31-أغسطس-2023
انقلابات أفريقيا، وانقلاب الغابون، وانقلاب النيجر وانقلاب السودان

انقلاب الغابون، هو الأحدث في سلسلة الانقلابات داخل أفريقيا (Getty)

شهدت العاصمة الغابونية، ليبرفيل، أمس الأربعاء، انقلابًا عسكريًا قام به مجموعة من كبار ضباط الجيش الغابوني، تمكنوا من خلاله إنهاء أكثر من نصف قرن من حكم عائلة بانغو، التي وصلت إلى السلطة عام 1967.

وعيّن قادة الانقلاب، قائد الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي نغيما، لقيادة المرحلة الانتقالية، ومع إحالة الرئيس علي بونغو للتقاعد، ووضعه  تحت الإقامة الجبرية بمقره إقامته. 

وبعد ساعات قليلة من إعلان لجنة الانتخابات فوز الرئيس علي بونغو  بولاية رئاسية ثالثة، أعلن ضباط في الجيش عبر شاشة التلفزيون الحكومي، السيطرة على الحكم لفترة انتقالية، إلغاء نتائج الانتخابات التي شابها تجاوزات كبيرة.

8 انقلابات نفذت في أفريقيا، خلال ثلاثة أعوام، نتيجة التوترات الاقتصادية والسياسية التي تعم القارة

وأكد بيان قادة الانقلاب، على أن الانتخابات لا تمتلك أي مصداقية، مع الإعلان عن حلّ مؤسسات الدولة، وإغلاق حدود البلاد حتى إشعار آخر، بالإضافة إلى  فرض حظر للتجوال من الساعة السادسة مساءً وحتى الساعة السادسة صباحًا، واعتقال أحد أبناء الرئيس، وأعضاء في الحكومة بتهمة الخيانة العظمى.

وخرجت مظاهرات عمت شوارع ليبرفيل، دعمًا للانقلاب العسكري، الذي أنهى حكم عائلة بونغو، إذ يُعدّ انقلاب الغابون، الثاني هذا العام، بعد الانقلاب الذي وقع في النيجر الشهر الماضي، والثامن خلال ثلاثة أعوام.

ومقارنةً بدول الجوار، تعتبر الغابون بشكل عام أكثر استقرارًا من الدول، التي شهدت اضطرابات في السنوات الأخيرة، ورغم ذلك انضمت إلى القائمة المتزايدة من الدول التي تحكمها مجالس عسكرية، بما في ذلك النيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد، وغينيا، ومالي، والسودان، التي تشكل حزامًا جغرافيًا من الاضطرابات في جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى. وتكشف خريطة الانقلابات التالية، عن حالة انعدام الاستقرار السياسي ودخول العسكر إلى السياسة، بالإضافة إلى الفشل الاقتصادي، والهيمنة الاستعمارية، التي ساهمت في جزء من ذلك، كما يتضح من خريطة الانقلابات. 

انقلاب الغابون

النيجر.. انقلاب متوتر

أطاح ضباط في جيش النيجر بالرئيس المنتخب محمد بازوم في 26 تموز/يوليو الماضي، وأعلنوا تنصيب قائد قوات الحرس الرئاسي الجنرال عبد الرحمن تياني، رئيسًا للمجلس العسكري الذي سيقود البلاد، خلال فترة انتقالية. وكانت ردات الفعل على الانقلاب شديدة اللهجة، من قبل الدول الغربية، ودول غرب أفريقيا. 

ووسط خلافات بين دول المجموعة بخصوص الموقف من الانقلاب، هددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، بالتدخل العسكري لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم للحكم، رغم تفضيلها للحل السلمي، عبر التفاوض مع المجلس العسكري.

ويتصاعد التوتر في بلد يشهد اضطرابات سياسية وحركات تمرد، وسط تصاعد أنشطة الجماعات الإسلامية المتطرفة، وتنامي النفوذ الروسي في المنطقة.

وكان نظام الحكم في النيجر حليفًا مهمًا لفرنسًا وللدول الغربية، حيث شكلت النيجر آخر معاقل النفوذ الفرنسي في منطقة الصحراء الكبرى، وألقى الانقلاب، الذي تعامل قادته بلهجة شديدة تجاه فرنسا ومطالبتهم بسحب قواتها وإغلاق قواعدها العسكرية في البلاد، الظلال حول مصير الوجود الفرنسي والغربي في المنطقة.

في حين أعلنت المجالس العسكرية الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو، دعمها المطلق للانقلاب في النيجر، مع التأكيد على إرسال قوات في حال حدوث تدخل عسكري في البلاد.

انقلاب النيجر

بوركينا فاسو: انقلاب أول وثاني

في غضون ثمانية أشهر تقريبًا من عام 2022، وقع انقلابان عسكريان في البلاد، حيث أطاح ضباط من الجيش بحكم الرئيس روك كابوري، واتهموه بالفشل في مواجهة المسلحين الإسلاميين.

وتعهد قائد الانقلاب العقيد بول هنري داميبا باستعادة الأمن، لكن الهجمات تزايدت وأثرت سلبًا على الجيش، مما أدى إلى وقوع انقلاب ثان في أيلول/سبتمبر من العام نفسه، حيث تم تشكيل مجلسًا عسكريًا بقيادة النقيب إبراهيم تراوري، الذي تولى زمام السلطة، وتحول إلى نجم في في بلاده، رغم تصاعد الهجمات وزيادة نفوذ مجموعة فاغنر.

غينيا.. انقلاب مترنح

في أيلول/سبتمبر 2021، أطاح قائد القوات الخاصة العقيد مامادي دومبويا، بالرئيس ألفا كوندي، وكان الرئيس السابق، قد عدل  الدستور للترشح لفترة ثالثة، الأمر الذي أدى لأعمال شغب واسعة النطاق.

وأصبح دومبويا رئيسًا مؤقتًا، وسط انتقادات دولية وإقليمية، واحتجاجات عنيفة المستمرة، أرغمت قائد الانقلاب على التعهد بإعادة البلاد إلى الحكم المدني مع فترة انتقالية مدتها 24 شهرًا تبدأ في أوائل عام 2023، وإجراء انتخابات ديمقراطية في غضون ثلاثة أعوام.

تشاد.. انقلاب يسبق الاحتجاج

في نيسان/ أبريل 2021، استولى الجيش على السلطة بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي، أثناء تفقده لقواته التي تقاتل المتمردين في شمال البلاد

واختير الجنرال محمد إدريس نجل الرئيس ديبي رئيسًا مؤقتًا للبلاد، وأسندت إليه مهمة الإشراف على فترة انتقالية مدتها 18 شهرًا تمهيدًا لإجراء انتخابات.

وحل المجلس العسكري البرلمان بدعوى توفير الاستقرار، ما أدى إلى وقوع احتجاجات عنيفة، قابلها الانقلابيون بقمع شديد، وأدت لسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين بالعاصمة نجامينا.

 وكان الرئيس السابق حليفًا للغرب ضد جماعة "بوكو حرام" الإسلامية المتطرفة، ولم تفرض الولايات المتحدة رسميًا عقوبات على البلاد،  رغم سيطرة المجلس العسكري على السلطة في البلاد.

حرب السودان

مالي.. مجلس عسكري وعزل الرئيس

أطاح مجموعة من الضباط العسكريين في آب/ أغسطس 2020، بقيادة العقيد أسيمي غويتا، وتم تشكيل مجلس عسكري تحت مسمى اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب، وتم عزل الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا.

وجاء الانقلاب بعد احتجاجات مناهضة للحكومة، بسبب تردي الأوضاع الأمنية، وانتخابات تشريعية شابها التزوير.

وبعد ضغوطات مارستها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، وافق المجلس العسكري على التنازل عن السلطة لحكومة مؤقتة بقيادة مدنية مكلفة بالإشراف على فترة انتقالية مدتها 18 شهرًا، تمهيدا لانتخابات ديمقراطية تجرى في شباط/فبراير 2022.

لكن قادة الانقلاب اختلفوا مع الرئيس المؤقت الجنرال المتقاعد باه نداو، ورتبوا انقلابًا ثانيًا، في أيار/مايو 2021، وعين العقيد غويتا الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس المؤقت رئيسًا للبلاد.

ساهم الوضع السياسي الهش، داخل عدة دولة في نجاح سلسلة الانقلابات

ومؤخرًا، استهدفت عقوبات أمريكية قادة المجلس العسكري الرئيسيين بسبب صلاتهم بمجموعة "فاغنر"، التي يُعتقد أن 1000 من عناصرها متواجدين في البلاد، والمتهمة بارتكاب انتهاكات، ومجازر ضد مدنيين ماليين، بحجة مواجهة المجموعات الإسلامية المتشددة التي تنشط في شمال البلاد.

السودان.. انقلاب على الانقلاب

استولى المكون العسكري، المشارك في إدارة البلاد، على السلطة في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، بقيادة قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، منهيًا اتفاقًا لتقاسم السلطة مع المكون المدني بعد أن أطاح الجيش بالرئيس عمر حسن البشير في عام 2019، بعد احتجاجات مؤيدة للديمقراطية.

وتصاعدت التوترات هذا العام، في الوقت الذي كان الجميع ينتظر انتقالًا ديمقراطيًا للحكم المدني، عبر الاتفاق السياسي النهائي، حيث شهدت السودان منتصف نيسان/أبريل الماضي، اندلاع معارك عنيفة بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع بقيادة  نائب رئيس مجلس السيادة السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مختلف المدن السودانية، مما دفع البلاد نحو نفق مجهول، فقد خلفت المعارك المستمرة الآلاف من القتلى والجرحى، وأزمة إنسانية غير مسبوقة، رافقها جرائم حرب ارتكبت بحق المدنيين.