05-يونيو-2023
ال باتشينو

صورة مولدة عبر نموذج الذكاء الاصطناعي (MidJourney)

لعلك سمعت الأسبوع الماضي أن الممثل الأمريكي الشهير آل باتشينو، البالغ من العمر 83 عامًا، قد أعلن أنه ينتظر مولودًا مع صديقته نور الفلاح، ذات الأصول الكويتية، البالغة من العمر 29 عامًا، ليصبح بذلك أبًا لأربعة أبناء.

وقد أولت وسائل الإعلام العالمية ورواد وسائل التواصل الاجتماعي اهتمامًا كبيرًا بالأمر، لأنه يتعلق بآل باتشينو، المتوّج بتسع جوائز أوسكار، لكنّ الجزء المثير للاهتمام بالخبر كان أشدّ ارتباطًا بموضوع العمر. فالرجل سيصبح أبًا في الثالثة والثمانين، من علاقة مع شابة عشرينية، شأنه في ذلك شأن زميله الممثل روبرت دي نيرو الذي أكد الشهر الماضي أنه سيصبح أبًا للمرة السابعة وهو على بوابة الثمانين الأخيرة من عمره، إضافة إلى غيرهما من المشاهير، مثل جورج كلوني، وهيو غرانت، وستيف مارتن، وجون ستاموس، وديفيد ليترمان وسواهم كثيرون. 

ال باتشينو
صورة متخيلة لآل باتشينو عبر نموذج الذكاء الاصطناعي (MidJourney)

 

لكن آل باتشينو ودي نيرو ليسا أول مسنَين يصبحان آباء في سن متقدمة، فقد سجلت عشرات الحالات لمسنين ومسنات ينجبون أطفالًا وهم فوق الخمسين من العمر، كما ارتفع متوسط عمر الآباء الجدد بشكل عام على مر السنين. ففي الفترة ما بين عام 1972 و 2015، ارتفع بمقدار 3.5 عامًا، إذ يبلغ متوسط عمر الآباء في الولايات المتحدة 30.9 عامًا. 

تذكر موسوعة غينيس للأرقام القياسية أن أكبر الآباء لأطفال حديثي الولادة هو الأسترالي ليس كولي، إذ رزق بطفل عام 1991 وهو في ال92 من العمر. كما ذكرت وسائل إعلام فلسطينية قبل أعوام قليلة أن الفلسطيني الحاج محمود العدم من مدينة الخليل رزق بطفلة وهو في الـ 92 من العمر أيضًا.

آل باتشينو ودي نيرو ليسا أول مسنَين يصبحان آباء في سن متقدمة، فقد سجلت عشرات الحالات لمسنين ومسنات ينجبون أطفالًا وهم فوق الخمسين من العمر، كما ارتفع متوسط عمر الآباء الجدد بشكل عام على مر السنين. ففي الفترة ما بين عام 1972 و 2015، ارتفع بمقدار 3.5 عامًا، إذ يبلغ متوسط عمر الآباء في الولايات المتحدة 30.9 عامًا.

 

ولكن ما هي المخاطر التي تنطوي على الإنجاب في سن متأخرة؟

آثار سلبية للأبوة في سن متأخر

في ديسمبر 2022، نشر باحثون من جامعة يوتا ومؤسسات أخرى دراسة حول "العمر المتأخر للأبوة" وتأثيراته على الخصوبة ومشاكل الحمل وصحة الطفولة.

وعلى الرغم من أن العديد من الدراسات تدرس حالات لرجال أقل عمرًا من عمر آل باتشينو بسبب ندرتهم، فإن الأدلة تشير إلى أن نوعية الحيوانات المنوية لدى الرجال في الأربعينيات والخمسينيات من العمر تنخفض، ناهيك عن تقدمهم في السن أكثر من ذلك، وهو ما يعني أن "تقدم سن الأب يرتبط بشدة بمخاطر عالية لا تتوقف عند العقم، وإنما تتعدى ذلك إلى خسارة الجنين في الحمل الطبيعي"، وفقًا للدراسة.

كما تشير دراسة أخرى إلى أن الأطفال الذين يولدون لآباء مسنين يزداد لديهم خطر الإصابة بتشوهات الولادة أو بعض أنواع السرطان أو اضطرابات التنمية العصبية.

يقول آرثر كابلان، أستاذ الأخلاقيات الطبية في كلية غروسمان للطب بجامعة نيويورك: "كان الرجال المسنون ينجبون الأطفال منذ فجر التاريخ. إنها ليست بالظاهرة الجديدة، ولكن ما لم نكن نعرفه هو أنهم كانوا ينجبون أطفالًا تزداد لديهم احتمالية الإصابة بمشاكل صحية".

تت

وتظهر دراسة نشرت عام 2019 أن الأطفال الذين يولدون لآباء مسنين يزداد لديهم خطر الإصابة بشق الشفة أو الحنك وتشوهات القلب والتوحد والفصام واضطراب ثنائي القطبية، كما تشير أبحاث أخرى إلى أن العمر المتقدم للأب يرتبط بشكل متوسط بالنوع الأكثر شيوعًا من سرطان الدم لدى الأطفال ويرتبط أيضًا بزيادة طفيفة في خطر اللمفوما العصبية اللاهودجكينية.

وفي عام 2018، وجد باحثون في جامعة ستانفورد أن الأطفال الذين ولدوا لآباء يبلغون من العمر 45 عامًا أو أكثر كانوا أكثر عرضة بنسبة 18٪ للإصابة بالتشنجات وأكثر عرضة بنسبة 14٪ للولادة المبكرة مقارنة بالأطفال الذين يولدون من آباء يبلغون من العمر 25 إلى 34 عامًا.

أما الجديد في تلك الدراسة فكان أنها لاحظت وجود خطر على النساء الحوامل في هذه الحالات، إذ كانت النساء اللواتي تجاوز عمر أزواجهن 45 عامًا أكثر عرضة بنسبة 28٪ للإصابة بسكري الحمل مقارنة بزوجات الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 34 عامًا.

لا يوجد تعريف ثابت في المجتمع الطبي لمصطلح السن المتقدم للأبوة، ولكن الجمعية الأمريكية لأمراض الجهاز البولي والجمعية الأمريكية للطب التناسلي توصيان بأنه في حال بلوغ الرجال سنًا تتجاوز الأربعين فإن عليهم أخذ قدر أكبر من الحيطة ومراجعة الطبيب المختص.

تقول الدكتورة غلوريا باشمان، نائبة العميد في كلية روبرت وود جونسون الطبية في جامعة روتجرز، إنه "يجب أن يعرف الرجال أنهم يمرون أيضًا بنفس دورة الشيخوخة الإنجابية التي تمر بها النساء، رغم عدم وجود انقطاع للطمث لديهم". 

وهنالك عدد من الأسباب المحتملة التي قد يؤدي بها الآباء الأكبر سنًا إلى نقل مخاطر صحية إلى أطفالهم، في حال قرروا الإنجاب في سنّ متقدّمة بعد تجاوز الأربعين أو الخمسين. فعلى عكس المرأة، التي لديها عدد محدود من البويضات منذ ولادتها والتي تنضب في سنّ معينة، فإن الرجل ينتج الحيوانات المنوية الجديدة، ومن المحتمل أن تحدث بعض الطفرات في الخلايا المنتجة للحيوانات المنوية، كما يمكن لبعض الظروف البيئية أن تغير الجينات في الحيوانات المنوية نفسها، وبعض هذه التغييرات قد تكون ذا تأثير بالغ السلبية على الجنين .

في المقابل، ثمة من يرى بالطبع بعض المزايا لإنجاب الأطفال في وقت متأخر من العمر، ومن بين ذلك نضج الوالدين والاستقرار المالي لديهما، وامتلاكهما قدرًا أكبر من الوقت والصبر لتوفير الرعاية للطفل الجديد. إلا أن هذه الظروف تتباين بشكل كبير بين الناس. 

ما رأي الذكاء الاصطناعي؟ 

مع الأخذ بالاعتبار للفروقات الفردية والاختلافات في السياقات الاجتماعية، فثمة بعض المخاطر والاعتبارات المحتملة المرتبطة بالإنجاب في سن متقدمة، يخلصها نموذج الذكاء الاصطناعي "شات شي جي تي" على النحو الآتي: 

  • المخاطر الصحية: غالبًا ما يكون التقدم في العمر مصحوبًا بمخاطر صحية متزايدة. قد يكون الأفراد الأكبر سنًا أكثر عرضة للمعاناة من العلل المرتبطة بالتقادم في العمر مثل أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم وبعض الاضطرابات الوراثية ، والتي يمكن أن تؤثر على قدرتهم على توفير الرعاية والدعم للطفل
  • تراجع القدرة على الرعاية: الأبوة والأمومة تتطلب قوة بدنية وطاقة هائلة. ومع تقدم الأفراد في العمر، قد تنخفض مستويات الطاقة والجلد لديهم، مما يزيد من صعوبة مواكبة متطلبات تربية الطفل، بما في ذلك الأنشطة البدنية، والسهر، والمتابعة والاهتمام المستمرين
  • خطر اليتم المبكّر: وجود آباء أكبر سناً يعني أن الطفل قد يتعرض لفقدان الوالدين في مرحلة مبكرة من حياته. من المهم النظر في التأثير المحتمل على الرفاه العاطفي للطفل في هذه الحالات. 
  • الفجوة العمرية: الأبوة المتأخرة تعني وجود فجوة جيلية كبيرة بين الوالد والولد. يمكن أن يؤثر ذلك على التواصل والتجارب المشتركة والقدرة على الارتباط بتنشئة الطفل والتأثيرات الثقافية المرتبطة بذلك. 

يؤكد نموذج الذكاء الاصطناعي على ضرورة التشاور مع المتخصصين في الرعاية الصحية، والنظر في الظروف الفردية وإجراء مناقشات مفتوحة وصادقة مع أفراد الأسرة والمقربين لاتخاذ قرار سليم فيما يتعلق بالإنجاب في سنّ متأخرة.