27-نوفمبر-2016

من الفيلم

في عام 1982 فاز فيلم fanny and alexander بأوسكار أفضل فيلم أجنبي. وكان هذا الفيلم هو آخر فيلم يخرجه المخرج السويدي العظيم "إنغمار بيرغمان" قبل أن يعتزل الإخراج السينمائي ويعود إلى إخراج المسرحيات.

أول سؤال خطر على بالي قبل أن أشاهد هذا الفيلم كان: ماذا سيقدم بيرغمان في آخر وأطول أفلامه؟ الذي ساعدني على الوصول للإجابة هو قراءتي لكتاب "الناقوس السحري" وهو الجزء الأول من مذكرات بيرغمان، وكانت الإجابة ببساطة أنه سيقدم طفولته في فيلم سينمائي.

عاش بيرغمان أسوأ طفولة قد تتخيلها، بداية من محاولة إغتصاب من سيدة، أدت إلى إصابته بأمراض جسدية بقية حياته، ومرورًا باختلافه عن باقي الأطفال، الشيء الذي سبب له مشاكل كثيرة، ثم والده، وهو الأكثر تأثيرًا بين النقاط الثلاثة.

قدم "بيرغمان" طفولته في هذا الفيلم مع اختلافات متوسطة، ففي الفيلم نرى "ألكساندر"، وهو بالطبع "بيرغمان" نفسه، الطفل الذي يحب آلة العرض الفضية الموجودة في غرفته سرًا، و هو أمر حقيقي ذكره بيرغمان في مذكراته، الطفل الذي يكره الكبار ويكره الأوامر التي يتلقاها؛ ولكنه رغم ذلك ينفذ تلك الأوامر مع إصرار صاحبها.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم فتاة القطار.. معاصرة التجريبية

نرى في أول ساعة من الفيلم والد "ألكساندر"، والذي ربما نظن أنه الوالد الذي أراده "بريغمان" ولكنه لم يحصل عليه. نرى ذلك الوالد الذي يعشق المسرح والتمثيل والفن، ولكن رغم ذلك علاقته ليست جيدة مع ابنه، وهذا ما يجعلنا نعتقد أن بيرغمان يكره الأبوه بالأساس.

عاش انغمار بيرغمان أسوأ طفولة، بداية من محاولة إغتصاب من سيدة أدت لإصابته بأمراض جسدية، ومرورًا باختلافه عن باقي الأطفال

لكن هذا الوالد يموت قبل منتصف الفيلم، ونجد مشاعر مختلطة من "ألكساندر"، نراه حزين على والده، وفي نفس الوقت غير مبالي البتة بموته. تتزوج والدته بالأسقف - وهي وظيفة والد بيرغمان في الحقيقة - وكأن "بيرغمان" يقول إن والده كان ببساطة "زوج أم" لا أب.

نرى في البداية معاملة الأسقف لألكساندر، والتي تتسم بحنان مصطنع مع قسوة مستترة تحت قناع زائف من الحب. نجد "ألكساندر" المحب للكذب، وهو يتعذب من ذلك الأسقف بضربات السوط على مؤخرته في مشهد مميز، كنت أسأل نفسي وقتها: كيف يشعر "بيرغمان" وهو يخرج هذا المشهد؟

يموت الأسقف، ولكنه بالنسبة لأليكساندر/بيرغمان لا يموت أبدًا، فنجده يظهر في مشهد قرب النهاية ويقول لأليكساندر: لن تتخلص مني أبدًا.

فيلم fanny and alexander واحد من أفضل الأفلام التي شاهدتها لبيرغمان، ربما هو الأفضل على الإطلاق. عابه فقط عدم إعطاء دور مهم لـfanny التي تمثل أخته. الشيء الملفت حقًا هو الفيلم الذي يصور خلف كواليس صناعة fanny and alexander. فمن يراقب تعابير وجه "بيرغمان" وقت إخراج الفيلم يدرك ببساطة أن fanny and alexander فيلم مليء بالألم الحقيقي.

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا لا يستحق وودي آلن المكانة التي نالها؟[

آخر ملوك اسكتلندا: القراءة من كتالوج الاستبداد!

في حب السينما