02-ديسمبر-2022
gettyimages

كان والده يصوت للحزب الديمقراطي لكنه أعجب في حملة دونالد ريغان (Getty)

أصبح الجمهوري كيفن مكارثي رئيسًا لمجلس النواب الأمريكي خلفًا للنائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي، بعد انتخابه من أعضاء حزبه زعيمًا لهم في المجلس بعد 15 جولةً من الانتخابات في سابقةٍ تحصل لأول مرة منذ 100 عام تقريبًا.

بات الجمهوري كيفن مكارثي على وشك أن يصبح رئيسًا لمجلس النواب الأمريكي خلفًا للنائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي

وتمكن مكارثي من تأمين الأغلبية الجمهورية، بعد 3 أيام من جلسات الانتخاب المتكررة، عطل خلالها أعضاء الحزب الجمهوري انتخابه، وبالأخص أعضاء الجناح المتطرف في الحزب الجمهوري، والذي كان قد أعلن عن دعمه مكارثي لكن بعد حصوله على تنازلات وشروط فرضها الجناح، علمًا أن مكارثي الذي أصر على الترشح، سبق أن فشل عام 2015 بفارق ضئيل في انتخابات رئيس مجلس النواب حينها أمام بول رايان.

 يشار إلى أن منصب رئيس مجلس النواب يعدّ ثالث أهم منصب سياسي في الولايات المتحدة بعد منصبيْ الرئيس ونائب الرئيس، وبحسب نتائج الانتخابات النصفية التي انطلقت في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري حصل الجمهوريون على أغلبية ضئيلة في داخل مجلس النواب، بعد فشل "الموجة الحمراء" التي توقعها الحزب في تأمين أغلبية بفارق كبير.

ينحدر كيفن مكارثي البالغ من العمر 57 عامًا من ولاية كاليفورنيا المعروفة بكونها معقلًا للديمقراطيين تاريخيًا، لكن مكارثي الجمهوري استطاع أن يجعل فيها موطئ قدم كبير للجمهوريين منذ ولوجه مجلس الولاية  في عام 2002 وتنصيبه رئيسًا للأقلية الجمهورية فيها بعد عام ونصف تقريبًا من نيله عضوية مجلس الولاية. وبعد ذلك التاريخ بحوالي 10 أعوام أصبح من القيادات البارزة في الحزب الجمهوري مع دخوله مجلس النواب عام 2014.

ومكارثي خرج من عائلة عاملة، فهو ابن رجل إطفاء وجده يمتلك مزرعةً للماشية وينحدر من عائلة متوسطة ليست لديها تقاليد في السياسة قبل ابنها كيفن، الذي يذكر أن والده كان يصوت للحزب الديمقراطي ولكنه انجذب للحزب الجمهوري خلال حملة دونالد ريغان الرئاسية. وحصل مكارثي على درجتيْ البكالوريوس في العلوم عام 1989 والماجستير في إدارة الأعمال في عام 1994 من جامعة كاليفورنيا، ومع التحاقه بالحزب الجمهوري بشكلٍ نشيط مع عام 2001 ترقّى بسرعة في الحزب، حيث أصبح نائب رئيس الحزب الجمهوري في عام 2009، وزعيم الأغلبية الجمهورية  بحلول عام 2014. أمّا فترة بزوغه السياسي فقد كانت في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

أمّا عن مواقفه من القضية الفلسطينية وقضية الهجرة فهو وفي للتقليد المحافظ في الحزب الجمهوري، حيث يعتبر أحد أبرز الداعمين لإسرائيل. ففي مطلع عام 2020 دعم ضمّ الضفة الغربية المحتلة، وقبل ذلك في 2019 هدد النائبتين رشيدة طليب وإلهان عمر بسبب انتقداهما لإسرائيل، باتخاذ إجراءات ضدهما مستقبلًا في حال لم يتخذ الديمقراطيون خطوات في هذا الصدد، قائلا "أعتقد أنكم سترون ما يمكنني فعله".

ويذكر تقرير لأسوشيتد برس أنه حصل بصفة منتظمة على تبرعات من مجموعات مؤيدة لإسرائيل في انتخابات الكونغرس في 2018، وسبق لمكارثي أن زار إسرائيل في عام 2010 برفقة 30 عضوًا من الحزب الجمهوري.

getty

وحول موقفه من الهجرة فهو ضد "أي قانون لتسهيل الهجرة أو إقامة المهاجرين غير النظاميين"، وفوق ذلك لا يجد غضاضة من معارضة قوانين حماية البيئة وتأثير الوقود الأحفوري على المناخ. وكانت علاقته مع ترامب جيدة للغاية، حيث دافع عن عملية اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، كما أيد قرار ترامب الانسحاب من أفغانستان. إلى الحد الذي دفع ترامب إلى وصفه  بـ"كيفن الخاص بي".

لكن علاقة الرجلين شهدت بعض التوتر عقب اعتراف مكارثي بنتائج الانتخابات الرئاسية التي أطاحت بترامب،  وقام بإدانة اقتحام أنصار ترامب للكابيتول، محاولًا الحفاظ على سمعته كجمهوري معتدل وبراغماتي، ومع إعلان ترامب نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة "يخشى مكارثي أن يتحول إلى ضحية لهجمات مستقبلية لترامب، كما حصل مع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل".

لكن الرغبة في "توحيد الجمهوريين أمام منافسيهم الديمقراطيين" قد تخفف من وطأة الخلافات المحتملة بين ماكارثي وترامب، خاصة أن ماكارثي يحظى بعلاقة جيدة مع مالك تويتر الجديد الملياردير إيلون ماسك الذي اتخذ قرارا بإعادة حساب ترامب على تويتر، وحثّ الناخبين الأمريكيين على دعم المرشحين الجمهوريين في الانتخابات النصفية وفقا لتقرير نشرته فرانس برس.

وسيكون لموقف مكارثي حول لجنة التحقيق في أحداث السادس من كانون الثاني/ يناير 2021 بمواصلة عملها من عدمه، في حال وصوله لرئاسة مجلس النواب، دورٌ كبير في تحديد العلاقة مع ترامب والتغلب على الشرخ داخل الحزب الجمهوري ولمّ شمله. وكان مكارثي قد قدم الدعم لترامب من أجل ترشيحه للانتخابات الرئاسية الأمريكية.

ولعلّ أكبر تحدٍ سيواجهه مكارثي حال وصوله لرئاسة مجلس النواب هو إدارة التوازنات في المجلس داخل أغلبيته الجمهورية التي سيحرض اليمين المتطرف فيها على عزل بعض المسؤولين، بمن فيهم بايدن من جهة، وفي ظل وجود رئيس ديمقراطي في البيت الأبيض من جهة ثانية.

أما على مستوى القضايا الدولية فسيكون مكارثي مضطرا إلى تحديد مقدار الدعم الذي يستعد مجلس النواب لتقديمه إلى أوكرانيا، في ظل بعض الأصوات الجمهورية الداعية إلى وقف التمويل عن كييف، بسبب عبثية الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

على مستوى القضايا الدولية فسيكون مكارثي مضطرا إلى تحديد مقدار الدعم الذي يستعد مجلس النواب لتقديمه إلى أوكرانيا

يشار إلى أن مكارثي وفي إطار حملته لبلوغ منصب رئيس مجلس النواب قال في تغريدة له على تويتر بأنه إذا أصبح رئيسًا للمجلس، "سيتخذ إجراءات لإصلاح ما أفسدته نانسي بيلوسي بشدة". متابعًا في نفس التغريدة: "عمل الجمهوريين في مجلس النواب سيبدأ على الفور بما يلي: الوفاء بالتزامنا تجاه أمريكا، وتحميل هذه الإدارة المسؤولية، وتوقيف جدول أعمال بايدن".