ودولية تناقش فيها ما حققته وما يجب عليها تحقيقه. وبمرور السنين توسعت مطالب الحركة وكثرت، فهي كانت في البداية قد اقتصرت على ما ذكرناه أعلاه، ولكنها أخذت تطالب بإظهار دور المرأة الذي أُهمل في التاريخ اليهودي، وفي التوراة، حيث رأت الحركة أن التاريخ اليهودي هو تاريخ ذكوري يعطي أهمية للرجال ويشيد بأدوارهم ويبرز أعمالهم، بينما هو يهمل دور المرأة في صناعته. كذلك رأين تميز التوراة بذكوريتها، لأن الرجال هم الذين كتبوها وقاموا على جمعها وتحريرها، ولم يسمع إلا في النادر عن عالمة يهودية أو فقيهة أو مؤرخة مثلًا كان لها دور وشاركت الرجال من خلاله. ولذلك أصبح نقدهن يطال التوراة.

وكان من الأمور التي ألحت عليها الحركة وطالبت بتحقيقها، هو أن يسمح للمرأة اليهودية أن تكون حاخامة تقوم بما يقوم به الحاخام الذكر في الكنيس من قيادة الصلاة والمشاركة في إدارته والإشراف عليه، وكان هذا قد تحقق لها بعد سنين طويلة من مطالبتها. وكانت الفرقة اليهودية الإصلاحية أول من بادر إلى ذلك، فأصبح عدد النساء الحاخامات اليوم في هذه الفرقة يساوي عدد الرجال من الحاخامات. ثم تبعت هذه الفرقة فرقتان أخريان بعد بضع سنين من ذلك الوقت. وامتنع اليهود الأرثوذكس عن تخريج حاخامات إلى ما قبل سنوات قليلة ماضية، ولكن الفترة الأخيرة شهدت تطورًا في هذه الفرقة أخذت تظهر في المؤتمرات وغيرها للحركة النسوية حاخامات أرثوذكسيات، بل وأصبحت هناك كنس خاصة بهن، كما سنرى.

وأخذت النسويات يطالبن بإيجاد احتفالات خاصة بالبنات والنساء وقمن بابتداع عدد لا بأس به من هذه المناسبات الخاصة، وأخذن يكتبن ويؤلفن صلوات وأدعية وأشعار لها. وسنذكر لاحقًا أمثلة لذلك. وتقدمت النسويات خطوة أخرى، في النقاش في موضوع ذات الرب وطبيعته وجنسه وصفاته، حيث يعتقدن أن الرب في الوقت الحالي ومنذ زمن طويل ينظر له على أنه ذكر وكذلك صفاته والضمائر التي تشير إليه، وهن اليوم يرفضن ذلك. ويرى أكثرهن بأن الرب يجب أن يكون متجاوزًا للجنس(الجندر)، ويقلن إذا كان البشر خُلقوا على صورته (كما جاء في التوراة في سفر التكوين) فكيف لا تكون الذكورية هي القاعدة، كما أن الاسم المذكر في رأيهن لا يمثل المرأة التي هي نصف المجتمع، وإن استعمال صيغة مذكرة للرب ينعكس على نظرة المجتمع، حيث تصبح الذكورية هي المسيطرة. وطالبن أن يغير هذا إلى شيء آخر، ومع أنهن قد اتفقن على التغيير لكنهن لم يتفقن على البديل لذلك، وتراوحت آراؤهن بين أن يكون اسمًا محايدًا أو تبادلًا بين صيغة المذكر والمؤنث. ومازالت هذه القضية موضوع نقاش إلى اليوم بين النسويات اليهوديات كما سنفصل الحديث عن ذلك فيما بعد. وقد أثر هذا الموضوع على بعض الفرق اليهودية عدا الأرثوذكسية منها، حيث أخذت هذه الفرق تناقش الموضوع، إذ كان قبلًا من الخطوط الحمر والتابو الذي يحرم الحديث فيه.

ظهرت مجموعات نسائية يهودية أرثوذكسية وغير أرثوذكسية، احتججن على سياسة إسرائيل في الأراضي، وطالبن بدولة مستقلة للفلسطينيين 

وأخذت الحركة النسوية الأرثوذكسية التي أصبح لها اتحاد عالمي تشجع النساء على المشاركة السياسية، بخاصة في إسرائيل، فطلبن من الأحزاب الأرثوذكسية الانضمام إليها، ولكن هذه الأحزاب رفضت أن تنضم المرأة إليها، فما كان من الأرثوذكسيات إلا أن نظمن حزبًا خاصًا بالنساء في إسرائيل وخضن الانتخابات عام 1992 ولكنهن لم يفزن.

اقرأ/ي أيضًا: حوارات توني موريسون.. في حضرة الذاكرة التاريخية للأمريكيين السود

كما ظهرت مجموعات نسائية أرثوذكسية وغير أرثوذكسية، يحتججن على سياسة إسرائيل في الأراضي، بل ويطالبن بدولة مستقلة للفلسطينيين ومنهن مجموعة تسمى نساء موشحات بالسواد، لأنهن يلبسن السواد ونساء الحائط، وغيرهن من مجموعات في إسرائيل.

يذكر أن المؤلف جعفر هادي حسن كاتب وباحث قد ولد في مدينة النجف، وله العديد من المؤلفات، منها: تاريخ اليهود القرائين، اليهود الحسيديم، فرق يهودية معاصرة، قضايا وشخصيات يهودية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كتاب "العرب في استراتيجيات الهيمنة الأمريكية".. سياقات واستراتيجيات

كتاب "المدينة الفلسطينية".. الحياة في خضم التحولات الحضرية