19-نوفمبر-2016

صورة من فيلم آخر ملوك اسكتلندا للمخرج كيفن ماكدونالد

الفيلم دراما بريطانية مأخوذة عن رواية للكاتب والصحفي البريطاني القدير جيلس فودن، الرواية حصدت عدة جوائز مهمة بينما، حصل الممثل الرئيس الذي قام بدور عيدي أمين "فوريست ويتكار" عدة جوائز مهمة على دوره في الفيلم منها الأكاديمي أوورد، والجولدن جلوبز. أما الفيلم فقد حصد جائزة أفضل فيلم بريطاني عام 2007.

قصة الفيلم
الفيلم يحكي قصة الشاب نيكولاس جاريغانغ الطبيب الاسكتلندي الذي ينتقل مع بعثة طبية إلى أوغندا في فترة السبعينيات ليشهد صعود عيدي أمين إلى الحكم بانقلاب عسكري.

وكما هو الحال في جمهوريات أفريقيا الوسطى في تلك الفترة وفي فترات لاحقة، كان الانقلاب العسكري لعيدي أمين بمباركة شعبية في البداية جعلت الشعب يستقبله بالترحاب. وحدها زميلة الطبيب سارة ميريت أو الممثلة جيليان أندرسون هي التي قرأت المشهد من البداية وصرحت للفتى المتحمس نيكولاس أثناء الاحتفالات قائلة: لقد استقبلوا من قبله كذلك أيضًا!

كما هو الحال في جمهوريات أفريقيا الوسطى بتلك الفترة، كان الانقلاب العسكري لعيدي أمين بمباركة شعبية جعلت الشعب يستقبله بالترحاب

يضع القدر الشاب الاسكتلندي في طريق أمين، ويقترب منه حتى يصبح طبيب عائلته وطبيبه الشخصي. تتحول العلاقة بينهما إلى علاقة صداقة، ويتورط الطبيب في دعم الزعيم دون أن تتضح له الصورة كاملة عن المذابح التي يرتكبها ضد معارضيه.

وحين تتضح الصورة كاملة للشاب يبدأ بالتذمر والرغبة في العودة إلى بلاده ولكن عيدي أمين يرفض ويسحب جواز سفره. يلجأ إلى المبعوث البريطاني لمساعدته ولكن المبعوث البريطاني يسخر منه ويقول له: إنهم يقولون عنك أنك قرد أبيض.

يقع الشاب في علاقة عاطفية مع "كاي" إحدى زوجات الزعيم، وتحمل منه، وتطلب مساعدته ولكنه يتأخر لظروف ارتباطه بعيدي في أحد المؤتمرات. يكتشف عيدي الأمر ويذبح زوجته دون أن يخبر الطبيب بافتضاح أمره.

ثم جاءت عملية عنتيبي -وهي التي قام بها فايز عبد الرحيم جابر- وحطت في مطار عنتيبي، مطالبين بالإفراج عن خمسين أسيرًا فلسطينيًا.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "كافيه سوسايتي": الحكاية الدائمة لوودي آلن

كان وقتها الطبيب يحاول إسعاف الركاب حين جاء وقت حسابه مع عيدي أمين، الذي أمر رجاله بضربه ضربًا مبرحًا ثم تعليقه من صدره في السقف حتى يموت ببطء. يساعد أحد الأطباء الشاب للهرب في طائرة الركاب حيث تم تحريرهم جميعًا دون الركاب اليهود. حيث قال له الطبيب: لا أعرف لماذا أنقذك، لكن أنت رجل أبيض وسيصدقك العالم. احكِ عن أمين ما لا يعرفه الناس.

كتالوج الاستبداد: خطاب الدكتاتورية الموزونة
اللافت للنظر كان أداء فوريست وتكار الممثل الأمريكي الذي قام بدور عيدي أمين. عيدي أمين ككل الزعماء نشأ فقيرًا ثم عرف الثراء بعد السلطة، وأصبح السيد الرئيس.

ثلاثة مشاهد لن تنساها، وسوف تأخذك إلى ما يفعله أي زعيم عربي يستخدم ذات الحجة والمصطلحات والخطابات وهو يتحدث لصحافة العالم أو يوجه خطابه "للجماهير العريضة".

1. المشهد الأول: خطاب إلى الأمة
المشهد في إحدى الساحات أمام حشد كبير من المواطنين بعد استيلاء عيدي أمين على السلطة حيث يقول: "أنا أرتدي البذلة العسكرية لكن في قلبي أنا رجل عادي مثلكم" تصفيق حاد. "اسألوا جنودي، طوال الوقت معهم، هم يأكلون أولًا ثم أنا" تصفيق حاد. "سنجعل هذا البلد أفضل. وأقوى. وأكثر ثراء".

اقرأ/ي أيضًا: 9 أفلام عربية مرشحة لأفضل فيلم أجنبي بالأوسكار

2. المشهد الثاني: خطاب استعراضي أمام أعداء الأمس وأصدقاء اليوم من البريطانيين والأفارقة وموظفي القنصليات. فيقول: "نحن أمة أفريقية مستقلة، وسنكون قوة اقتصادية كبرى، قوة سوداء، هنا حيث أخذ اليونانيون الفلسفة منا، وحيث العرب أخذوا العلوم الأولى منا".

3. وفي مشهد المؤتمر الصحفي الذي نصحه به طبيبه الاسكتلندي لنفي "طحنه لمعارضيه" يقول: "نحن أمة مستقرة"، "نحن أمة متماسكة وأعداؤنا يريدون النيل منا في الداخل والخارج".

كيفن ماكدونالد مخرج فيلم آخر ملوك اسكتلندا قارئ شديد التعمق في الجانب النفسي للدكتاتور، وله عين تقدس تفاصيل المشاهد

هو ذاته، الخطاب الدكتاتوري، في العادة هي مجرد خواطر للزعيم تم بيعها على الملأ منذ عقود، والعجيب أن البضاعة لا تزال تحظى بالرواج في السينما وخارج صالاتها.

هو خطاب قومي يتحدث دومًا عن أمة مستقرة، وفي حالة اقتصادية جيدة، وتسعى للإصلاح، ويتناول قصص مؤامراتية تتربص بالحكم الرشيد.

أما عن كيفن ماكدونالد مخرج الفيلم فهو أحد أهم مخرجي الأفلام الوثائقية التاريخية التي تحكي هذا النوع من التاريخ كان فيلمه "عدو عدوي" عن كلاوس بيربي أحد جنود الجوستابو الذين دبروا مقتل جيفارا.

كيفن ماكدونالد قارئ شديد التعمق في الجانب النفسي للدكتاتور أو السفاح، أو البطل صاحب السيرة الذاتية، قارئ متميز لما يصرح به، وله عين تقدس تفاصيل المشاهد. وهو أحد أفضل مهندسي مشاهد الإثارة والدموية. وكان له عدة أفلام عن "الكارثة" و"السير الذاتية" في مسيرته الفنية.

اقرأ/ي أيضًا:
تارانتينو: لا أعتزم الاستمرار في إنتاج الأفلام
فيلم Wings of Desire.. فيندرز والاحتفاء بالحياة