15-يوليو-2018

27% من الفرنسيين يدخنون بشكل يومي (كينزو تريبويلار/ أ.ف.ب)

ألترا صوت - فريق التحرير

التدخين بين الفرنسيين ثقافة وتقليد، أكثر منه مجرد عادة، لكن الحكومة الفرنسية ترى أنه من أكبر التهديدات التي تواجه الدولة خصوصًا صحيًا واقتصاديًا، فكيف إذًا تحارب الحكومة الفرنسية حُب شعبها للسجائر؟ هذا ما يجيب عنه تقرير نشر بموقع شبكة "CNBC" ننقله لكم مترجمًا بتصرف في السطور التالية:


تحاول الحكومة الفرنسية جاهدة منذ سنوات عديدة، أن تحارب ظاهرة التدخين التي يعشقها الفرنسيون، والباريسيون خصوصًا. ويبدو أنها ستتخذ المزيد من الإجراءات الحازمة للقضاء على هذه المشكلة التي تمثل أحد أكبر التهديدات للدولة على مستويات عديدة، ولاسيما الصحة والاقتصاد.

رغم تراجع عدد المدخنين في فرنسا من 13.2 مليون في 2016 إلى 12.2 مليون في 2017، إلا أنه لا يزال يقتل 200 شخصٍ يوميًا

وتقول وزيرة الصحة الفرنسية أغنيس بوزين، إن التدخين يقتل في فرنسا 200 شخص يوميًا، مشددة على ضرورة الاستمرار في مكافحة التدخين، الذي يعتبر في رأيها "أحد أكبر الآفات التي تهدد الصحة العامة".

اقرأ/ي أيضًا: 5 أشياء ضارة كالتدخين وأكثر.. وقد يكون تجنبها أصعب

وكانت فرنسا في السنوات الماضية قد بدأت باشتراط وضع صورة مقززة على علب السجائر لرئتين مريضتين، إضافة إلى عدد آخر من الإجراءات، مثل الدعم الحكومي لعلاج إدمان التدخين. ويبدو أن الحكومة ستتجه نحو زيادة الضرائب على التدخين بشكل كبير، ليصل سعر علبة السجائر من تسع دولارات إلى 12 دولارًا بحلول العام 2020.

وقد تراجع عدد المدخنين الذين يدخنون بشكل يومي في فرنسا من 13.2 مليون في عام 2016 إلى 12.2 مليون في العام 2017، وذلك وفق آخر الإحصاءات التي نشرتها وزارة الصحة الفرنسية.

يقتل التدخين في فرنسا 200 شخصٍ يوميًا
يقتل التدخين في فرنسا 200 شخصٍ يوميًا

ومع ذلك فإن 27% من الفرنسيين يستمرون بالتدخين يوميًا، وهذه النسبة هي من بين الأعلى في دول الاتحاد الأوروبي، بعد اليونان وبلغاريا فقط. بينما تعتبر نسبة المدخنين في السويد هي الأقل، إذ لا تتجاوز 7% من السكان، وذلك وفق إحصاءات صادرة عن الاتحاد الأوروبي.

ويبلغ عدد المدخنين في العالم أكثر من مليار مدخن، وتزداد النسبة في الدول النامية. في حين أن نسبة المدخنين في دولة مثل الولايات المتحدة، هي 14%، وفقًا لبيانات مؤسسة مراكز الوقاية والتحكم بالأمراض الأمريكية.

وتقول وزير الصحة الفرنسية، إنه "من الضروري أن تنخفض نسبة المدخنين في فرنسا إلى ما بين 15 و16% على الأكثر. لكن هذا الهدف ليس سهل التحقيق في فرنسا، خاصة وأن الفرنسيين قد يعارضون التخلي عن هذه الثقافة الشهيرة في المقاهي المنتشرة في الشوارع والأزقة، والتي تجد بعضها مليئًا بالناس مهما كانت الظروف الجوية، وتجدهم يشربون القهوة ويدخنون السجائر ويتحدثون مع الأصدقاء.

وبما أن التدخين داخل الأماكن العامة قد حظر في فرنسا منذ العام 2007، فإن على المدخنين أن يمارسوا هذه العادة في أماكن مفتوحة، وهنا تمثل المقاهي المنتشرة في الشوارع، ملجأً لهم.

يقول بنيامين غويريو، وهو فرنسي يبلغ من العمر 44 عامًا، إن "التدخين هو أحد متع الحياة، وهو تقليد لا يمكن التخلي عنه بين الأصدقاء". وأكد غويريو الذي يعمل في مجال الاتصالات إنه لا ينوي ترك التدخين: "أنا أدخن منذ أن كان عمري 16 عامًا، لقد كانت متعتنا في اللقاء مع الأصدقاء بعد المدرسة لندخن سيجارة معًا".

أما أخته، سيلفيا غويريو (46 عامًا) فقد أقلعت عن التدخين، ولا تشعر بأي ندم حيال ذلك، مع أنها كانت قد بدأت التدخين وهي في الثانوية، كالعديد من أقرانها في فرنسا. تقول سليفيا: "كان يتوجب علي أن أقلع عن التدخين، لأنه لم يكن لدي خيار. لقد حذرني الأطباء وأخبروني بأني قد أعاني من فشل تنفسيّ إن لم أترك التدخين".

وكانت سيلفيا قد بدأت قبل عامين برنامجًا مع مؤسسة مدعومة من الحكومة توفر دعمًا مجانيًا للمساعدة في ترك التدخين. وتقدم المجموعة جلسات استشارات دورية، وبعض المواد وربما الأدوية التي تساعد على الإقلاع عن التدخين.

تنوي الحكومة الفرنسية زيادة الضرائب على السجائر ليصل متوسط سعر العلبة من 9 دولارات غلى 12 دولارًا في 2020
تنوي الحكومة الفرنسية زيادة الضرائب على السجائر ليصل متوسط سعر العلبة من 9 دولارات غلى 12 دولارًا في 2020

وقد تركت سيلفيا التدخين منذ ذلك الحين، وانعكس ذلك على صحتها بشكل كبير كما تقول: "لقد استعدت حاسة الشم لدي، فصرت الآن أشم رائحة الخبز الطازج من المخابز. كما بدأت بممارسة الرياضة، كالجري والسباحة والجودو، وبهذه الطريقة تغلبت على الإدمان".

ويبدو أن هذا النمط من الحياة صار ينتشر بشكل أكبر بين الشباب الفرنسيين مؤخرًا، والذين يمتلكون وعيًا صحيًا أكبر، إضافة إلى أنهم أكثر اهتمامًا بالبيئة من الأجيال الأكبر.

وظهرت في فرنسا مقاه ومطاعم نباتية وتقدم منتجات خالية من الغلوتين، كما انتشرت محال العصير الطبيعي والتي بات الناس يرتادونها بشكل متزايد. كما ازدادت ظاهرة الموظفين الشباب الذين يتركون تناول وجبة الغداء أثناء العمل، والتي تعد لازمة في الثقافة الفرنسية، من أجل الذهاب إلى النادي الرياضي.

تراجعت نسبة المدخنين بين المواطنين في الفئة العمرية ما بين 18 و24 عامًا إلى 35% في 2017، مقارنة بنسبة 44% في العام 2016

وانعكس هذا التغير في السلوكيات في تراجع أعداد المدخنين الشباب، فقد بلغت تراجعت نسبة المدخنين بين المواطنين في الفئة العمرية ما بين 18 و24 عامًا إلى 35% العام الماضي، مقارنة بنسبة 44% في العام 2016.

تقول إيمانويلا بيغانو، مديرة جمعية مكافحة التدخين الفرنسية، إن "التدخين بات أمرًا لا يثير الإعجاب كما كانت الحال في السابق"، مضيفة أنه حتى لو ظل التدخين أمرًا منتشرًا في فرنسا، فإن الصورة المرتبطة به قد تغيّرت كثيرًا في المجتمع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف انتعشت شركات التبغ الأمريكية في مناطق النزاعات؟

مجتمع السجائر الإلكترونية في مصر.. مُبخّرون لا مدخنون