06-أبريل-2018

قررت النيابة حبس عادل صبري، رئيس تحرير "مصر العربية" 15 يومًا على ذمة التحقيقات (مصر العربية)

هلّت أولى "بشارات" الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي، باقتحام السلطات الأمنية المصرية مقر موقع مصر العربية الصحفي، في منطقة الدقي بالجيزة، واعتقال رئيس تحريره عادل صبري، الذي صدر بحقه قرار بالحبس 15 يومًا على ذمة التحقيقات في الاتهامات الموجهة إليه وهي كالعادة "الانضمام لجماعة إرهابية" و"إذاعة ونشر أخبار كاذبة". 

هلت أولى "بشائر" قمع  الولاية الثانية للسيسي، باقتحام الأمن مقر موقع مصر العربية، واعتقال رئيس التحرير عادل صبري

لكن الجديد نسبيًا هي تهمة "الترويج باستخدام الكتابة والرسوم والصور الشمسية والرموز، إلى المذاهب التي ترسي إلى تغيير مبادئ الدستور والنظم الأساسية"!

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة في مصر.. تهمة كافية!

جرى ذلك وسط مشاعر متناقضة بين الدهشة والغضب والغليان من جانب الصحفيين المصريين "بخلاف الموالين للنظام بالطبع"، وتوقع ما كان سيحدث، أو على حد تعبير أحد الصحفيين العاملين بمصر العربية: "ما حدث هو أسوأ السيناريوهات المتوقعة".

اقتحامات متتالية ومحاولة خلق مخالفة

منذ الثالث من تموز/يوليو 2013، يتعرض موقع مصر العربية لضغوط أمنية وإعلامية، ففضلًا عن أنه من أوائل المواقع الصحفية التي تعرضت للحجب في مصر، اعتاد توجيه الاتهامات إليه بالميل لجماعة الإخوان المسلمين، رغم أنه كان منتقدًا لفترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي.

وتعرض الموقع للاقتحام الأمني قبل ذلك، في محاولة من السلطات لإيجاد مخالفةٍ ما، ففي كانون الثاني/يناير 2016، اقتحمت قوات الأمن مقر الموقع واعتقلت أحمد عبد الجواد نائب رئيس التحرير، قبل أن تطلق سراحه لاحقًا، وصادرت حواسيب من المقر.

وأخيرًا حُجب الموقع العام الماضي، من بين عدد كبير من المواقع التي حجبتها السلطات المصرية، بينها موقع "ألترا صوت". واستمر مصر العربية في العمل في ظروف صعبة، خاصة بعد أن قامت لجنة إدارة أموال الإخوان التابعة للدولة، بالتحفظ على مقر الموقع العام الماضي. حينها أجرى "ألترا صوت" مقابلة مع عادل صبري، الذي وصف قرار التحفظ بأنه "فاشي من لجنة مشكوك في شرعيتها".

هذه المرة قامت مجموعة من الرجال ترتدي زيًا مدنيًا باقتحام الموقع، بدعوى أنهم من "مباحث المصنفات الفنية" على حد قول أحد صحفييها الذي فضل عدم ذكر اسمه.

وقال الصحفي إن المُقتحمين وجهوا أوامر مباشرة للصحفيين بترك أجهزتهم مفتوحة، وأمروهم بالتوجه إلى المطبخ والبقاء هناك لحين الانتهاء من تفتيش الأجهزة. "ظللنا ساعات ننتظر نتيجة التفتيش، ثم تبين لنا فيما بعد أنهم من الأمن الوطني/ أمن الدولة سابقًا، حيث اجتمعوا في مكتب الأستاذ عادل صبري رئيس التحرير، ثم قرروا اعتقاله متوجهين به إلى قسم الدقي".

فرض المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، غرامة قدرها 50 ألف جنيه مصري على موقع مصر العربية لترجمته تقريرًا أجنبيًا عن الانتخابات الرئاسية!

وفي حديث لـ"ألترا صوت"، قال محمد منير مدير تحرير مصر العربية، إنهم كانوا يعانون تضييقات "لا حصر لها، طوال الوقت". وقبل صدور قرار حبس صبري 15 يومًا على ذمة التحقيقات في الاتهامات الموجهة إليه، سابقة الذكر، لم يكن أحد من العاملين بالموقع أو حتى محاميه ومحامي صبري على علمٍ تمامًا بطبيعة التهم التي قد يواجهها صبري والموقع، بحسب منير الذي قال: "الأمور ضبابية"، مُضيفًا: "لا نعلم لماذا يفعلون ذلك رغم أننا لم نرتكب أي مخالفة!".

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة في عهد "عبده هيصة"

وكان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أعلى هيئة تابعة للدولة لإدارة شؤون الصحافة والإعلام في مصر- قد فرض غرامة على موقع مصر العربية، 50 الف جنيه مصري/حوالي ثلاثة آلاف دولار، لنشره ترجمة لتقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، يقول إن جهات تابعة للدولة، قدّمت رشاوي للمواطنين أثناء الانتخابات الرئاسية المصرية.

وفي نفس الوقت فُرضت غرامة قدرها 150 ألف جنيه مصري على صحيفة المصري اليوم، ونشر اعتذار للهيئة الوطنية للانتخابات، بسبب "مانشيت" نشرته الصحيفة قبيل انتهاء عملية الاقتراع، هو: "الدولة تحشد الناخبين في آخر أيام التصويت".

اللافت في الأمر، والمثير للشكوك في نفس الوقت، أن أولى بيانات الداخلية بخصوص عملية الاقتحام واعتقال رئيس التحرير عادل صبري، قال إن السبب في ذلك هو ارتكاب مخالفة "إدارة موقع إلكتروني بدون ترخيص بالمخالفة للقانون"، بينما جاءت الاتهامات له بعد عرضه على النيابة، بـ"الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة" وما إلى ذلك من الاتهامات التقليدية التي يستخدمها النظام المصري لإحكام قبضته على المجال العام، وحرية الصحافة والتعبير.

جريمة الصحافة!

تعد مصر واحدة من بين أكثر الدول التي تعرف قمعًا شديدًا للإعلام المستقل. وتتبوأ مصر مكانة مرتفعة في قائمة هذه الدول، ليس فقط بسبب مثلًا حجب أكثر من 400 موقع إلكتروني صحفي وحقوقي وحتى مواقع تجاوز الحجب، وإنما أيضًا بسبب التعسف غير المسبوق الضارب بعرض الحائط كافة الأعراف والقوانين الدولية في التعامل مع الصحافة والصحفيين، أجانب أو محليين.

وفي الشهر الماضي، اعتقلت قوات الأمن الصحفية البريطانية بيل تيرو وقامت بترحيلها فورًا، فقط للاشتباه في تغطيتها موضوعًا متعلقًا بالإخفاء القسري. وتشير منظمة مراسلون بلا حدود إلى أن مصر تحتل المرتبة 161 في حرية الصحافة، كواحدة من البلدان التي هي بمثابة "سجن كبير" للصحفيين.

وفقًا لمنظمة مراسلون بلا حدود تحتل مصر المرتبة 161 من بين 180 دولة، في تصنيف حرية الصحافة لعام 2017

وتشي تحركات النظام المصري وأذرعه، وعلى رأسها الآن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بأنّه يريد مؤسسات إعلامية ليست إلا "أكشاك" لصرف تصريحات النظام ومجمل سرديته، كما هي، حتى دون أي محاولة اجتهاد في دعم وتأييد النظام!

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الصحف القومية المصرية.. مومياوات في خدمة الرئيس

حرية التعبير في مصر.. خطوات نحو تشريع الانتهاكات وتقنين القمع!