21-فبراير-2024
طفل وساط الركام في قطاع غزة

(Getty) تسعى إسرائيل إلى قطع شرايين الحياة في غزة

نشرت الكاتبة الأمريكية ماري طرفة، أمس الثلاثاء، مقالًا في مجلة "The Nation" الأمريكية تحدثت فيه عن واقع القطاع الصحي في غزة بعد 4 أشهر من الحرب الإسرائيلية التي أخرجت معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة.

وانطلقت الكاتبة في مقالها من القول إن تدمير "إسرائيل" للمنشآت الصحية في غزة نسف قناعتها بأن المؤسسات الطبية "مقدسة عالميًا في زمن الحرب"، لا يتم التسامح مع استهدافها، بل ويتم على الأقل إدانته بشكل لا لبس فيه. 

وقالت إنه بينما قُوبلت الهجمات على المستشفيات في أفغانستان وأوكرانيا بإدانة صريحة، فإن الرد على استهداف "إسرائيل" للمستشفيات في غزة كان أقل حدة على مدار الأشهر الأربعة الماضية.

لقد كانت إسرائيل وقحة في انتهاكها للقانون الدولي وثابتة في التزامها بقطع شرايين الحياة في غزة

واعتبرت أن الهجوم الإسرائيلي على البنية التحتية الطبية في القطاع، هو أحد الأهداف العسكرية القليلة الواضحة من هذه الحرب، مضيفةً أن هذا: "أمر منطقي، لأن التزام الطب بالحياة يهدِّد التنفيذ الفعّال لنية الإبادة الجماعية".

واستعرضت الكاتبة جزءًا من "الأهوال" الطبية والإنسانية في غزة، مثل أعداد المستشفيات المدمرة وتلك العاملة بالحد الأدنى من الإمكانيات، والهجمات الإسرائيلية على المرافق الصحية، والقتلى من العاملين في المجال الصحي، وانتشار المجاعة والأوبئة والأمراض المعدية. 

إضافةً إلى نقص الأدوية في المستشفيات، وندرة مياه الشرب التي قامت "إسرائيل" بقطعها عن غزة مع بداية العدوان، إلى جانب استهدافها لمحطات تحلية المياه في القطاع. 

وواصلت الكاتبة حديثها عن استهداف "إسرائيل" للمستشفيات قائلةً إنها تساءلت بعد قصف المستشفى الأهلي المعمداني، في 17 تشرين الأول/أكتوبر الفائت، عما إذا كانت هذه نقطة تحول نحو النهاية.

ولكن ما حدث هو العكس تمامًا، فعلى الرغم من وضوح مسؤولية "إسرائيل" عن الهجوم، إلا أنه لم تتم مساءلتها، وهو ما لم يحدث أيضًا بشأن المستشفيات الأخرى التي استهدفتها على مدار أكثر من 4 أشهر من الحرب. 

وقالت طرفة: "لقد كانت إسرائيل وقحة في انتهاكها للقانون الدولي وثابتة في التزامها بقطع شرايين الحياة في غزة. وقد فعلت ذلك إلى حد كبير مع الإفلات من العقاب". وترى أن ما سبق قد كرّس سابقة مفادها أنه: عندما تقصف "إسرائيل" المستشفيات، فإن ذلك لا يعتبر جريمة واضحة على الإطلاق. 

واستنكرت تغطية الإعلام الغربي للحرب الإسرائيلية على غزة، واعتبرت أنه يخدم غايات التطهير العرقي أو الإبادة الجماعية، لافتةً هنا إلى العنوان الرئيسي لصحيفة "نيويورك تايمز" في 12 شباط/فبراير: "نفق يقدم أدلة حول كيفية استخدام حماس لمستشفيات غزة". 

وأشارت الكاتبة إلى أنه في الوقت الذي تحول فيه مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة إلى مقبرة جماعية، كان الصحفيون الغربيون يردّدون الدعاية الأمريكية والإسرائيلية التي تقول إن المستشفيات هي"أوكار للإرهابيين".

واعتبرت أن عنوان "نيويورك تايمز" المذكور أعلاه يبرّر، ضمنيًا، الهجمات الإسرائيلية المستمرة على المستشفيات الفلسطينية. وذكرت أنه بعد يوم من ذلك، أعدم الجنود الإسرائيليون رهينة كانوا قد أرسلوه إلى مستشفى ناصر بمدينة خانيونس لإبلاغ المتواجدين فيه بإخلائه.

وأكدت ماري طرفة أن استهداف المستشفيات لم يقتصر على قطاع غزة فقط، بل يشمل كذلك الضفة الغربية التي تتسع فيها الحملة العسكرية ضد البنية التحتية الطبية بحجة "مطاردة الإرهابيين".

وقالت إن:"الهجمات ضد البنية التحتية الطبية الفلسطينية لم تعد "صادمة" بعد الآن، إذا قمنا بقياس الصدمة بما يتناسب مع سخط وسائل الإعلام الرئيسية"، لافتةً إلى أن الأخيرة تمتنع عن وصف استهداف البنية التحتية الطبية والعاملين الطبيين في غزة، بأنها هجمات فعلية ضد المستشفيات وسيارات الإسعاف والأطباء كما هو الحال عندما يتعلق يتعلق بالغارات الجوية الروسية في أوكرانيا.

وأكدت أن الهجمات الإسرائيلية ضد البنية التحتية الصحية في غزة: "منهجية بما يكفي لتظهر بشكل بارز كدليل على الإبادة الجماعية المعقولة في قضية جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية".

وأضافت في نهاية مقالها أننا: "نجد أنفسنا في عالم جديد، عالم أكثر قسوة بلا حدود". وتساءلت: "ما هي الخطوط الحمراء؟ متى نقول "كفى"؟ أو بالأحرى، ما الذي يمكننا أن نفعله بشكل مختلف حتى يصبح تعريف "لن يحدث مرة أخرى أبدًا" بعيدًا عن أيدي الأشخاص الذين يصرون على تكرار ذلك مرة أخرى، بل ما هو أسوأ؟". 

وختمت ماري طرفة مقالها بالقول: "آمل ألا تعتاد على ذلك أبدًا".