19-سبتمبر-2023
بوستر الفيلم وبطلته (الترا صوت)

بوستر الفيلم وبطلته (الترا صوت)

قد يكون فيلم "Chile '76" من أهم الأفلام التشيلية خلال السنوات الأخيرة، وربما أكثرها تميّزًا في تناول موضوع الدكتاتورية التي عانت منها البلاد بعد انقلاب عام 1973، من خلال قصة امرأة تتغير حياتها بعد مساعدتها لمعارض سياسي مُطارد. والفيلم من إخراج مانويلا مارتيلي.

يبدأ الفيلم بمغادرة بطلته "كارمن" (ألين كوبنهايم) العاصمة سانتياغو إلى الشاطئ للإشراف على إعادة تصميم منزلها وتعديله قبل بداية عطلة الشتاء، ليلحق بها زوجها وأبناؤها وأحفادها بعد أيام. وفي اليوم التالي لوصولها، تستيقظ على صوت الكاهن، صديق العائلة، الذي يطلب منها أن تعتني بشاب يؤويه سرًا.

يصوّر الفيلم أحوال تشيلي بعد 3 سنوات على انقلاب 1973 من خلال قصة امرأة تتغير حياتها بعد مساعدتها لمعارض مُطارد

يّدعي الكاهن أن الشاب "إلياس" (نيكولاس سيبولفيدا) سارق لا يريد أن تلقي الشرطة القبض عليه حتى لا يُحكم بالسجن لعشرة سنوات من أجل وجبة طعام! تدخل كارمن في متاهة مع الشاب الملقى في بيت الكاهن، بعيدًا عن الحياة الهادئة التي اعتادت عليها، فتبدأ بمعالجة إصابته برصاصة في ساقه، وتحاول خفض درجة حرارة جسده. ولأن المواد الإسعافية قليلة، تطلب كارمن من زوجها "ميغيل" (أليخاندرو جويك) الذي يعمل طبيبًا، أدوية ومضادات حيوية لكن دون أن تفصح عن هوية الشخص الذي يحتاج إليها.  

لكن الأمور سرعان ما تبدأ بالتأزم بعد معرفة كارمن بأن الشاب ليس سارقًا، وإنما معارض سياسي كان يستعد مع رفاقه للقيام بأعمال ما ضد حكومة أوغستو بينوشيه، الذي استولى على الحكم بعد انقلابه على الرئيس سلفادور الليندي، لأجل تخليص تشيلي من الفقر والجوع والدكتاتورية.

ورغم أن أحوال كارمن المادية كانت جيدة، لكنها كانت تشعر بمعاناة الفقراء وتعاملهم بلطف. وهذا ما دفعها إلى مساعدة الشاب إلياس، الذي تواصلت مع أهله وأصدقائه بعد أن وضع لها خطة معينة لكي لا ينكشف أمره، فاتجهت كارمن باتجاه الأحياء الفقيرة للبحث عن أصدقائه. 

وعند وصولها إلى منطقة إلياس، جاءت إليها فتاة تتحدث بشفرة لتتأكد أنها ليست من المخابرات التشيلية. وبعد اطمأنت لها وتأكدت من أنها ليست عميلة، قامت الفتاة بتوجيه كارمن وإرسال بعض المعلومات لزميلها إلياس. ولم تكن تلك الزيارة الأخيرة، إذ اعتادت كارمن لأجل إنقاذ إلياس على الذهاب بين وقت وآخر إلى الأماكن التي يتواجد بها الناشطون المعارضون لنظام أوغستو بينوشيه. 

وفي إحدى رحلاتها لإيصال رسالة من إلياس إلى رفاقه، تجد كارمن سيارتها مفتوحة عند عودتها، الأمر الذي أثار قلقها وخوفها. وفي اليوم التالي، ترافق كارمن أحفادها إلى مكان ما قرب الشاطئ للعب، وترى هناك شخصًا غريبًا قرب سيارتها في الوقت الذي اختفى فيه أحفادها، فتسرع للبحث عنهم وتعود بهم إلى المنزل مع تفاقم شعورها بالخوف.

يأخذ الفيلم مسارًا آخر مختلف حين يأتي ضيف غريب الأطوار يبدو أنه صديق زوجها ميغيل ليتحدث معها بدبلوماسية مستفزة، ثم يقوم بإعطائها أوراقًا شخصية ادعى أنهم وجدوها على الشاطئ، وهنا تشعر كارمن بالخوف لأنها أدركت بأنه أحد رجال المخابرات، وأن في كلامه تهديد مبطن لها، خصوصًا حين قال لها: "لا تضيعي حاجتك، لأن الحظ لن يحالفك كل مرة". 

تذهب كارمن بعد ذلك مسرعة إلى منزل الكاهن لتجد أغراضه مبعثرة، ثم تظهر مدبرة المنزل لتقول لها إن الكاهن قد نُفيّ إلى دولة أخرى، وأن إلياس قد اعتقل ويبدو أنه قُتل. فتنهار مشاعر كارمن حينها، وتُحمل نفسها مسؤولية ما حدث للشاب لأنها شعرت بأن المخابرات وصلوا إليه عن طريقها. والصادم أن إلياس قُتل في يوم عيد ميلاد حفيدة كارمن. 

المثير للإعجاب في الفيلم هو الطريقة التي رافقت بها الكاميرا بطلته كارمن أثناء بحثها عن أصدقاء إلياس، وكذلك الصمت الذي اتسمت به رحلاتها التي عبّرت عن شخصية كارمن وعاطفتها تجاه الآخرين. وعبر هذه القصة، صوّر الفيلم أحوال تشيلي خلال تلك الحقبة، أي بعد 3 سنوات فقط من الانقلاب العسكري، حيث الفقر والجوع والظلم مقابل محاولات متواضعة لا تكتمل لتغيير الواقع.