26-أبريل-2019

تستغل إسرائيل مسابقة اليوروفيجن لتبييض جرائمها (تويتر)

بموجب قانون اليوروفيجن، المسابقة العالمية للأغنية الأوروبية، تعود إسرائيل لاحتضان حفلاتها، في نسختها الرابعة والستين يوم 18 أيار/مايو المقبل. وبعد أن فازت الإسرائيلية نطع بارزيلاي، سيستضيف الكيان الصهيوني هذه المناسبة الدولية الكبيرة، التي تعد أضخم حدث ترفيهي غير رياضي تشهده المعمورة.

تستخدم إسرائيل  "حقوق المثليين" لتبييض وجهها ولتحويل الاهتمام العالمي من كونها قوة استعمارية تعمل بشكل ممنهج على تهجير وقتل الفلسطينيين، إلى دولة طبيعية ومتقدمة ومتسامحة مع المثليين

لا يمكن قراءة تنظيم اليوروفيجين في إسرائيل هذه السنة، ومهما أتى في شكل قانون المسابقة على هيئة قدرية، خارج سياق غسل وجهها الدموي السافر، وتزيين صورتها دعمًا لزيف البروباغاندا التي تقول بأنها الكيان الديمقراطي الوحيد في الشرق الأوسط. وهو ما يؤكد عليه ناشطون وجمعيات عدة مناهضة للاحتلال، دعوا إلى مقاطعة هذا الحدث، من باب سد الطريق أمام غسل إسرائيل جرائمها بحق الفلسطينيين. فيما دعا عدد من الفنانين الفلسطينيين والعالميين إلى مقاطعة الفعالية، وإقامة فعالية بديلة عبر الإنترنت، في نفس الوقت الذي ستجري فيه نهائيات المسابقة في تل أبيب، مع مشاركة فنانين مناهضين لجرائم الاحتلال الإسرائيلي.

اقرأ/ي أيضًا: بروباغندا باللون الوردي.. كيف توظف إسرائيل المثلية الجنسية لشرعنة جرائمها؟

أفضل سفير لإسرائيل

يومين بعد إعلان الإسرائيلية نطع بارزيلاي فائزة بمسابقة اليوروفيجن، وبالتزامن مع الاحتفال الذي أقيم لها بتل أبيب، كانت طائرات تمطر سماء غزة بالقنابل، حاصدة اثنين وستين شهيدًا من بينهم ستة أطفال. طبقًا لهذه المفارقة المثيرة، تكتب حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، والمعروفة اختصارًا بالـ BDS، في تقرير تدعو فيه لمقاطعة اليوروفيجن الإسرائيلية، مضيفة أن "إسرائيل، وبلا استحياء، تستخدم حفل اليوروفيجن كأحد نشاطات حملتها الترويجية لتبييض وجهها الدموي، والتعتيم على جرائم الحرب التي ترتكبها ضد الفلسطينيين".

ويسترسل ذات التقرير، مشيرًا إلى أن المغنية الإسرائيلية الفائزة بالمسابقة لا تعدو أن تكون جزءًا من بروباغاندا حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، هذا الأخير الذي وصف نطع بارزيلاي كأفضل سفيرة للكيان الصهيوني ومفخرة لإسرائيل.

بالمقابل، يقول تقرير الـ BDS، إن إسرائيل التي أقرت بكونها دولة تمييز عنصري بسنها قانون القومية سنة 2018، وباستضافتها للحفل الفني العالمي، تحوله إلى حدث تبييض للعنصرية التي تقوم عليها الدولة. وهذا ما لا تمانعه حتى الفائزة بالجائزة، نطع بارزيلاي، والتي تعد أيقونة للمجتمعات المثلية :"سيرى العالم كم نحن شعب رائع، وأننا أفضل شعب في أفضل أرض".

في هذا السياق، ترى مديرة مؤسسة القوس للتعددية الجنسية والجندرية في المجتمع الفلسطيني، حنين معيكي، أنه لا شك أن الحكومة الإسرائيلية والمؤسسات المثلية الإسرائيلية متورطة في حملات الغسيل الوردي، من خلال حملات ممأسسة وممولة مثل الترويج للسياحة المثلية إلى تل أبيب، وتنظيم فعاليات شهر الفخر ومهرجان الأفلام المثلية العالمي بشكل سنوي.

وتضيف في حديثها لـ"ألترا صوت"، إن إسرائيل تستخدم "حقوق المثليين" لتبييض وجهها ولتحويل الاهتمام العالمي من كونها قوة استعمارية تعمل بشكل ممنهج على تهجير وقتل الفلسطينيين، إلى دولة طبيعية ومتقدمة ومتسامحة مع المثليين. وتتابع: "في هذا السياق يعتبر نشطاء حملة المقاطعة ومناهضة الغسيل الوردي استضافة اليوروفيجين في تل أبيب خلال شهر الفخر تطورًا وتصعيدًا خطيرًا، وذلك لمكانة مسابقة اليوروفيجين كجزء أساسي من الثقافة الكويرية المثلية في دول أوروبية، ولارتباطها التاريخي في إسرائيل".

وحول ارتباط إسرائيل في اليوروفيجين، تبين معيكي أنه "بدأ في عام 1998، حيث فازت المتحولة جنسيًا دانا انترناشينال في المسابقة، الشيء الذي عزز صورة إسرائيل المتسامحة والمنفتحة على الاختلاف والتنوع الجنسي والجندري في عقل المستهلك المثلي الأوروبي، بالإضافة إلى ذلك، ترى الحكومة الإسرائيلية مسابقة اليوروفيجين كفرصة ذهبية لتبييض وجهها واستعمال المسابقة كحدث ثقافي مركزي في محاولات البروبوغاندا المستمرة، حيث نرى كيف أن نتنياهو قام بتهنئة الفائزة الجديدة كأفضل سفيرة لإسرائيل".

قاطعوا اليوروفيجن!

في رسالة مفتوحة نشرها في صفحته الرسمية على فيسبوك، يكتب روجر واترز مخاطبًا فناني العالم: "لقد علمت قبل أيام أن الفنان البرتغالي كونان أوزيريس كسب ترشحه إلى نهائيات اليوروفيجن 2019 بتل أبيب عاصمة الأبرتهايد. وعلمت كذلك إمكانية انضمامه إلى شبكة الداعين إلى مقاطعة هذه النسخة من الاحتفال، مناصرة لحقوق الشعب الفلسطيني في وجه التمييز العنصري لدولة الاحتلال. لهذا أقترح عليه اغتنام هذه الفرصة، فرصة أن يكون صوت الحياة في وجه الموت، وحقوق الإنسان في وجه ظلم الإنسان".

بينما يكتب المغني البريطاني وأحد مؤسسي مجموعة بينك فلويد الشهيرة: "علينا كفنانين الوقوف جنبًا إلى جنب مع إخواننا الفلسطينيين المضطهدين من طرف الاحتلال الإسرائيلي، برفض المشاركة في عملية الغسيل الفنية لوجه إسرائيل الدموي، وأشكال التطهير العرقي التي تقوم عليها هذه الدولة المجرمة بشهادة تقارير المجتمع الدولي"، داعيًا المغني البرتغالي الشاب وكافة المبدعين حول العالم، إلى رفض عرض فنهم خلال هذا المحفل وكل المحافل التي تقام بدولة الاحتلال.

مضيفًا، أنه على علم بتحركات أحد المنظمات الصهيونية لدفع الشاب كونان إلى المشاركة، موضحًا أن هذه المنظمة لها علاقة بالقوى اليمينية المتطرفة في إسرائيل، تدعمها وتخدمها كجناح بروباغاندا باستخدام كل وسائل الترهيب والترغيب، مما يجعل سبل الفكاك منها غاية في الصعوبة. لكن، ورغم ذلك، يصر روجر واترز على أن"دور الفنان أن يرفض المتاجرة بمآسي الشعب الفلسطيني، وأن يناضل من أجل تحقيق عالم تتساوى فيه الحقوق لكل الناس، من نهر الأردن وعلى طول حوض المتوسط".

يختم روجر واترز، مستعيرًا نصيحة من ذاكرته، قائلًا: "عندما كنت صغيرًا، كانت والدتي دائما تقول لي: هناك دائمًا شيء صحيح تقوم به، فقم به دائمًا".

اقرأ/ي أيضًا: دماء "الهنود الحمر" من أجل غسل ذنوب إسرائيل

300 ينضمون للحملة

في رسالة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية قبل فترة، أعلن أزيد من 140 فنانًا حول العالم انضمامهم لحملة مقاطعة عملية تبييض وجه الاحتلال من خلال الفن، العملية التي تكرسها استضافة إسرائيل لليوروفيجن. في لائحة من الموقعين تضم أبرز الوجوه الفنية والثقافية الأوروبية، من بينهم يان مارتل الروائي الكندي المعروف، والمخرج البريطاني كينيث لوش.

تضمن نص الرسالة توضيحًا صريحًا لالتزام الموقعين عليها بعدم المشاركة في أي نشاط منظم من جهات إسرائيلية، ذلك حتى يرفع الاضطهاد المطبق على الشعب الفلسطيني، وتتحقق العدالة والحرية في تلك الأراضي، منددين بدورهم بجرائم الحرب البشعة التي ترتكبها دولة الاحتلال، وأكثر بمحاولتها البخسة لاستغلال الفن في غسل جرائمها. فيما دعوا كافة الفعاليات الثقافية والفنية في العالم إلى الانضمام لهم.

كما انضم لحملة المقاطعة عدد من الفنانين السويديين، في مجموعة تزيد عن 170 فنانًا وفنانة، معلنين بصريح العبارة: "أننا نحن فناني السويد وفعالياته الثقافية، لا يمكننا الصمت والاكتفاء بمشاهدة إسرائيل تبيض جرائمها باستعمال احتفال اليوروفيجن". هكذا يقرون بدورهم بمقاطعة الاحتفال، والتنديد من خلال هذه المقاطعة بالاضطهاد الذي يكابده الشعب الفلسطيني تحت جور هذا الاحتلال.

لا يمكن قراءة تنظيم اليوروفيجين في إسرائيل هذه السنة، ومهما أتى في شكل قانون المسابقة على هيئة قدرية، خارج سياق غسل وجهها الدموي السافر وتبييض جرائمها

في حين وجهت مجموعة من الفعاليات الفنية البريطانية دعوة لقناة الـ BBC، بهدف حثها على عدم إذاعة الحفل، منوهين بالضغط الذي طبقه اتحاد البث الأوروبي على السلطات الإسرائيلية، وذلك لتحويل مكان إقامة اليوروفيجن من القدس المحتلة إلى تل أبيب، معتبرين أن ذلك ليس كافيًا، ما دامت حقوق الفلسطينيين تنتهك يومًا بعد يوم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اللوبي الإسرائيلي في الإعلام العربي

لماذا لا يثور الغلابة؟