12-مايو-2018

رغم أنها غير مقننة، إلا أن مجتمع السجائر الإلكترونية في مصر في تضخم مستمر (أسوشيتد برس)

ما يبدأ صغيرًا مغمورًا، وربما أيضًا منبوذًا من "الأغلبية"؛ يكبر وينتشر، ويكسب المزيد من الزبائن/الجمهور/المؤيدين، بالتدريج.. ببطء، لكن بخطة، صحيحٌ أنها غير محكمة تمامًا، إلا أن "الكيف ذلّال" من جهة، والمال يحب الزيادة من جهة أخرى.

يموت حوالي ستة ملايين شخص سنويًا حول العالم بسبب تدخين التبغ، بينهم 600 ألف يموتون نتيجةً للتدخين السلبي

"التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة"، وهذا عهد قُطع على شركات التبغ بالإجبار، الإفصاح عنه والتبليغ به لتستمر هذه الصناعة في أداء عملها للكيف دون حرج أخلاقي، أو بالأحرى قانوني، فالأخلاق نسبية، وهذه الشركات قد بلّغت، ألا فلتشهد الأرقام والبيانات.

اقرأ/ي أيضًا: 5 أشياء ضارة كالتدخين وأكثر.. وقد يكون تجنبها أصعب

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن التبغ يقتل نصف من يتعاطونه تقريبًا، وبشكل عام، يموت بسبب التبغ سنويًا حوالي ستة ملايين شخص حول العالم، ومن المتوقع زيادة الرقم في 2030 إلى ثمانية ملايين شخص. ومن بين هؤلاء، ثمة 600 ألف شخص يموتون نتيجة للتدخين السلبي، أي أنهم غير مدخنين لكنهم يتعرضون لدخان التبغ.

المزيد من الأرقام قد تكون مخيفة، مثل أن 100 مليون إنسان ماتوا بسبب تدخين التبغ بأنواعه ومختلف طرق التدخين خلال القرن العشرين. وغير ذلك من الأرقام عن الاعتلالات والأمراض الناجمة عن تدخين التبغ. وأبرز طرق التدخين بالسيجارة فالشيشة أو الأرجيلة.

لدى البشرية تجربة طويلة مع التدخين، مكّنت من دراسته على عدة مستويات، نفسية واجتماعية وصحية واقتصادية. ورغم أن التبغ، وتحديدًا السجائر، تعد في بلد كمصر، سلعة أساسية، يتعاطاها 20% من السكان بصور مختلفة، يموت منهم ما لا يقل عن 170 ألفًا سنويًا؛ إلا أن التدخين لا يزال في زمرة الأفعال المنبوذة اجتماعيًا بدرجة ما في المجتمع المصري، إذ لا يزال يُنظر إليه، باعتباره خطأ اجتماعيًا وبالطبع دينيًا.

لكن في المقابل، هناك بديل لا يخشى مستهلكوه كثيرًا، الإفصاح عن استخدامهم له. ورغم أن البعض يعدونه من جنس التدخين، إلا أنه ليس كذلك، أي ليس تدخينًا، وإنما "تبخير".

لا توجد إحصائية لأعداد المُبخّرين في مصر، هؤلاء الذين قرروا الإقلاع عن التدخين بالسجائر الإلكترونية أو "الفيب - Vape"، ومن حظهم أنهم وجدوا الكثير ممن وما يساعدهم ويحثهم على ذلك، وإن بشكل غير مباشر؛ فالتجارة الناشئة فرضت نفسها على كثير من موزعي التبغ، مثل متجر "الدخاخني"، أحد أشهر متاجر التدخين في مدينة 6 أكتوبر.

قبل نحو عام، أو يزيد قليلًا، حوّل الدخاخني جزءًا من متجره لأغراض "الفيب". يقول بعض الموزعين الآخرين، إن الدخاخني يستثمر بالملايين في الفيب. يُقسّم المتجر ثلاثة أقسام غير متساوية: الجانب الأيمن للفيب والأيسر للشيشة وفي الواجهة فاترينة صغيرة للسجائر.
ولم يكتف الدخاخني ببيع البضاعة المتراكمة في مخازنه على المتجر فقط، بل يسوق لها أيضًا عبر صفحته على فيسبوك، ويبيع من خلالها. 

ككل ما هو حديث تقريبًا، زبائنه مستخدمون رواد لفيسبوك، الفيب كذلك؛ تجارة عمودها الفقري هو فيسبوك، الذي يشهد يوميًا مئات عمليات البيع والشراء، وربما الآلاف، عبر عشرات صفحات المحال أو التجار الأفراد، أو عبر المجموعات التي تضم عشرات الآلاف من المبخرين.

سُوق السجائر الإلكترونية حُر بشكل كبير. ولا يخضع سوق الفيب في مصر للرقابة الحكومية في أيٍّ من مراحله، لأسباب ربما من بينها صعوبة تصنيفه، لذلك فإن الاتجار في أغراض الفيب، هو أمرٌ غير قانوني في مصر، علمًا بأنه مقنن، بل يُشجّع عليه في بريطانيا مثلًا والولايات المتحدة الأمريكية، ويُقام لمنتجات الفيب معرض سنوي في الصين، وتشتهر ماليزيا بإنتاج بعض أفضل سوائله المتداولة حول العالم، بما في ذلك مصر، بطريق التهريب.

فهمت لاحقًا أن ذلك كان سببًا رئيسيًا في أن القائمين على مجتمع السجائر الإلكترونية في مصر (إن صحت تسميتهم بذلك) يرفضون إجراء المقابلات الصحفية معهم. أخبرني بذلك محمد جمال، الشهير بجيمي: "مش عاوزين العين تبقى عليهم".

يدير محمد جمال صفحة على فيسبوك لاستعراض وتقييم سوائل السجائر الإلكترونية
يدير محمد جمال صفحة على فيسبوك لاستعراض وتقييم سوائل السجائر الإلكترونية

يدير جيمي صفحة على فيسبوك وقناة على يوتيوب لاستعراض وتقييم سوائل السجائر الإلكترونية المصرية. يقول جيمي إن الغرض من صفحته مساعدة المدخنين الإقلاع عن التدخين بالتبخير، ثم مساعدتهم على الإقلاع عن التبخير أيضًا.

آراؤه في بعض أنواع السوائل المُنتجة مصريًا أثارت استياء أصحاب خطوط الإنتاج، والذين يُشكلون ما يُشبه اللوبي. على كل حال قال لي أحدهم، وهو شريف إبراهيم (25 عامًا): "كلنا نعرف بعض، ونساعد بعض، وننافس بعض".

ما هو التبخير الإلكتروني أو الـ"Vaping"

يرفض مجتمع السجائر الإلكترونية وصفهم بالمدخنين، فعمليًا ما يقومون به لا علاقة له بالتدخين. يشرح حسام السيد، أحد المبخرين: "لا يوجد حرق في أي مرحلة من مراحل الفيب، على عكس السجائر". يُجمعون على أنّ الفيب لا يمكن أن يكون بديلًا مشابهًا في الطعم تمامًا للسجائر، لأن ما يُشكل طعم السيجارة هي عملية الحرق للتبغ ومواد أخرى داخلة في صنع السيجارة، بينما في الفيب الأمر مختلف تمامًا. 

"قطن ملفوف حوله سلك، مُوصّل بمصدر طاقة، عندما يسخن يُبخّر السائل الذي تشربه القطن، فيُنتج بخارًا"، يضيف السيد. كثافة البخار تعطي إيحاءً أوليًا بأن خلفه لا شك ضرر مهول، إلا أنّ هذا البخار لا يحتوي على ثاني أكسيد الكربون. وفي النهاية هو بخار موادٍ عضوية، تستخدم عادةً في الأغذية المصنعة.

كما سبق وذكرت، للبشرية تجربة طويلة مع تدخين التبغ، ساعدت في إجراء الأبحاث والدراسات على هذا التدخين ومضاره. لكن الأمر مختلف بطبيعة الحال مع السجائر الإلكترونية، التي زاد انتشارها بدرجة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، بالتوازي مع التطور التكنولوجي عمومًا. 

ومع ذلك، فإنّ أوّل محاولة لإيجاد بديل للتدخين بنفس أسلوبه، كانت عام 1963، على يد الأمريكي هلبرت غلبرت، الذي أراد استبدال عملية التدخين بهواء ساخن رطب مع نكهة، بدون نيكوتين. سجل غلبرت اختراعه، لكن لم يُكتب له النجاح. 

الفكرة الأساسية في كل بدائل التدخين، هي إيجاد طريقة للحصول على النيكوتين بدون حرق. فسيولوجيًا يُدمن الجسد جرعة النيكوتين الزائدة التي يتحصل عليها من السجائر أو الشيشة، ونفسيًا يُدمن الإنسان العادة بكل ما تتضمنها وما يُحيط بها. لذا كانت السجائر الإلكترونية أو الفيب هي الوسيلة الأكثر نجاحًا كبديل للتدخين من لاصقات النيكوتين ولبان النيكوتين وغيرهما؛ إنها تُخرج بخارًا شبيهًا بالدخان، وتعتمد على عملية سحب النفس. ومن هنا انطلق الصينيون في مطلع الألفية لإنتاج النماذج الأولية من سجائر إلكترونية أقرب لما هو متداول الآن.

بدأ الأمر في 2001 مع صيدلي صيني باختراع يُبخّر محلولًا يتضمن النيكوتين. تبنت الشركة التي كان يعمل بها اختراعه، وبدأت بضخه في الأسواق منذ 2004، بعد أن غيرت اسمها إلى "Ruyan".

أول سيجارة إلكترونية من إنتاج شركة "Ruyan" الصينية في 2004
أول سيجارة إلكترونية من إنتاج شركة "Ruyan" الصينية في 2004

سريعًا تطور الأمر كتكنولوجيا وصناعة، حتى أخذ شكله الحالي منذ 2007 على يد البريطانيين عمر وطارق الشيخ، اللذين أدخلا تكنولوجيا سلك التسخين والدائرة الكهربائية.

وسريعًا كذلك تحول الأمر إلى تجارة وسوق يتضاعف حجمه يوميًا بظهور مزيدٍ من العلامات التجارية المُنتجة لأجهزة التبخير الإلكتروني وسوائله. وكالعادة تُسيطر الصين على الحصة الأكبر بلا منازع، إلا بعض المنافسة في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية التي سمحت بتداول الفيب في مجتمعاتها كبدائل ناجحة للتدخين.

سلك تسخين ملفوف على قطنة امتصاص السائل
سلك تسخين ملفوف على قطنة امتصاص السائل

مجتمع الفيب في مصر

في مصر بدأ ظهور التبخير الإلكتروني بالتوازي مع مراحل إنتاجه الأولى، لكن على نطاق ضيق جدًا. وبعد مرور العقد الأول من الألفية الثالثة بدأ الفيب في الانتشار نسبيًا، حتى ثلاث سنوات خلت، اتسعت دائرة انتشاره، وأصبح له سوق معتبرة، ومجتمع نواته مواقع التواصل الاجتماعي.

أول محاولة لإنتاج سيجارة إلكترونية كانت في عام 1963، وأول إنتاج للسجائر الإلكترونية بشكلها الحالي كان في 2007

بخلاف القلة التي بدأت بالتبخير الإلكتروني قبل سنوات أقدم، فإن معظم الذين قرروا ترك التدخين بالتبخير أو غوض غمار التبخير بدون حتى أن يكونوا مدخنين سابقين، جُذبوا لعالم التبخير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال قنوات الفيديو التي تقدم مراجعات وتقييمات لمنتجات التبخير الإلكتروني، وكذلك على المجموعات الخاصة بتداول خبرات التبخير ومنتجاته على فيسبوك، والتي وصل بعضها إلى أكثر من 100 ألف مُشترك.

اقرأ/ي أيضًا: كيف انتعشت شركات التبغ الأمريكية في مناطق النزاعات؟

ما يُشكل مجتمع الفيب في مصر، ويقوده بدرجة كبيرة، التجار، وأحيانًا "نجوم" مجتمع الفيب، وبعضهم يُتاجر في مستلزماته أو يُصنّع سوائله. ويُركّز سوق الفيب على المدخنين كالشريحة المستهدفة بشكل أساسي للتبخير باعتباره بديلًا "أفضل" للدخان. ويستلزم ذلك بطبيعة الحال آلة دعائية وتسويقية تعمل وتتوسع باستمرار، وفي ظل منع السلطات المصرية، أو عدم إصدارها التراخيص اللازمة حتى الآن لتداول منتجات الفيب، فإن الوسائل الأكثر مناسبة وقدرة على الوصول للجمهور المستهدف هي مواقع التواصل الاجتماعي. 

ولذلك يستثمر كثير من تجار منتجات الفيب، أو مصنعي سوائله، في مواقع التواصل الاجتماعي، سواءً بصفحات خاصة بمحالهم أو بمنتجاتهم، أو عبر المجموعات التي تضم عشرات الآلاف، للترويج المباشر فيها أو غير المباشر. وهناك أيضًا المقيمون. يقول شريف إبراهيم، وهو صاحب خط إنتاج سائل تبخير إلكتروني، إنه وغيره من المنتجين لسوائل التبخير الإلكتروني في مصر، يلجأون للمقيّمين لاستعراض منتجاتهم وتعريف جمهور المبخرين بها. وقد استعرض جيمي منتجات شريف إبراهيم.

ورغم أن دولًا كالصين وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والكويت، وغيرها، تسمح بتداول منتجات الفيب على نطاق واسع، إلا أنه في مصر لا يزال الأمر غير قانوني، رغم أن مصر الآن من الأسواق المُعتبرة في عالم التبخير الإلكتروني. "كل يوم يظهر في السوق سائل جديد"، يقول جيمي وشريف والسيد، وأي شخص مطلع على مجتمع الفيب في مصر يعلم ذلك جيدًا. "الأمر مُربح"، يقول شريف، مستدركًا: "لكن ليس كاعتماد أساسي في الدخل". شريف شاب في العشرينات من عمره، يعمل في الهندسة وإلى جانبها في تصنيع السوائل الخاصة بالتبخير الإلكتروني، ويعترف بأنه "عمل جانبي مُربح جدًا".

تدخل كل الأجهزة الخاصة بالفيب إلى مصر عن طريق التهريب. نظريًا تُهرّب، وعمليًا تمر بكافة المراحل التقليدية لدخول أي منتجات على نفس الشاكل إلى مصر، غير أنها تمر بهذه المراحل بشكل غير قانوني. تمر على الجمارك، ويدفع المستوردون رسوم الجمارك عليها، أضعاف ما يُدفع بشكل قانوني، لكن لسماسرة الجمارك. "الكيلو وصل لألف جنيه"، يقول جيمي، إذ يتعامل سماسرة الجمارك مع بضاعة الفيب بالكيلو. أغلب الأجهزة يتراوح حجمها ما بين 150 إلى 250 غم، أي أنه على كل خمسة أجهزة كمتوسط، يدفع المستورد/التاجر ألف جنيه. 

يتسبب ذلك بطبيعة الحال في اضطرابات متكررة في سوق الفيب، ففضلًا عن انعدام أي رقابة عليه، ترتفع أسعار بعض المنتجات فجأة، وتنهار فجأة، وتختلف أسعارها من مكان لآخر. "يعتمد الأمر بشكل كبير على هوى التُجّار"، يقول جيمي، مُستدركًا: "وعلى أوضاع البلد"، يقصد إمكانية دخول المنتجات إلى البلاد، وإمكانية تسويقها وبيعها. جميع المحال التي تعمل في تجارة الفيب، هي في نظر القانون مخالفة، وفي نظر المُبخرين منطقية. "اعتقد أن الحكومة إلى الآن لم تُقنن الفيب بسبب عدم إدراكها لماهيته تحديدًا، وما هو التصنيف الأنسب له!"، يقول حسام السيد.

وعلى كل لا يبدو أن التجار، أو المتحكمين الرسميين في مجتمع الفيب في مصر، يرغبون في تقنين هذه التجارة. مخاوف الضرائب والرسوم ومعوقات استصدار التراخيص والأوراق اللازمة، تحوم كشبح مخيف حول أفكار التقنين في مخيلة التجار الذين تفرغ عدد كبير منهم بشكل كامل لتجارة أجهزة التبخير وتصنيع سوائله.

يقول شريف إبراهيم، بصراحة: "لا نريد للحكومة أن تعرف عنا شيئًا، ولا أن تقنن التجارة، لأن ذلك سيتسبب في خسارتنا كثيرًا. وبعضنا سيغلق". البيروقراطية مخيفة على أية حال، والنماذج تحكي الكثير. لكن أيضًا، لم يُبادر أحد من القائمين على سوق الفيب في مصر، بطرح خطة تقنين مناسبة، مُستلهمة من الولايات المتحدة مثلًا أو ماليزيا أو حتى الكويت. في الكويت تجارة الفيب مُرخص بها تمامًا، وهي من أكبر أسواق المنطقة إن لم تكن أكبرها على الإطلاق. يقول جيمي إن القائمين على مجتمع الفيب بالكويت، من تجار ومقيّمين، قدموا مبادرتهم الخاصة للحكومة التي تجاوبت معها. 

حاولتُ التواصل مع أحد أشهر المقيمين لمنتجات التبخير الإلكتروني في الكويت، ومن المتفاعلين مع سوقه، وهو مساعد التميمي، لكن لم أحصل على رد منه.

إذن، يُمكن القول إن مصر الرسمية، تخسر ملايين الجنيهات كضرائب ورسوم على سوق الفيب، لكن مصر، غير الرسمية، تجبي ما يضاعف ذلك، والجميع مستفيدون، سوى المُستهلك، أكثر المتضررين من اضطراب السوق وانعدام الرقابة تجاريًا وصحيًا، فالعلامات التجارية لسوائل التبخير يتزايد أعدادها يوميًا، وليس ثمة من يُراقب على عملية تصنيعها وعلى المواد الخام المستخدمة. يُقلق ذلك البعض، خاصة وأن معلوماتنا عن آثار التبخير الإلكتروني ضئيلة، إذا ما قورنت مثلًا بما نمتلكه من معلومات عن آثار التدخين.

تواصلت مع عماد عبدالرؤوف، وهو طبيب مصري مختص في أمراض الصدر، لسؤاله عن رأيه الطبي في السجائر الإلكترونية كبديل أكثر صحة للتدخين. لدى عبدالرؤوف وغيره من الأطباء في مصر تخوفات بشأن السجائر الإلكترونية، عبدالرؤوف نفسه يرى أنها ربما تكون أكثر ضررًا من السجائر أو بنفس ضررها على الأقل.

"الأمر طبيعي للوهلة الأولى حين يرون دخانًا كثيفًا، وهو في الحقيقة بخار، وجهاز إلكتروني، وسائل لا يعرفون ماهيته؛ فمن الطبيعي أن يقلق الأطباء"، يقول حسام السيد تعليقًا على رأي الطبيب، وعلى الرأي الغالب إجمالًا لمعظم الأطباء في مصر الذين يُسألون عن السجائر الإلكترونية. "يحتاج الأمر إلى معرفة مسبقة بما تتكون منه عملية التبخير الإلكتروني كلها: الأجهزة وآلية عملها، والسوائل ومما تتركب"، يُضيف السيد.

ينظم مجتمع الفيب في مصر تجمعات لأعضائه للتعارف وعرض منتجات السجائر الإلكترونية من أجهزة وسوائل
ينظم مجتمع الفيب في مصر تجمعات لأعضائه للتعارف وعرض منتجات السجائر الإلكترونية من أجهزة وسوائل

لكن الأمر ليس بهذه السهولة على أية حال. صحيح أن التبخير قد يكون أقل ضررًا نظريًا من الحرق الذي يعتمد عليه التدخين، لكن ماهية ما يتبخر هو الذي يحدد نسبة الضرر في النهاية، وعودٌ إلى قضية الرقابة على الخامات التي تُصنع منها سوائل التبخير الإلكتروني. شريف إبراهيم يقول إنه يستوردها من الخارج، من ماليزيا أو الولايات المتحدة. ومعظم منتجي السوائل يقولون ذلك، ولا يستطيع أحد أن يحكم على صدق ما يقولون، وقد قال البعض إنه ظهرت عليه حالات مرضية بعد استخدامه السجائر الإلكترونية، من بينهم جيمي نفسه الذي قال إنه أصيب بأعراض اتفق معه عليها عدد من متابعيه. ويقول إن سببها سوء بعض الخامات المستخدمة في سوائل التبخير المُصنعة في مصر. وقد تسبب ذلك في إغضاب القائمين على مجتمع الفيب منه، وطُرد من أشهر المجموعات الخاصة على فيسبوك.

على كل، وحدها تجربة السنوات ستكشف لنا آثار السجائر الإلكترونية. صحيح أن هيئة الصحة العامة في بريطانيا دعت إلى اعتمادها كـ"علاج" للتدخين، إلا أن دراسة أمريكية سابقة حذرت منها، بينما دعّمتها دراسة بريطانية لاحقة على الأمريكية بشهور قليلة! كل ذلك قد يفضي إلى واقع أن تجربتنا مع السجائر الإلكترونية أقصر من أن تكون قد خضعت لتقييم شامل يكشف عن كافة آثارها. الأمر ليس كالتدخين حتمًا، والذي صحب البشرية لمئات، وربما آلاف السنين في بعض المجتمعات.

ثمة خلاف طبي حول السجائر الإلكترونية، ففي حين دعت هيئة الصحة العامة البريطانية إلى اعتمادها علاجًا للتدخين، حذرت منها دراسات طبية أخرى!

لكن، من جهة أخرى، يكشف التبخير الإلكتروني عن جوانب أخرى اجتماعية، كطبيعة فاعلية مواقع التواصل الاجتماعي مثلًا، أو عن كيفية سيطرة المال والإنتاج وآليات التسويق، على اجتماع وسلوك، و"إدمان"، مجموعات من البشر/ المستهلكين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

طرق الإقلاع عن التدخين

أضرار المعسل والشيشة